اليد الواحدة لا تصفق!  

 

يعقوب ميخائيل

بين فرح غامر، وسعادة لا توصف اقترنت بنتائج باهرة في ثلاث مباريات متتالية، ومع كبار القارّة في لعبة كرة اليد .. أي التعادل مع منتخبي اليابان وكوريا الجنوبيّة، ومن ثم التعادل أيضًا مع منتخب السعودية الذي يعد منتخبًا جيّدًا برغم عدم تأهّله الى المونديال هذه المرّة إلا أنه سبق وأن تأهّل الى نهائيّات كأس العالم 10 مرّات.. ومن ثم ارتفاع سقف الطموحات في التأهّل الى مونديال كرة اليد عبر الأدوار النهائيّة فوجئنا بظهور منتخبنا بمستوى مختلف كلّيًا إن لم نقل متواضِع أمام المنتخب الكويتي حيث خسر المباراة بفارق كبير من الأهداف فَقَد على إثرها فرصة التأهّل الى نهائيّات كأس العالم ومن ثم تكرّرت الخسارة أمام الإمارات (23 – 28) هدفًا لنحتلّ المركز الثامن في البطولة الآسيوية في وقت كانت طموحاتنا تتجلّى في الوصول الى المونديال الذي ما زلنا نحلم بوضع موطئ قدم لنا فيه، ولكن؟!

الحديث عن لعبة كرة اليد وبالتحديد (قصّتنا) مع التأهّل الى المونديال إنما هي قصّة (حزينة) وطويلة أيضًا! ففي البطولة السابقة التي جرت بالسعودية في بداية العام 2022 كنا قاب قوسين أو أدنى من التأهّل من خلال مباراتنا الفاصلة مع منتخب كوريا الجنوبية التي خسرناها بفارق هدفين (24-26 ) وفي هذه المرّة فقدنا الفرصة بعد أن ظهرنا بمستوى أقلّ ما نصفه بعيد، بل بعيد جدًا عن المستوى الذي قدّمناه في مبارياتنا الثلاث الأولى بالبطولة فخرجنا بخسارة مُثقلة أمام المنتخب الكويتي بفارق 12 هدفاً (20- 32 ) لم نكن نتوقّعها بالمرّة!

صحيح أن المنتخب الكويتي ليس بالمنتخب السهل أو متواضع المستوى كما يتصوّر البعض، فقد ضَمن التأهّل الى المونديال الى جانب منتخبات اليابان وقطر والبحرين.. ولكن نعتقد أن الاقتراب من المنافسة ومن ثم فقدان فرصة التأهّل لمرّتين الى المونديال لابد أن تكون لها أسبابها.. ولابد من خضوعها أيضًا إلى (تحليل) ودراسة مستفيضة عن تلك الأسباب كي لا تتكرّر للمرّة الثالثة أيضًا.

دول الخليج تطوّرت بهذه اللعبة بشكل فاق علينا بمراحل كثيرة.. وفي المقابل فإن دول شمال أفريقيا هي الأخرى تتمتّع بباع طويل في مجال لعبة كرة اليد، وقد نجحت دول الخليج خاصّة في الاعتماد على مدربين من تلك الدول كي ترتقي بقدراتها وتجعلها تواكب التطوّر الذي يسهم في حجز بطاقة التأهّل الى المونديال في أكثر من مرّة! وليس أدلّ على ذلك من نجاح المدرب الجزائري سعيد حجازي الذي يشرف على منتخب الكويت حاليًّا والذي استطاع أن يحقّق الفوز على منتخبنا بفارق كبير من الأهداف بينما المنتخب الكويتي تعادل معنا في البطولة الماضية وعلى أثرها استقال جميع أعضاء الاتحاد الكويتي من مناصبهم

واقعيًّا.. يجب أن نقرَّ بأننا في معظم الألعاب الرياضيّة وليس فقط في لعبة كرة اليد اصبحنا لا نواكب ما يحصل من تطوّر على صعيد المستويات العُليا .. وبأعتقادنا المتواضع أن (تجربة كرة القدم الحالية) تضعنا أمام الكثير من الحقائق التي لابد أن نعيد النظر بها ونسعى لإيجاد حلول حقيقيّة وجذريّة من أجل النهوض بالكثير من ألعابنا (المنسيّة) والمركونة على الرفوف بسبب الإهمال وعدم الدعم المطلوب، بل تهميش معظم إن لم نقل جميع الألعاب على حساب لعبة كرة القدم

نعم.. فالدعم والمؤازرة والاهتمام مازال مقتصرًا على لعبة كرة القدم، أما بقيّة الألعاب فما زالت مُهملة (مع سبق الإصرار والترصّد) وإلا كيف يمكن أن نُفسّر منتخب يقترب من التأهّل الى كأس العالم (مرّتان متتاليتان) لا يجد أي اهتمام أو متابعة من أيّة جهة أو مؤسّسة رياضيّة ولن نقول الحكومة التي يفترض، بل يتوجّب أن تولي اهتمامًا بالكثير من الألعاب الرياضيّة وأن لا يقتصر اهتمامها ومتابعتها على لعبة كرة القدم

لا نختلف، بل نفهم ماذا تعني كرة القدم بالنسبة لجمهورنا الرياضي الذي يعشق الكرة حدّ الجنون! ولكن بالمقابل لا يمكن أن يكون الاهتمام والمتابعة مقتصرًا على لعبة واحدة مهما تمتّعت بشعبيّتها المعروفة على حساب الألعاب الأخرى، وهو السبب الذي جعلنا نبقى (مكانك راوح) في معظم الألعاب الرياضيّة من دون أن نلحق بركب التطوّر بعد أن (قوّضتْ) كرة القدم جميع الألعاب الأخرى و(بمباركة ورضى) المسؤول شئنا أم أبينا وتلك هي مشكلتنا الأزليّة التي سندفع على أثرها الثمن غاليًا جرّاء اهمالنا لعشرات الألعاب الرياضيّة على حساب لعبة واحدة حتى إن تمتّعت بشعبيّتها المعروفة، لكن لا يعني ذلك أبدًا أن نسهم معها في (قتل) الألعاب الرياضيّة الأخرى (وبلا رحمة)!

من المهم جداً أن نعيد النظر هذه المرّة حول الاهتمام ببعض الألعاب الرياضيّة التي تستحقّ الرعاية والاهتمام ومنها لعبة كرة اليد على وجه الخصوص الى جانب ألعاب فرديّة أخرى مازالت تعاني من إهمال غير مسبوق أيضًا.. والله من وراء القصد.  

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

عهد بعثة فلسطين الأولمبيّة

  أسامة فلفل* وجع الغربة والفراق والبُعد عن الأحبّة والإخوّة والرفاق والأهل والعشيرة ورفاق الدرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *