التطوّر الرياضي بين التشجيع ونظام العمل

 

كتب: أ. د هلال عبدالكريم*

يولد الإنسان ببعض الحاجات الأوليّة التي تضمن ديمومة حياته، ومع تقدّمه بالعمر تتطوّر حاجاته وتتعدّد بعد تطوّر العقل والاحساس نتيجة الاندماج الفعلي بالبيئة المحيطة بمتغيّراتها الكثيرة فتتطوّر الحاجات ويصبح تحقيق الذات أكبر الأهداف أو الحاجات (هرم ماسلو للحاجات 1948) فلا يشعر الفرد بالاستقرار الداخلي إلا بتحقيق ذاته أو أعلى أهدافه.
في حقيقة الأمر، فإن تحقيق الحاجات قد تكون أمامه الكثير من العوائق، فيحتاج إلى التشجيع والتحفيز المستمر لتحريك السلوك بقوّة أكبر نحو تحقيق الأهداف، وعليه فإننا في الرياضة نحتاج كمدرّبين أو مُربّين أو إداريين أن نجعل الإنجاز الرياضي هو أكبر حاجات الرياضي وأهم أهدافه فنوضّح للرياضي أهميّة الهدف (الإنجاز) على حياتهِ الماديّة والمعنويّة وتأريخه الرياضي ومستقبلهِ فضلا عن ما يمكن أن يحققه لبلدهِ، وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى مستوى عالٍ في شدّة ودقّة التحفيز للحصول على أفضل ما لدى الرياضي من طاقات في التدريب والمنافسة على حدٍّ سواء.
قد يسلك البعض (مضطرًّا) لاتباع أسلوب التهديد بعقوبات ماديّة أو غيرها للدفع نحو مزيدٍ من الجهد أو إعادة تنظيم العمل بالاتجاه الصحيح بعد فوات الأوان، وقد يكون كُل ذلك مفيدًا في توقيتاتهِ الصحيّة، ولكن هل هذا يكفي أو أنه سيؤدّي فعلًا إلى تغيير في السلوكيّات وأساليب العمل الرياضي على المستوى التخطيط والتنفيذ والتغيير الجذري.
بطبيعة الحال، فإن الإجابة لا ومن دون أي تردّد.. فالتشجيع والتحفيز والتهديد وسائل وأساليب لها أهمّيتها برغم خطورتها عند سوء استخدامها، أما المهم والأساس والمصيري فهو نظام العمل المُحكَم(system) والمدروس بأسلوب علمي والمدعوم بقوانين مُحمكة تتيح لذوي التخصّص بالعمل في الميدان الرياضي وحمايتهِ، فضلًا عن أن هذه القوانين لها محدّدات واضحة، ومحدَّد لوضع معايير العمل الرياضي الناجح ومكافأته ومعايير العمل الفاشل ومعاقبته.
إن محاولة التغيير والتطوير لا تتم عن طريق إجراءات التشجيع والوعيد فقط، فالعمليّة الرياضيّة هي نظام مُتكامل يتّسمُ بالأحكام ويتحكّم في تنفيذها ذوي الاختصاص والخبرة.

_____________________________

* متخصّص في علمي (النفس والتدريب) الرياضي

أنشر عبر

شاهد أيضاً

عاشق المنصب!

  محمد الجوكر “عشق الكرسي” هو شعار البعض، ذكرناه مرارًا وتكرارًا، ولخصناه أكثر من مرّة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *