بعد 48 سنة، الدوحة ما بين منتخبي ماكلنن وكاساس

 

  • العراق يُظهر للعالم فريقه الجديد في كأس آسيا
  • سنُصدَم مع منتخب كوريا الجنوبية في الدور 16
  • علينا منع التفريق بين اللاعبين المحليين والمغتربين
  • الخلل الأعظم في منتخب العراق هو قلبي الدفاع  

 

كتب :  د. كاظم العبادي

مثلما انتظر العراق في عام 1976 بشوق ولهفة ظهور منتخب عراقي جديد صنعه المدرب الاسكتلندي داني ماكلنن عند مشاركته في كأس الخليج الرابعة بالدوحة 1976 تستقبل الدوحة بعد 48 سنة منتخبًا عراقيًا مماثلاً صنعه الإسباني كاساس، حيث يشارك الفريق في نهائيّات كأس آسيا 2003-2024 .

مع وجود فارق ما بين منتخبي داني ماكلنن وكاساس، الأول صنع منتخب من العدم، لم يترك ماكلنن منجمًا حتى بحث فيه عن فرق شعبيّة، فرق مدارس، درجات دنيا، لاعبي محافظات – ليظهر لنا معادن ثمينة ومنهم: هادي أحمد، علاء أحمد، حساني، صباح عبد الجليل، رعد حمودي، عادل خضير، محمد طبرة، احمد صبحي، علي حسين، الخ أما الثاني فقد اكتشف حقل كروي عراقي جديد لم ينقب عنه من قبل إلا بمحاولات خجولة، إلا انه ركز في البحث ليكتشف جواهر عراقية في الاغتراب تحتاج لصقل وتلميع حتى يظهر بريقها كجواهر ثمينة.

الشغل الكبير الذي أنجزه ماكلنن قتله المساعدين واتحاد كرة القدم العراقي في وقته، أجهزوا على شغل كبير جدًا كان سيضع العراق في مكانة متقدّمة تشهد له قارّة آسيا.

يطلقُ العراق يوم غد الإثنين 15 يناير/كانون الثاني 2024 منتخبه الجديد ليعلن فيه عن بداية عهد جديد في تاريخ كرة القدم العراقية.  

كأس آسيا لن تأتي بالتمنّي

قرأتُ وسمعتُ آراء كثيرة تقول بأن العراق بإمكانه الفوز بكأس آسيا 2023-2024 بالتمنّي وعلى الورق هذا ممكن، لكن لا أتوقع حصول ذلك والأسباب كثيرة ومنها:

1- التجانس بين اللاعبين ضروري لتحقيق الفوز، لكن الفريق العراقي حاليًا غير جاهز بعد لا يفهم لاعبيه بعضهم الآخر بشكل دقيق في هذه المرحلة الزمنيّة، فمثلًا إن أبرز لاعبي المنتخب العراقي الحالي ومنهم زيدان ومنتظر ماجد ودانيلو والحمادي أنهم لم يلعبوا مع بعض مباراة واحدة.

2- زيدان مثلًا لم يدرك بعد أين سيكون دانيلو حتى يمرّر له الكرة في اللحظات التي يكون فيها ظهره له، أو أنه لا يقدّر سرعة ميمي حتى يمرر أن يضع له كرة داخل منطقة الجزاء وهو بعيد عنها بمسافة حتى يصلها في الوقت المناسب كما يتوقّع لها زيدان! هذه الأمور لن نصل إليها بعد.

3- إضافة دور جديد (دور الـ 16 ) في مراحل الإقصاء وضع حاجزًا سلبيًّا مؤثرًا أمام المنتخب العراقي لبلوغ المباراة النهائيّة، لذا نحتاج أن نخوض الآن (3) مباريات قويّة بدل من (2) للوصول الى النهائي وهو أمر ليس هيّنًا في هذه المرحلة من مرحلة بناء منتخب العراق.

4- أمل العراق في بلوغ مرحلة متقدّمة سيكون أفضل كلّما ابتعد عن منتخبي اليابان وكوريا الجنوبية، نحن محظوظون بوجود اليابان في مجموعتنا، لكننا سنصدم كما متوقّع مع منتخب كوريا الجنوبية في الدور 16، لو تم ابعاد كوريا الجنوبية عن العراق في هذه المرحلة سيرتفع أمله ، فهو قادر على مقارعة بقيّة الفرق.

ملاحظات عامّة  

حرّاس المرمى الثلاثة، لا نمتلك حارس عالمي، لكن مستوياتهم فوق المتوسّط والحرّاس الثلاثة بشكل عام مستوياتهم مُتقاربة، يوجد نقص واضح عند الثلاثة في جانب تمرير الكرات مع المدافعين والعمل كلاعب قشّاش، ودورهم محصور بالبقاء في منطقة الجزاء وقُرب الهدف. استمرارهم في تمرير الكرات الطويلة خطأ (يحتاجون لنصيحة بالتوقف عن ذلك إلا عند الضرورة وفي حالات فنيّة خاصّة) فالهجمة تُنظّم من عند أقدامهم أو أياديهم.

خلل في قلبي الدفاع

الخلل الأعظم في منتخب العراق هو قلبي الدفاع، اعتمد كاساس خلال سنة كاملة على ريبين سولاقا ومناف يونس وسعد ناطق ومصطفى ناظم وعند الجدّ أكتشف أن مناف ومصطفى لا يخدماه!! لم يُرمّم كاساس الدفاع، بل اعتمد على لاعبين أعمارهم عالية جدًا وأهمل اختيار شريحة من لاعبين أعمارهم صغيرة. ومن حُسن الحظ في هذه التشكيلة وجود زيد تحسين، لكنه أهمل آدم رشيد ويوسف الإمام وحمود مشعان وهذا مؤشّر خطير يسجّل ضد كاساس.

منتخبات مثل استراليا وإيران وكوريا الجنوبية واليابان تستهدف قلبي دفاعات العراق، وأغلب شغلهم سيرتكز في هذه المنطقة.

ماذا جرى للمنتخب؟

الخلل الآخر في الفريق العراقي، أننا لا نملك قصي منير أو نعيم صدام أو ناطق هاشم، ماذا جرى لمنتخب العراق؟ فالعراق هو رمز القوّة والطول في كرة القدم في قارة آسيا!! ربّما إن اكام هاشم يملك بعض من هذه المواصفات لكنه لا يملك الخبرة وهو أصلًا مدافع وليس لاعب وسط مدافع، فلن يكون له أثر هجومي أيضًا ربما أن عمره كبير فهو لن يكون ضمن فريق المستقبل.

زيدان إقبال

بصراحة المنتخب العراقي مع زيدان تختلف صورته بدون زيدان، فأمام كوريا الجنوبية شاهدناه لاعبًا واثقًا من نفسه لا يخشى لاعبي كوريا الجنوبية كان يجتازهم بكل رهاوة، وأتمنى ان يدفع كاساس به في مناطق متقدّمة في المركز رقم 10 وسيكون لزيدان في هذا المركز تأثير هجومي أكبر، وستأتي الأهداف وسيصنع لنا فرصًا كثيرة للتسجيل، وأخشى أن يجامل كاساس بالدفع باللاعب بشار رسن في هذا المركز ليستوعب اللاعبين في فريق واحد وسيكون هذا خطأ استراتيجي كبير!

خطّ الوسط العراق في المنتصف، لا نمتلك اسماء معيّنة يستقرّ عليها كاساس، سيلجأ إلى التبديل، الفرصة للجميع مفتوحة للمشاركة لا نملك ذلك الاسم الذي فرض نفسه على المنتخب العراقي بعد في هذه المنطقة الحساسة!!

أمير العماري

تلألأت نجوميّته مع المدرب الهولندي أدفوكات وخفَّ أداءه مع كاساس، وهو أحد لاعبي الوسط الذين كنا نعتمد عليهم وتوقّعتُ له شأنًا كبيرًا، فما سبب تراجع الأداء؟!

هناك سببان في تراجع أداء العماري، أولهما – يصلح العماري كلاعب وسط مهاجم في المركز رقم 8 وليس لاعب وسط مدافع في المركز رقم 6 وثانيهما أن كرات التشتيت الطويلة من قبل مدافعينا وحارس المرمى أضعفت ظهور قدرات العماري فنسبة عدد مرّات استلامه الكرة قلّت وهو لاعب يبحث عن الكرة للإبداع وإطلاق مهاراته في التمرير بأنواعه أو التسديد أو الهجوم. فأدفوكات كان يمنع التمرير الطويل ويضع العماري في مكانه الصحيح لذلك أعجبنا به بعكس ما فعل معه كاساس!

لا مشكلة في الظهير والجناح

أطراف المنتخب العراقي حاليًّا تُعد قوة الفريق، لا يوجد عندنا مشكلة في الظهيرين أو الجناحين، وحتى مركز قلب الهجوم إذا ما تمسّكنا بالحمادي وميمي فإن الأهداف ستأتي وأعتقد إن كأس آسيا قد تشهد مشاركة أيمن الأخيرة مع منتخب العراق.

أطلق البعض تصريحات مختلفة بشأن مشاركة العراق في كأس آسيا بأنها استعداد لكأس العالم، لكن في الحقيقة أجد أن هذا الكلام هو للتخفيف من أي أثر لنتائج سلبية، لكن في الواقع هو تصريح للتهرّب من خروج المنتخب من البطولة لأننا لو كنا ذاهبون لإعداد المنتخب لتصفيات كأس العالم لجدّدنا بناء دفاع العراق في هذه البطولة باستدعاء لاعبين شباب كما نوّهت. أخشى ان نضيّع المشيتين في كأس آسيا وتصفيات كأس العالم لأننا لم نعتمد على جيل جديد من المدافعين نجهّزهم لتصفيات كأس العالم ٢٠٢٦.

رسالتي لمنتخب العراق

أتمنى من اتحاد كرة القدم ان يبعد الفريق عن الضغوطات، في الماضي، كنت انتقد محاضرات التربية الوطنية التي كان يلقيها العسكر على لاعبي المنتخب العراقي، الآن اشاهد شيء مماثل، أيضا، لا يحتاج المنتخب العراقي لجيش من المسؤولين يقدّمون النصائح والإرشادات للفريق، هذه الأمور يجب تركها للكادر التدريبي فقط، فهو المسؤول الأول والأخير فنيًّا عن فريقه.

علينا منع التفريق بين المحلي والمغترب وعدم منح فرصة للمتربّصين يظهرون الفريق كأنه يعاني انشقاقات خطيرة!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

نهر السين يشهد افتتاح الأولمبياد بمشاركة 6 آلاف رياضي       

  متابعة – فوز يشهد نهر السين افتتاح دورة الألعاب الأولمبيّة الصيفيّة 33 في العاصمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *