ليلة رحيل عموتة! 

 

رعد العراقي

تفاصيل ربما تكون صغيرة قد تنهي أحلام ورغبات بعض المدربين حين يركنون الى حسابات فنيّة وهُم في وضع نفسي قلق غير مستقرّ نتيجة الضغوط وتعثّر مسيرته التدريبيّة المُثقلة بسلسلة من الانتكاسات والهزائم المتتالية منذ تسنّمه المهمّة ووضعته في موقف لا يحسد عليه.

نتفهّم جيّدًا موقف مدرب المنتخب الأردني الشقيق حسين عموته الذي أدار له الحظ وخذلتهُ خياراته الفنيّة في تطبيق افكاره ونهجه التدريبي عند تصدّره لمهمّة قيادة النشامى فكانت رحلة الإعداد الطويلة مليئة بالنتائج السلبيّة وضعت الكادر التدريبي والاتحاد في حرج وحيرة أمام الشارع الكروي الأردني الذي شعر بقلقٍ كبير وبعضهم رمى باللوم على خطوة تغيير الجهاز الفني بقيادة العراقي عدنان حمد وما حقّقه من تطوّر وطفرة على مستوى النتائج وانتشاله من حالة الاخفاق التي كان يمر بها ونجاحه في آخر اللحظات من الوصول لنهائيّات كأس آسيا الحالية بعد أن كان على حافّة الخروج منها.

كل تلك المعطيات دفعت بعمّوته الى الرهان على ظهور النشامى بوضع أفضل خلال منافسات مرحلة المجموعات في البطولة الآسيوية للخروج من مأزق التراجع المستمر وشاءت الأقدار أن يكون لقاءه الأوّل أمام أضعف فرق المجموعة منتخب ماليزيا فأطلق النشامى العنان لامكانياتهم لافتراسهم بأربعة أهداف كانت كافية لإعادة الثقة للجماهير، ثم تعزّزت بتعادلٍ مثير أمام كوريا الجنوبيّة برغم أن هناك من أشكل على الشمشون الكوري تعمّده بالخروج بالتعادل حين أدرك أن تصدّره المجموعة يفرض عليه مواجهة المنتخب الياباني الذي انهزم أمام العراق وبات في المركز الثاني وهو ما جعل قياس المستوى الفني الحقيقي للمنتخب الأردني في موضع الغموض والشكّ إلا أنه في النهاية جمع أربع نقاط كانت كافية لضمان تأهّله للدور 16 بنسبة كبيرة بغضّ النظر عن مركز تأهّله.

اللقاء الأخير الذي واجه به المنتخب الأردني شقيقه البحريني كانت محطّة تخطيط دقيق وتفكير عميق لما هو قادم في الدوريات الاقصائيّة التي لا تقبل غير تحقيق الفوز للاستمرار بالبطولة، وهو ما دفع عموتة الى أحد الخيارين الأول اجراء مقارنة بين فوز أو تعادل وتصدّر المجموعة ومواجهة المنتخب الياباني لاحقًا وهو من خبره قبل البطولة بلقاء ودّي انتهى بخسارته بستة أهداف يمكن أن تتكرّر بنسبة كبيرة، وبالتالي ستمثل له انتكاسة من المستحيل أن تغفر له الجماهير وسيتحمّل كلّ التبعيّات وأوّلها حزم حقائبه والرحيل في ليلة الخروج من البطولة بخفي حنين. 

أما الخيار الثاني هو استغلال نشوة الشعور بالنجاح بفوز على ماليزيا، وتعادل مع كوريا والترشّح عن المجموعة بمركز يبعدهُ عن اليابان، ومن ثم المراهنة على تحقيق فوز أمام أي منتخب سيواجهه ربّما يمكنه من الاستمرار بالبطولة.

لذلك فإن الخسارة أمام البحرين هي المخرج الأنسب والأكثر ضمانا برغم أن فوز البحرين كان مستحقًّا لا يمكن الانتقاص منه عطفًا على مكانة وقوّة الأحمر البحريني.

تصريح عموته غير المنطقي هو من فرض حقيقة ما ذهبنا اليه حين بيّن عقب الخسارة دون شعورنا بأنه حزين بالقول أنه لجأ الى التشكيلة الاحتياط لإراحة اللاعبين وتجنّب الكروت الصفر والاصابة دون الالتفات الى المركز الذي سيحتله في المجموعة، في وقت تناسى سمعة المنتخب الأردني وتأريخه وأن المنتخبات تجتهد وتنافس لاحتلال الصدارة لإثبات قوّتها أما أن تهرب بإرادتها من تحقيق الفوز وتتخلّى عن زعامة المجموعة وتتحدّث بصراحة عن ذلك فتلك مصيبة لم نشهد لها مثيلًا.

نقول..أمام عموته الآن أسود الرافدين وهو الخيار الذي فضّله بإرادته وسيواجهه بلاعبيه الأساسيين دون كروت أو اصابات وعليه أن يحترس جيًّدا لما هو قادم على أرض الميدان وما سيتبعه من ردّات فعل عنيفة وقاسية إذا ما فشل في اختبار الأسود الذين يمكن أن يطيحوا بكل ما هو مخطّط له على الورق وتعجّل برحيله في ليلة ستكون أشدّ قساوة من الخروج على يد اليابان.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

عهد بعثة فلسطين الأولمبيّة

  أسامة فلفل* وجع الغربة والفراق والبُعد عن الأحبّة والإخوّة والرفاق والأهل والعشيرة ورفاق الدرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *