الأسود قدّموا أداءً بوجهين وجاسم علامة فارقة
دفاعيًّا وجّهنا سهام النقد لكاتانيتش وتلقى كاساس المديح
لاعبو الوسط غير مقنعين باستثناء “العماري وبطرس”
سلبيًّا لم يستطع منتخبنا منع تسجيل الأهداف
كتب: د. كاظم العبادي
تلألأت كرة القدم العراقية في دوحة العرب لتسجّل للتأريخ بأن العراق تصدّر فرق مجموعتهِ في كأس آسيا 2023 بعلامة كاملة من النقاط. وإن مشاركته (إن شاء الله تنتهي على خير) جاءت لتمحي خسارات تأريخية كان ممكن أن يتجاوزها منتخب العراق في بطولتي كأس الخليج الرابعة 1976 وتصفيات كأس العالم المرحلة النهائية 1994.
أظهر كاساس في مباريات الدور الأول كأس آسيا منتخبه الجديد، بسبب أداءه الرائع ونتائجه التي تُلفتْ الأنظار، محا فيها كاساس كل الانتقادات السابقة التي كان يتلقاها بخصوص تحيّزه للاعب المحلّي، وأنه كان يعمل مُجبرًا عند اختيار قائمة الفريق – بسبب دعوتهِ للاعبين معيّنين- وضُعف قدرته على إدارة الفريق. بعد سنة واحدة من العمل في بغداد، استطيع أن أقول اننا نملك الآن منتخب جيّد، لم نصل للكمال بعد لكن الأمور تبشّر بخير.
لم يكتمل العمل بعد
شهدت أبرز مراحل عمل كاساس خلال أكثر من سنة، أنه وضع فريق قادر على “التنمُّر” على فرق شرق آسيا بفضل قوّة اللاعبين الجسمانيّة وأطوال لاعبيه العالية. ومن أصل (8) أهداف سجّلها الفريق العراقي خلال مبارياته الثلاث ضد فرق شرق آسيا سجل منها (5) أهداف بالرأس بنسبة (62٪) بفضل عامل الطول لدى كل من أيمن حسين وريبين سولاقا.
تطوير الهجمات
وبعد التخلّص من فرق منتخبات آسيا في مجموعته وبعد تجنّب العراق كوريا الجنوبية في الدور 16، اتمنّى أن يدرك كاساس أن أسلوب الكرات الطويلة لن يخدمهُ كثيرًا في مباريات الدور الاقصائي، عليه تعديل خُططه وتوصياته. للأسف الشديد، يفتقدُ الفريق قدرته في تنمية وتطوير الهجمات إثر حيازة الكرة في المناطق الخلفيّة في صناعة فرص حقيقيّة في الثلث الأخير من الملعب. والأسباب لذلك كثيرة، ومنها:
– التجانس ما بين بعض اللاعبين غير مكتمل، وعدم الاستقرار على تشكيلة رئيسيّة بكثرة التبديلات، وعدم خوض مباريات كثيرة مع بعض لم تنتج عن وضع خطط يهاجم فيها الفريق العراقي منافسه بكل ضراوة من الجهتين ومن المنتصف وبأساليب مختلفة في الاختراق.
– يوجد خلل في منتصف الملعب، باستثناء أمير العماري وفرانس بطرس (والذي أستعين به لتنفيذ دور جديد، لاعب الوسط المدافع بعد أن كان مدافعُا) فإن بقيّة لاعبي الوسط غير مقنعين بما فيهم أسامة رشيد أو أحمد علي.
الإنجاز يخفي بعض العيوب أحيانًا!! نقطة سلبيّة تسجّل على الفريق العراقي وهي: لم يستطع تنفيذ مباراة واحدة من دون أن يدخل مرماه هدف، سُجِّلتْ (4) أهداف في مرمى العراق لأخطاء وقع فيها أما حارس مرماه أو مدافعيه! وهذا الشيء ممكن قبوله حاليًّا، لكن مستقبلًا سيكون هذا الأمر مرفوض ومن الصعب تحمّله.
سولاقا وناطق الأفضل
وجدتُ أن كلّ من ريبين سولاقا وسعد ناطق، هُما أفضل من يحمي ويمثل الدفاعات العراقيّة في منطقة القلب، كونهما لاعبين صريحين في مركز قلب دفاع وطولهما مناسب وقدرتهم على التحكّم بالكرة والتمرير. هذه المنطقة تحتاج إلى ترميم مستقبلًا ربما دعوة كل من آدم والإمام سيكون حلّ مناسب للمستقبل، في حين أن زيد تحسين يحتاج إلى خبرة وتأهيل مستمر، فقد وقع في أخطاء كثيرة في مباراة فيتنام، وأنه لغاية الآن لم يفرّق ما بين اللعب في الدوري العراقي وتمثيله للمنتخب العراقي، أكثر نقطة سلبيّة ممكن أذكّرهُ بها هي: كراته الطويلة العشوائيّة التي لم يكن لها داعٍ والتي استمرَّ على إرسلها، واعتقد أنها ضد توجهات كاساس!
أسلوب كاتانيتش
إذا كان أداء الفريق العراقي بوجهين فإن بعض آراء الإعلام والجمهور المحلّي بوجهين، فمثلًا في كأس آسيا 2019 وفي كأس آسيا الحالية 2023 حقّقنا نفس النتيجة الفوز على تايلند 3-2، وبفضل هدف سجل في الوقت الضائع في كلتا المباراتين، وغير ذلك أن أحد نجاحات كاساس هو أسلوبه الدفاعي في بعض المباريات والذي لا يختلف عن اسلوب كاتانيتش كثيرًا لكنّنا وجّهنا سهام النقد واللوم على الأوّل واستخفّينا به، في حين تلقى كاساس الورود والمديح.. مفارقة غريبة!
في مباراة فيتنام، استعِدْنا فيها زيدان الذي نعرفه وخاصّة في الشوط الثاني فقد أبهر العراقيين بمهارته. الحمد لله. وكسبنا يوسف أمين كلاعب جناح مهاري قادر على الاختراق والوصول لمناطق خطرة في منطقة الجزاء، وأظهر يوسف امكانيّات رائعة في كافّة المباريات التي مثّل فيها العراق، واتوقّع له أن يرتقي ويتطوّر لمستوى أعلى.
علامة فارقة
الحديث عن يوسف أمين كثيرًا، قد يجعلني أظلم جهود علي جاسم الجناح المتألّق في جهة اليسار وهو علامة فارقة متميّزة في منتخب العراق. استطيع أن اسجّل لعلي جاسم أنه لغاية الآن صنع اثنين (اسيست ونصفين) وما أقصده أنه في مباراة فيتنام فإن كرتين منه بشكل مباشر، واحدة من ركلة زاوية والأخرى من تحويلة سجّل كل من ريبين سولاقا وأيمن حسين، في حين أنه في مباراتي إندونيسيا واليابان سدّد كرتين ردّهما حارس المرمى ليسجّل من الكرة المرتدّة اسامة رشيد وايمن حسين هدفين وهي عبارة عن “نصف اسيست” لكلّ حالة.
وحتى لا يصيب الجناحين كل من يوسف أمين وعلي جاسم الغرور من هذا المديح، لابد أن أذكّرهما قبل أن يتبخترا علينا أن عليهما تسجيل الأهداف بالإضافة الى صنعها، وهذا ما ينقصهما حاليًا. عليهما تحسين هذا الجانب برغم الدقائق البسيطة التي مثّل فيها منتخب العراق فإن الجناح الآخر منتظر ماجد، يمتلك مهارة، لكنّه غير جاهز بعد، عليه الابتعاد عن اللعب الفردي من أجل الظهور بالعمل مع زملاءه حتى يستقر.
في حين أرى أن يعود بايش إلى مركزه الطبيعي في مركز الجناح الأيسر بدلًا من وجوده في المركز رقم (10) والذي يظهر فيه قدراته على الاختراق والتسجيل وتمرير تلك الكرة القاتلة التي يسجل منها هدف.
المباراة باختصار، ظهر العراق أمام فيتنام بوجهين، وجه سلبي مملّ (الشوط الأول، بدون نكهة عراقية) وشوط ثاني مُشرّف جميل.
متى تتعلّم فيتنام من دروس العراق؟
من الصدف أن العراق يسجّل في أربع مباريات له هدف في آخر دقيقة أو الوقت بدل الضائع في مرمى فيتنام وكانت في تصفيات كأس العالم 2018 على أرضها (يونس محمود، ركلة جزاء)، وكأس آسيا 2019 (علي عدنان، ركلة حُرّة)، وتصفيات كأس العالم 2026 على أرضها (ميمي، ضربة رأسية) ومجدَّدًا في كأس آسيا قطر (أيمن حسين، ضربة رأسية)!!
علينا أن لا نكابر
ماذا تعني انتصارات العراق على إندونيسيا 3-1 وعلى اليابان 2-1 وعلى فيتنام 3-2؟ علينا أن لا نكابر كثيرًا، بوضع الفريق العراقي تحت ضغط كبير ليس له داع من أجل الفوز، مهمّتنا ببساطة شديدة: إننا جئنا للمشاركة في كأس آسيا من أجل تهيئة وتحضير منتخب العراق للتأهّل إلى كأس العالم 2026 واعتقد إننا نجحنا، كيف؟ أولاً اجتزنا اختبار منتخبات شرق آسيا بالعلامة العالية، وثانيًا ما زالت أمام كاساس ثلاثة اختبارات صعبة عليه تجاوزها وهي: التعامل مع منتخبات أسلوبها القوّة والطول مثل إيران، أستراليا وأوزبكستان. ونجاحه في كأس الخليج العام الماضي لا يعني أننا حاليًا أفضل من منتخبات الخليج، فهو يحتاج أن يبرهن قدراته على فرق جاءت هذه المرّة بفرقها الأولى مثل السعودية أو تجديد الفوز على منتخب سلطنة عُمان، أو تأكيد نفسه كمدرب أفضل من كاتانيتش بالفوز على البحرين والتي عانى منها الأول. كما لم يختبر كاساس بعد أمام فرق بلاد الشام وخاصّة سوريا والأردن.
اعتزال بشار
أعتقد أنه بعد هذه البطولة سيُعلن عن اعتزال بشار رسن من اللعب مع منتخب العراق، وربّما علي عدنان، لكنّني أتوقّع أن يستمر الأخير مع المنتخب العراقي حتى نهاية مشواره في التصفيات الأوليّة لكأس العالم 2026.
وأخيراً، علينا أن لا نستبق الأحداث وننظر للفريق مباراة بعد مباراة دون النظر بعيدًا. إن شاء الله يوفَّق المنتخب العراقي ويعود إلى بغداد بفرحة كبيرة تنعش قلوب عشّاق محبّي كرة القدم العراقيّة المُنتشين فرحًا بسبب أداء ونتائج الفريق الرائعة.
نفتفقد هكذا. نحليلات رائعه كيف. لا. وانت
الخبير الكروي. تحياتنا. لحضرتك