يعقوب ميخائيل
لا أعرف لماذا تصرُّ بعض وسائل الإعلام، ومعها مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً، على الاستمرار بالشخصنة، ومحاولة تحويل أي خطأ يحصل خلال المباريات إلى مشكلة كبيرة دون أن تعي هذه الوسائل والمواقع أن اللجوء إلى أساليب غير مهنيّة إنما هي إساءة إلى اللاعبين خصوصًا عند وصفهم بمفردات غيرلائقة! بينما الخطأ قد يحدث مع أي لاعب بمختلف المستويات ولا يستوجب (حملات) لا تليق بنجومنا! لأننا لا نرغب، بل نرفض أن يكون (الفيسبوك) خاصّة سببًا في التأثير على معنويات اللاعبين وقد ينسحب على مستوى أدائهم أيضًا!
مهند علي (ميمي) اللاعب الذي عندما شاهدناه للوهلة الأولى وهو يداعب الكرة في صفوف المنتخب إنما أشعرنا بأنه المهاجم الفذ الذي سيخلف (السفاح)!.. بل وعقدنا آمالًا كبيرة على مستقبله مع المنتخب.. ولكن لسوء الحظ أن (ميمي) وللحقيقة نقول لربّما استعجل في قرار الاحتراف، لذلك لم يحقق طموحاته كلاعب يشقُّ طريقهُ في مُقتبل العمر، وفي نفس الوقت لم يستفد منه حتى المنتخب بعد أن توالت عليه الاصابات التي حرمتهُ من العودة للملاعب فترة ليست بالقصيرة.. حرمانُنا من خدمات (ميمي) في أكثر من مناسبة وبطولة جعلتنا نتحسّر على حجم الخسارة التي لحقت بمنتخبنا جرّاء فقدانه لأحّد نجومه الشباب الجُدد! بحيث جعلت كل وسائل الإعلام تترقب شفاء ميمي أملاً في عودته السريعة للملاعب بعد أن ترك غيابه فراغًا كبيرًا في تشكيلة المنتخب!
في الجانب الآخر، وجدنا كصحافة وإعلام أن إصابة (ميمي) إنما كانت أشبه بدرس مفيد برغم قساوته! بحيث بدأ التثقيف إعلاميًّا على ضرورة أن تكون خيارات الاحتراف لا سيّما بالنسبة للاعبين الشباب متقنة وأن تخضع إلى دراسة مستفيضة كي لا تتكرّر مع لاعب آخر بعد (ميمي)!
لقد حصل ما حصل مع ميمي في رحلته الاحترافيّة غير الموفقة! وقد استبشرنا خيرًا بعودته إلى الملاعب، بل أخذ فرصته (المستحقة) مع المنتخب! وقد وقف جمهورنا الوفي دائمًا بجانبه كي يؤازره دعمًا له من أجل عودته إلى الملاعب مُعافى.. وها هو (اليوم) يعود ميمي إلى صفوف المنتخب، بل يحقق (إنجازًا) متفرِّدًا مع زملائه في المنتخب بضمان الوصول إلى المرحلة النهائيّة من تصفيات المونديال قبل دورين أي قبل مباراتين مع (إندونيسيا وفيتنام) من نهاية هذه المرحلة من التصفيات!
لقد نجح (ميمي) في انتزاع الفوز من منتخب فيتنام في الوقت القاتل بهدف رائع جعل حتى مدرّبه الفرنسي فيليب تروسيه (استقال مؤخّرًا من منصبه بعد خسارة فريقه من إندونيسيا بثلاثة أهداف نظيفة) يُجنُّ جنونهُ بحيث لن ينسى تلك اللحظة التأريخيّة طوال حياته وهو يتقبّلها كحُلمٍ وليس حقيقة!! عاد (ميمي) ليُدخل الفرحة في قلوب 40 مليون عراقي ومنهم أكثر من 65 ألف مشجع تواجدوا بشوق على مدرّجات “ملعب البصرة الدولي” ليشاهدوا (ميمي) وهو ينقذ المنتخب من تعادل غريب كاد يلحق بنا لولا براعته في هزّ شباك منتخب الفلبين في آخر 6 دقائق من زمن المباراة!
ست نقاط أغلى من كنوز الدنيا وليس (ذهبًا) فحسب اسهم في صناعتها (ميمي) الذي ملأ قلوبنا فرحًا وسرورًا بعودتهِ للملاعب، وفي نفس الوقت متألقاً ومساهمًا بفاعليّة في تحقيق فوزين على قدر كبير من الأهميّة في تصفيات المونديال.
نقول مع كُل الذي حققه (ميمي) هل يُعقل أن نعود (نُجازيه) بعبارات غير منطقية، بل ومنافية للخُلق الرياضي من خلال اتهامه (بالأنانية) لمجرّد أن الحظَّ رُبّما لم يسعفهُ في تمرير مناولة واحدة لزميله سواء بسبب عدم التركيز أم الاستعجال أم حتى إن كان خطأ وقع فيه، وهي حالة حصلت وتحصل بشكل عفوي مع عشرات، بل مئات النجوم على مختلف المستويات في العالم! لا أبدًا.. ليس إنصافاً أن نلجأ إلى أساليب غير مهنيّة، بل غير أخلاقيّة في التعامل مع نجومنا بهذه الطريقة، وبالذات في هذه الفترة الحرجة والمهمّة من حياة منتخبنا الذي تقتضي المسؤوليّة الوطنيّة أن نقف وبقوّة معه وجميع لاعبينا من أجل تحقيق الهدف الذي طالما انتظرناه وهو حُلم الوصول إلى نهائيّات كأس العالم مرّة أخرى، والله من وراء القصد.