في أمسية من العيار الثقيل .. أسود الرافدين يفغرون الأفواه ويلتهمون غزلان بواليا

 

صلاح الفتلاوي

لم يدر بخلد الكثيرين من عشاق الكرة العراقية ان الأهداف العشرة التي دكّ بها اسود الرافدين شباك المنتخب البحريني في نسخة بغداد من كأس العرب 1966 ستتكرّر لاحقًا بيد أن ذلك ما حصل بالفعل عقب ثماني سنوات وتحديدًا عند فوز كتيبة الأسود خارج الديار على منتخب المكلا اليمني وديّا إلا أن أمسية الثامن عشر من آب عام 1992 جاءت مختلفة تماما عندما قدّم فيها تلامذة المدرب عدنان درجال “كوكتيل” لذيذ في الأداء الفردي والجماعي وضعها في خانة الأمسيات ذات الأمجاد التي لاتنسى، كيف لا وهي التي إلتهم فيها أسود الرافدين خصومهم غزلان بواليا (منتخب أثيوبيا) بنتيجة من العيار الثقيل بلغت 13 هدفًا من دون مقابل جعلت الأنظار وقتها تتّجه صوب مدينة أربد موقع منافسات بطولة الأردن الدولية بنسختها الأولى.

 ذكرى للرحّال

ومن المؤكّد بأن الحكم الدولي الأردني عودة الرحّال سجّل ما أفضت اليه تلك المباراة التاريخيّة في مفكّرته الشخصيّة كحدث نادر وعلامة فارقة ازدانت بها مسيرته مع الصفّارة بعدما أشار الى منتصف الملعب 13 مرّة بالتمام والكمال، بل كاد ذلك الرقم أن يرتفع لولا إلغاء هدف آخر للراحل شرار حيدر. العراقي المتألق لبس ثوبًا قشيبًا ودخل المباراة بشهيّة مفتوحة للتسجيل في وقت مبكّر متجاوزًا المرحلة التقليديّة التي تتضمّن جسّ نبض المنافس واكتشاف نواياه وقياس قدراته حتى وإن كان هذا المنافس غامضًا كغموض المنتخب الأثيوبي الذي لا يحتفظ له التاريخ بإنجاز كبير إلا بلقب كأس أفريقيا قبل ثلاثة عقود من موقعة اربد تحديدًا وإبّان تلك السنون تغيّر الحال والرجال بالطبع لتترنّح “غزلان بواليا” أمام هيبة الأسود في أيسر وصف لما حدث إبّان تلك الأمسية الفريدة.

وإذا كانت رياح المدّ الهجومي لأسود الرافدين قد عصفت بالحصون الأثيوبية وبعثّرت تنظيمها فإن دفاعاتنا من جانب آخر قد نسفت أي تطلّعات للمنتخب الأفريقي بالوصول الى مرمى عماد هاشم، بل حوّلت المهاجمين الى اشباح لم تقوَ على تشكيل أية حالة اندفاع يمكن أن تستفزّ لاعبينا الذين سجّلوا ومضات مُشرقة تكلّلت بجماليّة الأداء وتنويع طرائق اللعب، ناهيك عن تنفيذ الجمل التكتيكيّة بانسجام تام بما أعطى الإيحاء لمشاهدة مجزرة أهداف وهو ما حصل في النهاية.

شريط التفوق

الساحر الراحل أحمد راضي وما أدراك ما أحمد، فالرجل استثمر مهارته في الاجتياز الأرضي والانقضاض الهوائي ليزرع بمفرده خمس كرات في الشباك الأثيوبية بطرق مختلفة، وتشاء المصادفة أن يفتتح الساحر سيل الأهداف ثم يختتمه (الدقائق 4 و32 و55 و77 و90 ). أما زميله ليث حسين فقد أوقد شرارة التألّق الشخصي بوقت مبكّر جدًّا لينقش اسمه في سجل هدّافي المباراة مرّتين في غضون دقيقتين فقط لم يلتقط خلالهما الأثيوبيون الانفاس ( الدقيقتان 5 و 6 ).

سعد قيس سلطنة في الأداء ومهارة تتمرّد على الوصف لم يخرج من الموقعة إلا وفي جعبته هدفين ناصفهما بين شوطي المباراة (الدقيقتان 36 و89 ) حبيب جعفر الفنان عازف الألحان وقاطع المسافات الحسّان ترك من جانبه بصمتين مناصفة بين الشوطين كما فعل زميله سعد (الدقيقتان 16 و 72) مهدي كاظم المهاجم برداء عداء كان حاضرًا أيضًا في أول مباراة له مع كتيبة الأسود ليستأثر بالهدف الحادي عشر (الدقيقة 80) .

أما البديل نعيم صدام فأكد بأن سباق الهدّافين لا يتوقّف على المهاجمين فقط، ليقدّم نفسه ثالث لاعب خط وسط يدرك الشباك الأثيوبية في تلك المباراة المجنونة (الدقيقة 74) .

الأهداف الـ 13 كانت بعدد اللاعبين الذين شاركوا في تلك المباراة وهُم: عماد هاشم وسمير كاظم والمرحوم كريم سلمان والمرحوم شرار حيدر ومحمد جاسم وحبيب جعفر وسعد قيس وليث حسين (صباح جعير) ومهدي كاظم وأكرم عمانوئيل (نعيم صدام) والمرحوم أحمد راضي. 

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

باريس تفتتح الأولمبياد بمسيرة نهريّة وإجراءات أمنيّة مشدَّدة!

  متابعة – فوزعدسة / قحطان سليم  احتفت العاصمة الفرنسيّة باريس أمس (الجمعة) بإيقاد شعلة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *