تقييم مشاركة منتخب العراق في كأس آسيا 2023

 

تواضع غير مبرَّر في منظومة الدفاعات العراقيّة

الحلول التكتيكيّة بحاجة إلى وجوه جديدة

تمرَّدَ “كاساس” على نفسهِ كثيرًا ليُعالج هذا الخطأ

من أوّل اختبار حقيقي بانَ ضُعف “عدنان” بمركزه الجديد

يتحمّل “العماري” مسؤوليّة هدف “النعيمات” بالكامل!

المغامرة بميرخاس في مركز الظهير الأيمن غير مجدية!

 

(الحلقة الأولى)

كتب – د.كاظم العبادي

بعد أن انتهت مهمّة منتخب العراق في كأس آسيا 2023 واسدلت ستارة الختام على البطولة، حان وقت التقييم، فقد قضيتُ وقتًا طويلًا في مُراجعة ملفّ العراق في هذه البطولة،وسأضع أمام الرأي العام العراقي تقريري المفصّل في خمس حلقات تتناول جوانب فنيّة كثيرة متعلّقة بأمور المنتخب العراقي، وسأركّز في الحلقة الأولى على الجانب الدفاعي للمنتخب.
قبل انطلاق كأس آسيا 2023 ذكرتُ في وسائل إعلام مختلفة أن المنظومة الدفاعيّة فيها خللًا كبيرًا سيؤثّر سلبًا على أداء المنتخب العراقي، وأظهرت البطولة صحّة كلامي وأشرت إلى أين الخلل؟
ضمَّ مركز قلب الدفاع (4) لاعبين من أصل (5) أعمارهم إما تتجاوز أو تناهز الثلاثينيّات (لن تخدم بناء منتخب العراق الجديدم، وستقبله) وضم لاعب واحد واعد هو زيد تحسين، أهمل سنة كاملة دون عناية ولم يكتسب خبرة مناسبة كي تتوهّج امكانيّاته في البطولة، فتأخّر نضوجه!
ان كل من أمير العماري، أسامة رشيد، أحمد علي، ليس أي واحد منهم يمتلك مواصفات لاعب وسط مدافع. اللاعب الوحيد المتواجد مع المنتخب والذي كان ممكن أن يشغل هذا المنصب، هو اكام هاشم (علمًا أنه قلب دفاع) لكنّه لم يُجرَّب لا قبل البطولة ولا خلالها! هذا المركز الذي برز فيه ناطق هاشم وقصي منير ومهند محمد علي ونعيم صدام، يمثل ثغرة واضحة لم تُعالج من قبل كاساس.
تمرَّدَ كاساس على نفسهِ كثيرًا ليُعالج هذا الخطأ، بوضع لاعب وسط مهاجم مثل العماري ليتحمّل العبء الدفاعي، أيضًا، جاءتهُ فكرة إسناد هذه المهمة للاعب في مركز قلب الدفاع، وهي فكرة غير جديدة على المدرّبين. لجأ كاساس بوضع لاعب مدافع وهو فرانس بطرس والذي لا أعتقد أن يكون له أي دور أساس في مركزي قلب الدفاع أو الظهير الأيمن مع منتخب العراق لأسباب مختلفة، لكنّه اختاره لهذا المركز ونجح أمام اليابان! ولم يتمسّك به كثيرًا واستعان به لفترة مؤقتة.
أما صدفة ورُبما أن كاساس قد قرأ النهج الذي اتبعه المدرب الاسكتلنديّ داني ماكلنن مع منتخب العراق، وقد أشّرتُ في مرّات كثيرة إلى وجود تشابه بينهما. سبق لـ “ماكلنن” أن اختار دكلص عزيز وهو لاعب عُرف طول تاريخه الطويل الزاهر كلاعب قلب دفاع إلى جانب عبد كاظم حيث حوّله إلى لاعب وسط مدافع في بطولة كأس الخليج الرابعة 1976 بالدوحة، وفعل كاساس شيء مُشابه مع فرانس بطرس الذي لعب في مركز قلب دفاع وشارك ضد اليابان بمركز جديد كلاعب وسط مدافع في كأس آسيا بالدوحة.
ماذا حصل من أخطاء دفاعيّة خلال البطولة؟:
على الرغم من وجود أخطاء دفاعيّة كثيرة، احتاج إلى أشهر لتحليلها وعرضها، لكنني سأكتفي فقط بمراجعة الأهداف التي دخلت مرمى المنتخب العراقي. والسبب الأساس: يمنحني هذا التحليل لأقول لمجتمعنا إن كنتُ مُحِقٌ في كلامي أم لا، لنقرأ:

* مباراة إندونيسيا
اختيار علي عدنان (تحت نظريّة مالديني) كان خطأ استراتيجيًّا يتحمّله كاساس، ومن أول مباراة وأوّل اختبار حقيقي لدفاعاتنا ينكشف فيه ضعف علي عدنان بمركزه الجديد (قلب دفاع وعمرهُ فوق الثلاثين) يفشل علي عدنان في أوّل مباريات العرق ضد إندونيسيا في الدفاع واحد ضد واحد ويتوقّف من دون متابعة حقيقة من اجتازه، لتستمرّ الهجمة، وتتكاثر الأخطاء حيث لم يحسن ميرخاس دوسكي من قطع الكرة، ويفشل سعد ناطق في ابعاد الكرة لتدخل هدف في مرمى العراق، هدف يتحمّل مسؤوليّته ثلاثة مدافعين!

* مباراة اليابان
يتحمّل جلال حسن وحده مسؤوليّة تسجيل اليابان هدفها اليتيم في مرمى العراق، خروج غير موفّق عن مرماه أثر ركلة ركنيّة، ترك الهدف دون تغطية من مدافعيه مع عدم قدرته على الوصول إلى الكرة في تقدير غير صحيح، لتسجّل اليابان هدفًا سهلاً للغاية من دون جهود عظمى! لكن للتأريخ، باستثناء هدف إندونيسيا في مرمى جلال فإنه إما يتحمّل المسؤوليّة كاملة أو جزء منها في أهداف الأردن الثلاثة، فمثلاً هدف الأردن الثالث، هو من مرّر كرة طويلة لا على التعيين خاطئة في منتصف ملعب العراق لتُلتقط ويُبنى منها هجمة يُسجل منها نزار الرشدان هدف إقصاء العراق. نبّهتهُ كثيرًا باللعب والتمرير مع المدافعين بدلًا من رمي هذه الكرات الطائشة!
ربّما يُسأل جلال بعض الشيء عن هدف الأردن الأوّل حيث حاول التصدّي لمهاجم الأردن يزن النعيمات، لكنّه رمى بنفسهِ في وقت مبكّر قبل أن يُسدّد الأخير كرته إلى المرمى الخالي، ويلومه البعض على عدم إبعاده للكرة بشكل صحيح لهدف الأردن الثاني، لكنّني أرى عكس ذلك حيث تصدّى جلال بصعوبة لتسديدة التعمري ومن سوء حظّه أن تبلُغ الكرة يزن النعيمات ليُسجّل منها الهدف (سُجّل في مرمى العراق 7 أهداف في 4 مباريات، 5 منها في مرمى جلال الذي حرس العرين العراقي في مباريات إندونيسيا واليابان والأردن، و2 منها في مرمى أحمد باسل الذي حرس المرمى العراقي في مباراة واحدة ضد فيتنام).

* مباراة فيتنام
الهدف الأوّل أمام فيتنام، قلبي الدفاع – لم يُحسن الفريق العراقي تنظيم نفسه والدفاع أمام ركلة حُرّة نفّذت من الجهة اليمنى للملعب إلى داخل منطقة الجزاء لتُكمَل في المرمى! تم اختراق قلبي الدفاع غير المُنظّم بسهولة، لم اشاهد تنظيم، ولم أر أي حديث بين حارس المرمى ومدافعيه لتدارك الأمور قبل تنفيذ الركلة، فالأمور كانت تسير على البركة من دون اهتمام دفاعي كبير، وسبق الهدف من الجهة المُعاكسة هدف مُلغى، هدف مُعاكس بقدم زيد تحسين تم استهداف منطقة قلب الدفاع!
لم يكن الهدف الثاني لمنتخب فيتنام ضد العراق يختلف كثيرًا عن الهدف الأوّل، تم اختراق قلبي الدفاع وإسقاط كرة خلف قلبي الدفاع ما بين آخر مدافع والحارس أحمد باسل، وتم التسجيل منها، جاء الهدف هذه المرّة بطريقة اختراق وليس من كرة ثابتة!

* مباراة الأردن
لم أتوقّع أن يقع لاعب الوسط أمير العماري بخطأ بدائي في منتصف الميدان، يمرّر كرة خاطئة إلى يزن النعيمات والذي ينهيها في المرمى. يتحمّل العماري مسؤوليّة هذا الهدف بالكامل، عذرهُ الوحيد أنه ليس (لاعب وسط مدافع) لكن أيضًا دفاعات الفريق لم تكن مُنظّمة في هذه المباراة وأنقذ جلال مرماه من بضعة انفرادات أردنيّة.
أما هدف الأردن الثاني، فكان آخر بُرهان على طروحاتي قبل وأثناء البطولة بأن علي عدنان لا ينفع في مركز قلب الدفاع، تمّت الاستعانة به لخبرته، لكن مستواه لا يسمح له بالتواجد مع المنتخب العراقي، تسبّب في عرقلة لاعب الأردن نزار الرشدان (ركلة جزاء، كان ممكن احتسابها لو لم يتمّ التسجيل من الهجمة) وفشل في إبعاد الكرة في المرّة الثانية لتُسرق منهُ ويُسدّد التعمري كرته التي على إثرها تم تسجيل الهدف بعد ارتدادها من جلال.
أكثر من مرّة أشرت إلى أن الفريق الأردني يتميّز بالتسديد والتسجيل من خارج منطقة الجزاء، أسفًا، لم يكن الفريق العراقي جاهزًا لذلك أو مانعًا لهذا الأمر – المُشكلة في الفريق العراقي أنه لا يقدّر انعكاس هذه الكرات الطويلة السلبيّة على الفريق، حذّرتُ كثيرًا الحارس وقلبي الدفاع من لعب الكرات الطويلة، لكن هذا الكلام لم يُستمع له فقدّم جلال كرة تبنّاها واستفاد منها الفريق الأردني ليبني منها هجمة منظّمة تنتهي في شباكه وتتسبّب في خروج العراق من كأس آسيا!

* وماذا بعد؟
لا يمكن لهذا التواضع العراقي في الدفاع أن يستمر!! سنظلّ نعاني وسنُعاقب مستقبلًا إذا ما استمرّينا بهذا النهج، الحلول كثيرة، لكن أهمّها أننا نحتاج لوجوه جديدة وحلول تكتيكيّة مختلفة.
الأولويّة: أن يقوم كاساس فورًا بالبحث عن أكثر من لاعب وسط مدافع، وأمامهُ لاعبين جيّدين مثل كرار محمد، سومر الماجد، اكام هاشم وغيرهم، عليه أن يبحث ويؤهّل لاعبين مناسبين لهذا المركز، كما نحتاج إلى لاعب شرس، لاعب يتنمّر على منافسيه، لاعب يقتل الهجمات المضادّة، لاعب يحمي دفاعات العراق، قادر على استعادة الكرات التي تُقطع منّا في منطقة الوسط، يُصلِح أخطاء زملائه، لاعب يهدّد المنافس ويحمي الدفاع، يتواجد دفاعيًّا وهجوميًّا ويقطع مسافات طويلة في الجري أثناء المباراة.
بدون أدنى شك، أفتقد العراق في كأس آسيا جهود اللاعب ألكسندر اوراها في وسط الميدان.
العراق في أشد الحاجة إلى إيجاد جيل جديد من المدافعين، لاعبين مثل ادم طالب، يوسف الامام، رومان دولاتشي، حمود مشعان وارتين وغيرهم نحتاج دمجهم مع المنتخب في كأس العرب وتصفيات كأس العالم الأوليّة إلى جانب الإبقاء على سعد ناطق وريبين سولاقا فقط من المدافعين في مركز قلب الدفاع (من مثل العراق في كأس آسيا).

نحتاج إلى تعديل تكتيكي وهذا الأمر يحتاج إلى تنفيذ نوعين من الحلول:

أولا – التزام الحرّاس والمدافعين بتمرير الكرات فيما بينهم، ومنع تمرير الكرات الطائشة الطولية منعاً باتًّا ومن لا يلتزم عليه ترك المنتخب!

ثانيًا) إلى جانب الأسلوب الحالي الذي يرتكز على وجود (4) مدافعين، يحتاج كاساس أن يجرّب وجود (3) مدافعين في القلب و(5) لاعبين في الوسط، ربما سيقال عنه أنه سيستعيد أاسلوب كاتانيتش وهو أمر مرفوض عند البعض، لكنّه يبقى أسلوب ممكن الاستفادة منه في مباريات حسّاسة. أيضا، ممكن الاستفادة من أسلوب عموتة مع الأردن بوجود (3) مدافعين في القلب و(4) لاعبين في الوسط وهو أسلوب يختلف نوعًا ما عن أسلوب كاتانيتش، لكنه يحتاج إلى لاعبين في القلب قادرين على تغطية مساحات كثيرة ولا يصيبهم الإرهاق بسرعة.

أخيرًا ، لم أشر إلى اللاعبين من مثّل العراق في مركز الظهير، لكن نحمد الله إننا نمتلك لاعبين مميّزين في هذه المنطقتين، وأيضًا على كاساس عدم المجازفة في اشراك ميرخاس في مركز الظهير الأيمن، فمركزه هو ظهير أيسر وإبقاءه في هذه المركز مهم ويكفي المغامرة غير المُجدية، وهناك أكثر من لاعب جيّد يستحقّ التواجد إلى جانب حسين علي كلاعب ظهير أيمن.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

باريس تفتتح الأولمبياد بمسيرة نهريّة وإجراءات أمنيّة مشدَّدة!

  متابعة – فوزعدسة / قحطان سليم  احتفت العاصمة الفرنسيّة باريس أمس (الجمعة) بإيقاد شعلة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *