حربي يُعقب على مقالة عبد المهدي

لا حلّ إلا بتبنّي مشروع إعادة هيكلة الرياضة العراقيّة ومؤسّساتها!  
بغداد/ فوز

تعقيباً على ما جاء في مقالة الدكتور باسل عبدالمهدي “الأكاديمي المتخصِّص في السياسة الرياضيّة” المنشورة في جريدة (فوز) يوم الثلاثاء 14 أيار 2024، تحت عنوان (التنظير ومساراته.. خليّة الأزمة ومهمّاتها في إصلاح المنظومة الرياضيّة) وردنا الرأي الموضوعي أدناه من الأستاذ حسين جبار حربي “المختصّ في شؤون الأنظمة واللوائح الرياضيّة” ننشره لما فيه من مصارحة واقعيّة تتماهى مع مصلحة الرياضة العراقيّة في الوقت الراهن وهي تعاني مشكلات عدّة نتيجة سياسات بعض مواقعها القياديّة التي انحرفت بعيدًا عن أهدافها الموثقة في الدستور الوطني والميثاق الأولمبي العالمي:

في قراءة عاجلة لمقدّمة ما جاد به فكركَ النيّر، استوقفتني فيه مفردة (التنظير) التي يسوقها البعض كتُهمة! وهؤلاء وكما أجدت في وصفهم (جهلة وأصحاب مصالح وأجندات خاصّة) لا يفهمون أن اللائحة الأسمى للأولمبيّة الدوليّة بعد الميثاق الأولمبي وهي ( لائحة الأخلاقيّات ) تشترط على جميع الأطراف الأولمبيّة – ومنها طبعًا-  اللجان الوطنيّة وضع سياسة عامّة للرياضة في بلدانها تتضمّن رؤيتها ورسالتها وسياستها المتمثلة بأهدافها الأستراتيجيّة للرياضة وهي مُقاربة، بل ومطابقة في أغلب أطرها العامّة لما ورد في الميثاق الوطني العراقي للتربية البدنيّة والرياضة.

الأمر الآخر إن هؤلاء الجهلة والفاسدون لا يفقهون أبجديّات إدارة الرياضة وبعضهم يتعامل مع الرياضة العراقيّة على أنها (بقرة حلوب) يعتاش على سرقة أموالها والتمتّع بملذّات سفرها ومغانِم جوائزها دون أدنى حسٍّ وطنيٍّ أو ذرّة شرف مهني!

كيف لهؤلاء أن يفهموا معنى (السياسة العامّة للرياضة) التي سبقتنا دول متحضّرة في وضعها ضمن قوانينها الرياضيّة الوطنيّة وهي أيضًا ذات التوجّهات التي وردت في الميثاق الوطني العراقي للتربية البدنيّة والرياضة ولعلّ أقرب هذه التجارب لنا اليوم التجربة الإسبانيّة في التشريع الرياضي بحُكم أننا نريد أن نتعلّم منهم إدارة الرياضة عامّة، ودفعنا أموال عراقيّة طائلة لنتعلّم من الإسبان كيف ندير (دوري نجوم كرة القدم العراقي) دون علم لمن تبنى هذا التوجّه أنه لا يمتلك الأطر القانونيّة التي يجب توفرها قبل البدء بهذا المشروع الطموح، فضلاً عن عدم توفر إدارات أندية وموارد بشريّة وطنيّة قادرة على استيعاب آليات العمل وإدارته بدقة واحترافيّة وجميع هذه التفاصيل تدخل في إطار السياسة العامّة للرياضة.

فيا ترى لو كُلّف هؤلاء بكتابة سياسة عامة للرياضة العراقيّة، هل سيجيدون كتابة سطر واحد ممّا تكتب؟

قراءتي العامّة لمقالك اليوم وما سبقهُ لجنابك الكريم وفق تحليلي المتواضع كانت كالآتي:

في المقال الأوّل الخاص بالميثاق الوطني العراقي للتربية البدنيّة والرياضة حدّدتَ فيه السند القانوني في الدستور العراقي لبناء سياسة عامّة للرياضة ووضعتَ الأهداف العامّة الثمانية للميثاق مدعومة بالأهداف السبعة للتربية البدنيّة والأنشطة الرياضيّة أي الرؤية العامّة ومن ثمّ الأهداف التفصيليّة أما ما يخصّ الرياضة فقد وضعت الأطر العامّة لمهام الأولمبيّة الوطنيّة مع التركيز على نقطة بالغة الأهميّة في أن ممارسة الرياضة داخل المؤسّسات التعليميّة والتربويّة يجب أن توضع لها قيم وأهداف تتناغم مع القيم والأهداف التربويّة لهذه المؤسّسات، وفي ذات الوقت تحقق حالة الانسجام التام مع المُثل الأولمبيّة وذلك هدف تسعى المنظّمات الدوليّة لتحقيقه ومنها الأمم المتحدة كمثال في برامجها الخاصّة باستثمار شعبية الرياضة لتعزيز حقوق الإنسان أو لدعم الوعي البيئي.

استوقفني كثيراً تشخيصك المهني الراقي لأشدِّ العِلل فتْكًا برياضتنا عندما تناولت (الديمقراطيّة العليلة) والشروط والمواصفات (المعايير) التي يفترض توفرها لدى شاغلي المواقع القياديّة في الهيئات الرياضيّة الوطنية.

وهنا نتساءل: كيف وصلت تلك الاسماء لهذه المناصب؟ ففي الأندية الرياضيّة يتم تحديد الهيئات العامّة وشروط عضويّتها وأحيانا التلاعب باسماء المُنتمين لها لغرض أن تفرز انتخاباتها اسماء محدّدة! وتلك عمليّة علاجها ليس بالصعب ولا المستحيل.

أما بالنسبة للاتحادات الرياضيّة فلو طبّقنا المعايير الدوليّة التي تعتمدها دول عدّة في وضع شروط للهيئات العامة لها فلن نجد أي اتحاد رياضي عراقي يمكن وصفه بالوطني، وذلك ليس قدحًا في وطنيّة الاتحاد، بل وصفاً لوضعهِ الحالي، فدول العالم ومنها – على سبيل المثال-  فرنسا التي أنجبت (بيير دي كوبرتان) واضع الميثاق الأولمبي ومؤسّس الحركة الأولمبيّة الحديثة يمكن فيها تأسيس اتحاد رياضي لأي لعبة كانت استنادًا إلى قانون الجمعيّات الفرنسي، لكن لا تعطي وصف الاتحاد الرياضي (الوطني) إلا إذا كانت هيئته العامّة تعتمد التمثيل النسبي السكّاني تضاف له مقاعد على أساس الفرق المعترف بها من قبل الاتحاد والمرخصة من قبل الدولة في كُل منطقة، وبالتالي فإن الهيئة العامة للاتحاد الوطني تمثل الوطن الفرنسي بأكمله وعلى هذا الأساس تعطى هذه الاتحادات صفة (النفع العام) وهذا الحال ينطبق على الأولمبيّة أيضًا.

فيا ترى لو أردنا أن نطبقه على اتحاداتنا أو أولمبيّتنا هل يمكن أن نعطيها وصف (الوطني) وهذا الحال العليل ينطبق على النقابات والاتحادات المهنيّة أيضًا وليس محصورًا بالهيئات الرياضيّة.

أي أننا وكما تفضّلت جنابك في فقرة معالجة أحوال الإنجاز نحتاج لأجل معالجة نتاج الديمقراطيّة العليلة إلى تبني مشروع إعادة هيكلة الرياضة العراقيّة ومؤسّساتها بشقيها الحكومي المتمثل بالوزارة القطاعيّة ودوائرها ومديريّاتها والمدني متمثلاً بالأندية والاتحادات والأولمبيّة والبارالمبيّة.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

باريس تفتتح الأولمبياد بمسيرة نهريّة وإجراءات أمنيّة مشدَّدة!

  متابعة – فوزعدسة / قحطان سليم  احتفت العاصمة الفرنسيّة باريس أمس (الجمعة) بإيقاد شعلة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *