من دروس مواجهة فيتنام: كاساس يمتلك شجاعة القرار

 

متابعة – علي المعموري

منذ زمن طويل وكرتنا العراقية تبحث عن مدرب يمتلك شجاعة اتخاذ القرار التي تجعله قادرًا على مواجهة الصعاب بروحيّة عالية دون النظر إلى قوّة المنافس وتأريخه، وما يحتوي سجلّه من علامات تفوّق على مستوى القارّة أو على المستوى الدولي، وقد أثبت الإسباني خيسوس كاساس الذي يقود كتيبة الأسود هذه الأيام أنه هو ذلك المدرب الذي نبحث عنه.

أي مدرب آخر غير كاساس كان سيمنح لاعبًا شابًّا كيوسف الأمين فرصة اللعب في مباريات عالية المستوى كأساسي أو كبديل، وقد فعلها الإسباني وكان قراره موفّقًا وشجاعًا وأثمر عن ولادة نجم جديد في سماء الكرة العراقية يتوقّع أن يستمر توهّجه طويلًا بعد أن يتمكّن من تعزيز قدراته وزيادة خبرته مع دعم منقطع النظير من قبل الإعلام والشارع الرياضي.

وأي مدرب آخر كان سيمنح مهاجمه أيمن حسين فرصة أخرى لتنفيذ ركلة جزاء في وقت عصيب بعدما أضاع واحدة قبل دقائق، غير أن كاساس الذي عُدَّ قرارهُ مجازفة مزدوجة فهو من جهة قدّم دعمًا للاعبه ومنحه فرصة تجاوز الوضع النفسي الذي كان سيترتّب عليه اضاعة الأولى ومن جهة أخرى عبّر للجميع عن ثقته بلاعبيه ومعرفته التامّة بقدراتهم وهذه وحدها تكفي لنعرف مقدار الجرأة والشجاعة التي يمتلكها هذا الرجل الذي كان سيتحمّل مسؤولية قراره ويضع نفسه بمواجهة مع الجمهور ومزاجه الحاد فيما لو أخفق أيمن حسين في تسجيل ضربة الجزاء الثانية التي جاء منها هدف الفوز على فيتنام في مباراة كانت صعبة على منتخبنا وفي هذه الجزئيّة تحديدًا تظهر لنا صورة مدرب منتخبنا السابق بيتروفيتش الذي نزل الى أرض الملعب ومنع نفس اللاعب من إعادة تنفيذ ركلة الجزاء أمام عُمان في بطولة العرب وبظروف مشابهة تقريبًا لما حصل في مواجهة فيتنام، وهذا يدعم فكرة الموضوع التي توضّح الفرق بين القرار الجريء والآخر المتردّد والخائف.

وفي سياق متّصل أكد خيسوس كاساس شجاعته في إدارة المباريات وتجلّت في هذه المباراة عندما بدأ بتشكيلة تختلف بنسبة تزيد عن التسعين بالمئة عمّا اعتاد عليه في المباريات السابقة وعن ما كان يتوقّعه الشارع الرياضي في مثل هكذا مباريات، وهو قرار يتطلّب شجاعة كافية لاتخاذه، فالرجل يريد أن يمنح جميع لاعبيه فرصة اللعب والدخول في أجواء المباريات تحسّبًا لما قد يحصل في قادمها من حاجة لبعض العناصر، وكذلك للسيطرة على بعض متطرّفي (السوشيال ميديا) والمتصيّدين في الماء العكر وقد نجح في ذلك على الرغم من وقوع بعض الأخطاء التي نجدها طبيعيّة وتحصل في أي مباراة.

إن الأسلوب التربوي إضافة الى الفني الذي ينتهجه كاساس في إدارة المباريات وفي طريقة التعاطي مع اللاعبين عزّز ثقة الشارع الرياضي بقدراته على انتشال الكرة العراقية من واقعها السابق الى واقع أفضل وفتح المجال واسعًا لبلوغ الهدف الأسمى الذي تم تسميته من أجل تحقيقه وهو الوصول الى نهائيّات كأس العالم 2026 والذي بتنا نتطلّع اليه بكل ثقة ونتفاعل مع خطوات بلوغه بآمال مرتفعة.

استدراك: الشجاعة وحدها لا تكفي لتذليل الصعاب، لكنّها ضروريّة جدًا لتجاوز المواقف الصعبة!  

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

“تحليل كأس آسيا 2023” في مؤتمر مدرّبي المنتخبات

  متابعة/ فوز افتتح في مقرّ الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في العاصمة الماليزيّة كوالالمبور، اليوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *