هاتوا الأجانب لإدارة الملاعب

 

أحمد عباس*

أذكر في ستينيّات القرن الماضي، كنت أذهبُ ماشيًا مع بعض الأصدقاء من منطقتنا (العوينة) إلى ملعب الكشافة لمشاهدة مباريات كرة القدم وخاصّة عندما يكون أحّد طرفيها فريق آليات الشرطة (نادي الشرطة حاليًّا) كنت أدّخر ثمن التذكرة التي قد لا تتجاوز المئة فلس، وأحرص عليها، واتحمّل ومن معي مشقّة الذهاب راجلاً وخاصّة في أيام الصيف إلى ملعب الكشّافة الأثير.

كان ملعب الكشّافة هو الملعب الرئيس في بغداد، إضافة إلى ملعب الإدارة المحلّية في المنصور (ملعب نادي الكرخ حاليًّا) وحصل ما يتمناه الرياضيون حين افتتح ملعب الشعب في بغداد، وكذا ملعبي العمارة وكركوك، وبقي العراق بعيدًا عن الطموحات في مجال البنى التحتيّة لقطّاع الرياضة حتى عام 2007 حين قرّرت الحكومة آنذاك بناء ملعب البصرة بعد أن استطاع الاتحاد العراقي لكرة القدم في ذلك الوقت من الفوز بتنظيم خليجي 20 في البصرة، وللتأريخ فإن الاتحاد برئاسة حسين سعيد يُحسَب له ولاتحاده هذا الإنجاز، ثم انطلقت مشاريع بناء الملاعب بعد ذلك فأصبح هناك ملاعب في النجف وكربلاء والرمادي والكوت والناصرية وصلاح الدين وغيرها من المحافظات إضافة إلى منشآت رياضيّة أخرى كانت الرياضة العراقية بأمسّ الحاجة إليها، وأغلب تلك المشاريع حصلت في فترة استيزار جاسم محمد جعفر لوزارة الشباب والرياضة، أصبح للعراق ملاعب ومنشآت رياضية انفقت عليها الدولة ملايين الدولارات بحيث أضحى العراق من طليعة دول المنطقة في ما يملكه من منشآت رياضيّة ولكن البناء شيء وما بعده شيء آخر! فهذه المنشآت تحتاج إلى إدامة وصيانة وقبل ذلك إلى إدارة خبيرة حتى لا تضيع الجهود والأموال بسبب الإهمال أو قلّة الخبرة أو سوء الإدارة.

طلب أحّد مسؤولي وزراء الشباب السابقين حضوري لمقابلته لأمور تتعلّق باتحاد الكرة حينذاك، وفي سياق الحديث، ولأنني مختصّ بالجانب الإداري الرياضي أقترحتُ على الوزير في تلك الجلسة أن تبادر الوزارة إلى العمل على تهيئة كوادر إداريّة وفنيّة لإدارة المنشآت الرياضة التي أنجزت أو التي تحت الإنجاز من خلال اشراكهم بدورات خارجيّة أو استدعاء خبراء من ذوي الاختصاص لفتح دورات لهذه الكوادر حتى تصل إلى درجة من الاتقان تتناسب مع حجم الإنجاز فوعدني خيراً.. ولكن!

يتذكّر لاعبو منتخباتنا الوطنيّة الذين مثّلوا العراق في  سبعينيّات القرن الماضي (أطال الله أعمارهم) أنهم كانوا يلعبون على ملاعب ترابيّة في بعض دول الخليج العربي في الوقت الذي كانت ملاعبنا وعلى قلّتها في ذلك الوقت تكتسب بخضار النجيل الرائع!! فما عدا ممّا بدا؟

بالأمس ونحن نشاهد مباراة الزوراء والقوّة الجويّة على أديم أحدث الملاعب إنجازًا في بغداد رأينا أرضيّة الملعب مُخجلة وبائِسة ولا ترتقي لقيمة وحجم ملعب المدينة هذا الملعب الذي قيل عنه أن أرضيّته من نفس نوع أرضيّة ملعب ريال مدريد!   

مَنْ المسؤول عن هذه الحالة المُخجلة أمام ضيوف عرب وأجانب، بل وقبل ذلك أمام شعب يعشق الكرة ويبذل في سبيلها من المال والوقت والجهد الشيء الكثير؟ نشاهد باستمرار سواءً أثناء الحضور شخصيًّا أم من خلال الفضائيّات روعة وجماليّة ونظافة ملاعب دولة قطر الشقيقة وخاصّة أرضيّة ملاعبها ونظافة ملاعبها سواءً مقاعد الجلوس أو حتى المرافق الصحية فيها.

هل يمكن أن نقارن هذا في ملاعبنا التي تفتقر الحدّ الأدنى من النظافة في جميع مفاصلها ناهيك عن إدامة أرضياتها؟ أقترح أن تستعين وزارة الشباب والرياضة بكوادر أجنبيّة لإدامة وإدارة منشآتنا الرياضيّة لحين تهيئة كوادر عراقية قادرة على القيام بواجبات تلك الشركات وبنفس الكفاءة والحرص ولا بأس من استشارة الإخوة في قطر حول هذا الموضوع حتى نستطيع أن نفتخر بملاعب وأرضيّات صالحة، وكذلك بوجود مقاعد جلوس ومرافق صحية نظيفة.  

في عام 2006 حضرنا افتتاح بطولة كأس العالم في المانيا والتي أقيمت على ملعب (اليانز آرينا) وهو ملعب بايرن ميونخ بين المانيا وكوستاريكا، في الاستراحة بين الشوطين نزل عدد من المعنيين بإدامة الملعب وبيد كُل واحد منهم أداة يدوية للإدامة الفوريّة الآنيّة.

هكذا تعمل الدول وما نتمناه أن نصل إلى هذا المستوى كي نرتقي بمنشآتنا الرياضيّة إلى ما نطمح له وهذا يُمكن الوصول إليه.. وبسهولة.

* أمين السرّ الأسبق للاتحاد العراقي لكرة القدم

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

عهد بعثة فلسطين الأولمبيّة

  أسامة فلفل* وجع الغربة والفراق والبُعد عن الأحبّة والإخوّة والرفاق والأهل والعشيرة ورفاق الدرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *