تأثير “الميديا “

سامر الياس سعيد

في السابق كانت وسائل الإعلام لا سيّما الصحافة المقروءة تجند وسائلها وخبراتها في إبراز قدرة فريق على آخر، وقدرته على تحقيق الفارق لا سيّما من خلال بحث الصحافيين والكتاب عن المواجهات السابقة وإبراز لغة الأرقام التي بإمكانها أن تسهم في الكشف عن حقيقة الفريق ومدى قدرته على تحقيق الفوز على منافسه في المواجهة المُرتقبة.

ولم تكن تلك الوسيلة مناسبة في الكثير من المواجهات فلغة الأرقام لم تكن لها القدرة على معرفة مدى تطوّر فريق محدّد وإمكانيّة قدرته على مواصلة نتائجه المقروءة بحسب تلك الطريقة، فضلاً عن مدى قدرة الفريق الآخر على تحقيق المفاجأة من خلال كسر حاجز لغة الأرقام والتحليق بسبب جزئيّات بسيطة في فارق اللعبة لترجيح كفة فريق على آخر .

أما اليوم، فمن خلال متابعتي لوسائل التواصل  أصبحت المعادلة المتبوعة في وسائل الإعلام أيام الصحافة المقروءة تتخذ اشكالاً محدّدة لإخافة الفريق الآخر وبثّ الرُعب في دواخل لاعبيه لتحقيق النتيجة المناسبة، واليكم جانب من تلك الوسائل المتبوعة التي لم تعد تحترم الخصم أو المنافس وتجعلهُ بزيّ المرعوب والخائف من المواجهة، فقد انتشرت على مواقع التواصل فيديوهات قصيرة مقتبسة من أفلام الكارتون المشهور للفار والقط “توم وجيري” حيث تمّت الإشارة اليهما بشعاري فريق ريال مدريد والمنافس بروسيا دورتموند قبيل انطلاق المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، وكم كان المنظّر يُرسّخ ثقافة هجينة أساسها التنمّر والضحك على الخصم من دون أي مُراعاة لمشاعر الفريق الألماني الذي نجح بتجاوز فرق مهمّة ومميّزة للوصول إلى المباراة النهائيّة، وكم كان تأثير تلك الفيديوهات أعمق لو كان المتابع أطفال دون سنّ تحدّد لهم احترام الخصم  والطاعة ومحبّة الآخر بدلاً من ترسيخ ثقافة إنشاء فريق الرُعب مثلما هو الحال مع فريق ريال مدريد .

كما برزت في مواقع التواصل مقاطع أخرى تدعو للضحك لسياسة أحّد أبرز أندية إسبانيا وهو نادي برشلونة من خلال التهكُّم على رئيسه لابورتا أو الكثير من مقاطع الفيديو التي أبرزت خروج الفريق المذكور خالي الوفاض للموسم الحالي من دون تحقيق الألقاب والكؤوس التي ثابر لاقتناصها على مدى السنوات السابقة .

وأشير لاختفاء المُتعة طالما كانت مثل تلك الفيديوهات تسخر وتتنمّر وتقدّم محتوى غير لائق بأهداف ومعايير الرياضة التي نتمناها، فلا بدّ بكل الأحول من احترام الخصم، فلو رجعنا للواقع كان فريق بروسيا دورتموند فريقاً مثابرًا  في المباراة النهائيّة وأحرج منافسه الريال في أكثر من مرّة، لكن الخبرة في النهاية هزمت فريق المثابرين من أرباب الفانيلة الصفراء المميّزة وقد كانت مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا مثاليّة بالمقارنة مع المباراة التي جرت في نهائي دوري أبطال أوروبا والتي جمعت فريق ليفربول بريال مدريد وكانت انعطافتها تعرّض لاعب ليفربول محمد صلاح لإصابة بليغة بسبب التحام مع مدافع الريال آنذاك سيرجيو راموس، فكانت خطط المدرب كلوب تتراجع أمام المدّ الريالي إلى جانب ارتباك الحارس الخاص بنادي ليفربول، فلم تكن هنالك فيديوهات تؤرشِف لتلك الحالة بالمُقارنة مع ما تعرّض له دورتموند هذا الموسم بسبب اكتساح “السوشيال ميديا” للأجواء، وعوّل الكثيرين من أرباب المتابعة لهذه المواقع على رؤية الكثير من الفيديوهات التي بثت لتمرير رسالة عدم الاحترام وتمرير ثقافة التنمّر غير اللائقة من دون وجود أي معايير تمكّن المتابع من احترام المنافس ورفع القبعة له على ما قدّمه من مجهودات أحرجت فريق الريال في الكثير من محطّات المباراة .

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

عهد بعثة فلسطين الأولمبيّة

  أسامة فلفل* وجع الغربة والفراق والبُعد عن الأحبّة والإخوّة والرفاق والأهل والعشيرة ورفاق الدرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *