إياد الصالحي
يعتري مشهد التآزر الجماهيري في منافسات بطولة كأس آسيا قطر 2023 مساحة كبيرة من التوتر اليوم الإثنين بسبب المواجهة الساخنة بين منتخبنا الوطني وشقيقه الأردني في الدور 16، ورغبة الفريقين في مواصلة الدرب نحو منصّة الختام بعدما أثبتت النسخة 18 أن لا كبير في أمم آسيا إلا بعطاء التسعين دقيقة، ولا تصنيف يؤخذ به إلا برؤية الترتيب النهائي بعد فضّ موقعة “لوسيل” في الثاني عشر من شباط المقبل.
ليس من مصلحة العراقيين والأردنيين تبادل التصريحات الناريّة والمُنفعِلة والتهديد بإطاحة الآخر، أو الترويج لأخبار كاذبة تستهدف هزّ المعنويّات ورفع درجة الاستعداد إلى معدّلات سلبيّة عالية تنعكس بالضرر على تماس اللاعبين فيما بينهم طوال مجرى اللقاء المصيري الذي سيحدّد حامل بطاقة الدور رُبع النهائي، وربما تخرج المباراة عن سيطرة الجميع في ظلّ النجاح الباهر الذي سجّله الإخوة في قطر برئاسة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، رئيس اللجنة المنظمة للبطولة، ولا يليق بمنتخبين عربيين أن تُفسِد نرفزة لاعبيهما أجواء العرس القارّي الذي تعيشه الدوحة ونستشعر بغمرة فرح أهلها مع ظهيرة كل يوم ترقّبًا لزحف الجماهير نحو ملاعب المونديال.
كان ولم يزل الإعلام الرياضي الأردني والعراقي السند الكبير لتعضيد المواقف الرياضيّة بين البلدين ولم تسجّل سابقًا أي حادثة تُدحِض قولنا، فلماذا اطلاق التصريحات التي تشبّه مباراة اليوم بـ ( الحياة أو الموت ) بل نريدها حياة مستمرّة بالتحدّيات المشروعة البعيدة عن الضغينة، وفي الوقت نفسه نبارك للنشامى إذا ما واصلوا طريقهم على حساب أسود الرافدين فالاجتهاد يقتضي أن تقتنص أي فرصة تنأى بك عن وداع البطولة، والفوز مشروع للأسود حينما يزأرون من أجل العودة إلى مربّع الكبار ويقبضون على بطاقة التأهّل بجهد عظيم.
لعّل هناك عامل آخر مشترك يدعونا للتفاؤل، فالمدربان “كاساس وعموتة” تصالحا مع الجماهير في الدوحة، فقوّة الصراع في دور المجموعة وحماسة لاعبي الفريقين ارتقت بهما لتحسين صورة الكادر الفني الذي عاش شهورًا من القلق سواء في بغداد أم عمّان وذلك لعدم قناعة كثير من المتابعين المهنيين لصنيعهما مع الأسود والنشامى حتى حملت لهما الدوحة بشائر القبول والثقة وتمسَّك المشجعون المتعصبون بهما ومنحوهما الدعم المعنوي ومضيا بهدوءِ إلى الدور التالي.
ومثلما يطمح موسى التعمري أن ينقل الأردن إلى المستوى الأعلى في الدور القادم ويُراهن على حراكهِ في الثلث الأمامي ومباغتاته التي سيعمد خطّ دفاعنا على إيقافها حتمًا، لدى أيمن حسين المُتحفّز بأهدافه الخمسة النديّة والشجاعة ليكتب اسمه للمرة السادسة وربما السابعة في صدارة الهدّافين ويقطع تذكرة الإياب لزميله التعمري مع رفاقه ليغادروا البطولة، كل تلك الحسابات تحكمها مشروعيّة التنافس النظيف والتحضير الجيّد بروحيّة النصر لامتلاك الملعب والتصرّف بنتيجة المباراة.
يعلم الجميع أن المفاجأة واردة في أية دقيقة، لا سيما أن كلي المنتخبين يعرفان بعضهما، ويحفظان واجبات كل لاعب في الفريق الآخر، ومن المؤكّد أيضًا أنهما دوّنا نقاطًا كثيرة ينتظران معالجتها في المباراة، المهم أن يحرصا على قواعد اللعب ويُمتِّعا الجمهور، فما بينهما تاريخ طويل يُلزمهما أن يكونا أمينين عليه ولا ينساقا وراء تعصّب الجماهير مهما تعالت أصوات غضبها، فمن يُركّز يتدبّر ويكسب بأقلّ عطاء من المتهوّر!