الأصعب في ضروب الرياضة.. الجهد البدني ومعايير قياسه

 

( الجزء الثاني )

د. باسل عبد المهدي*

استعرضنا في الجزء الأوّل من الدراسة الجهد البدني والمعايير المُعتمدة في قياسه. ثم أتينا ببعض من التفصيل توصيفًا للصعوبات والجهود البدنيّة التي يواجهها متسابقي دراجات الطريق (متعدّد المراحل).

سنواصل في الجزء الثاني أدناه وصف وشرح الجهود البدنيّة في ضروب الرياضة، ومنافساتها المختلفة، والقدر المُخمّن الذي تحتاجه من السعرات الحراريّة لإنجاز المنافسة .

قبل القيام بذلك نرى مفيدًا أن نُعلم القارئ الكريم ما يلي:  

لقد أهملنا عن قصد احتساب وتقييم درجات الجهود البدنيّة في ذلك النوع من أنواع الرياضة أو المغامرات التي يُطلق عليها ( الرياضات المتطرّفة) كتسلّق قمم الجبال أو عبور البحار سباحة أو اجتياز الصحارى جريًا وما شابه، كونها تمثل في الغالب محاولات فرديّة لاشخاص وغير منتظمة بمنافسات مُقرّة   

كذلك بالنسبة للفعاليّات التي يطلق عليها ( الفنيّة )  أو تلك التي يُحتسب نوعيّة الإنجاز وقياسه وتقييمه فيها عبر معايير وضوابط وصعوبات حركيّة إلزاميّة واختياريّة ( كالجُمباز بأنواعه، والرقص الفني في الماء أو على الجليد، والقفز إلى الماء .. وما شابه ) إذ يصعب أو يستحيل فيها امكانيّة إحداث قياس مُقارنة موضوعي في تقدير كميّة السعرات الحراريّة أثناء المنافسة.  

ومن المُهمّ الإشارة أخيرًا إلى أنّ مُجمل الأرقام والبيانات وتفصيلاتها، كما سيتم عرضها، محسوبة للرياضيين من الذكور (فقط) من دون الإناث، فالبنية الجسديّة وهيكليتها، وكذلك أمور متعدّدة في فسلجة الخليّة لدى الإناث تختلفُ في جوانب كثيرة منها عند مقارنتها بمثيلاتها لدى الذكور. لهذه الأسباب اقتضى الإيضاح .

الدرّاجون الثلاثة

لأجل إضافة بعض المعلومات لدى المتابع والقارئ الكريم، وجدنا مفيدًا أن نأتي على ذكر وتوصيف أهم ثلاثة من الدرّاجين العالميين الذين تميّزوا في منافسات من هذا النوع الصعب، أشهرهم:

–  البلجيكي (ادي ماركس) الذي فاز خمس مرّات في المجموع العام في سباق طواف فرنسا، ومثلها أيضًا في طواف إيطاليا، أي ما مجموعه عشر بطولات كبيرة. النقاد كانوا يصفونه بـ ( الكانيبال ) أي ، آكل لحوم البشر بسبب شدّة ما يستخدم من جهود لإتعاب منافسيه أثناء السباق!

–  الإسباني ( ميشيل اندورا ) من إقليم الباسك، الذي أحرز بطولة طواف فرنسا ثلاث سنوات متتالية في تسعينيّات القرن المنصرم.

– ثم أخيرًا ، أهمهم الأميركي (لارس ارمسترونج) الذي فاز سبع مرّات في طواف فرنسا قبل وبعد إصابته بمرض السرطان وشفاءه، ولقد تمّ بعد ذلك أن سُحبت منه كافة الألقاب من قبل إدارة البطولة إثر اعترافه (علنًا ) بعد اعتزاله بأنه لجأ أحيانًا إلى تناول بعض المواد المحظورة !

ملحوظة من الكاتب :

وماذا يعني هذا القرار بعد أن أصبح جزءًا كبيرًا شغل مساحة واسعة من التأريخ الرياضي لهذه المسابقة المهمّة وإن اعترافه بتناول المحظور جاء بعد الاعتزال بعد أن أمسى ( مليونيرا ) كحصيلة لما ترتّب له وقبضه من مكافآت وجوائز ماليّة طيلة هذه السنوات والسباقات السنويّة السبع؟ هل يعد ذلك سُحتًا حرامًا في نظر العارفين؟ مجرّد تساؤل !

سباقات الثلاثي الحديث :

في السباقات التقليديّة السنويّة المعروفة لهذه المنافسة الرياضيّة التي يُطلق عليها ( الرجل الحديدي) يُقدّر ما يستهلكهُ المتسابق فيها قرابة ( عشرة آلاف من السعرات الحرارية ) لاجتياز مراحلها الثلاث المُتعاقبة والمكوّنة من 3,8 كم سباحة يعقبها 180كم بالدرّاجة، ثمّ أخيرًا عدوًا لمسافة مارثون كامل (42.2 كم ) وبشكل متواصل ولمدة تستغرق ( 8-9 ساعات) وحسب الأجواء ومناخاتها ونوعيّة الماء ودرجة حرارتها أو ملوحتها وكذلك طرق السباق ومشاقها .

أما في سباقات الفعاليّة هذه أولمبيًّا فإن المراحل الثلاث المتعاقبة منها قلّصت إلى (1,5 كم سباحة  يعقبها 40 كم بالدرّاجة ثم أخيرًا 10 كيلومترات عدوًا ) تقطع بما يقارب الساعتين حسب الأجواء ونوعيّة الطرق وبرودة الماء ونوعيّته، يستهلك فيها الرياضي ما بين (2000-2500) من السعرات الحراريّة .

سباقات التزلّج الطويل على الجليد :

في سباق التزلّج الأولمبي لمسافة 50 كم يستهلك المتسابق ما يقارب (4000 من السعرات الحراريّة) خلال فترة تتجاوز الساعتين، تتحكّم فيها التضاريس الجغرافيّة لطُرق السباق وتباين ارتفاعاتها وزواياها، وكذلك درجات برودة الجو خلالها، والأهمّ من ذلك كلّه نوعيّة الجليد، ودرجات تجمّده أو تصلّبه وتأثيرات ذلك على الزلاجات المستخدمة ونوعيّة تحضيرها وتشميعها لتلافي إلتصاق الثلوج الحديثة أو المتساقطة أثناء المنافسة التي تحدّ من سرعة الانزلاق .

سباقات ركض الماراثون والمسافات الطويلة :

لقطع مسافة 42,2 كم عدوًا ، فإن ما يستهلكهُ العدّاء من السعرات الحراريّة يقدّر قرابة 3500 منها خلال مدّة تستمر لأكثر من ساعتين وبضع دقائق حسب مستوى العدّاء. هذا يعني استهلاك ما يقارب 25 سعرة حراريّة في الدقيقة الواحدة خلال المنافسة.

أما في سباقات ركض المسافات الطويلة التي تجرى اعتياديًّا على المضمار فتكون أكثر سرعة في الجري ويزداد نتيجتها معدّل الاستهلاك في الدقيقة الواحدة حسب مسافة المسابقة ودقائقها .

سباحة المسافات الطويلة في المياه المفتوحة والسباحة الطويلة في الحوض :

في سباق 5 كم يستهلك السباح قرابة 1200 سعرة حراريّة، في حين يصل استهلاكه إلى ما يتجاوز 3500 من السعرات في سباق سباحة 15كم في المياه المفتوحة .

أما مدّة المنافسة فيتعذر تحديدها بسبب تأثير العديد من العوامل كنوعيّة المياه ودرجة حرارتها ونسبة الملوحة فيها، كذلك تأثر ذلك بالتيّارات والأمواج والأجواء عمومًا .

أما في سباقات السباحة في الحوض، فإن متسابق فعاليّة 1500 سباحة حُرّة يستهلك خلال مدّة المنافسة التي تستغرق أو تتجاوز الرُبع ساعة قليلا ما يقدّر بـ ( 400 من السعرات الحراريّة ) .

ومن المهمّ الإشارة إلى أن السبّاحين عمومًا يستهلكون كميّات أكبر من السعرات الحراريّة خلال وحداتهم التدريبيّة الاعتياديّة اليوميّة التي يتوجّب عليهم فيها قطع مسافات متنوّعة بشكل متقطّع وبسُرَع متفاوتة جيئة وذهابًا تصل مجموع حجومها مجتمعة إلى حدود (20-25 كم) في اليوم التدريبي الواحد .

سباقات التجديف :

في هذا الضرب من المنافسات الرياضيّة يقدّر احتياج المتسابق في فعاليّة القارب الفردي لقطع مسافة السباق البالغة 2000 متر نحو (225 من السعرات الحراريّة) وفي زمن يقع بحدود سبع دقائق. أما في فعاليّة سباق القارب (الثماني الأولمبي) فيقدّر بأن ما يحتاجه كُل من الجذافين المشاركين إلى ما يقارب أو يزيد قليلا عن 180 وحدة من السعرات الحراريّة لقطع ذات المسافة أعلاه وفي زمن يستغرق قرابة ( 6 دقائق ) .

وماذا عن بقيّة ضروب الرياضة؟

ولأجل أن تكتمل الصورة واحتساب ما يبذل من جهود وما يستهلك من سعرات حراريّة مقابلها، نأتي كما في أدناه على عرض تفاصيل ذلك في عدد من الألعاب والفعاليّات الرياضيّة المختلفة .

– في كرة القدم يستهلك اللاعب قرابة (1250 من السعرات الحراريّة) أثناء زجّه اللعب كُلّ وقت المباراة ( 90 دقيقة ) .

– في كرة السلّة يستهلك اللاعب قرابة ( 750 وحدة من السعرات الحراريّة ) عند عدم تبديله كُلّ وقت المباراة البالغ 60 دقيقة .

– في كرة اليد يستهلكُ اللاعب قرابة (850 وحدة من السعرات الحراريّة ) عند عدم تبديله كُلّ وقت المباراة البالغ 60 دقيقة .

– في الكرة الطائرة يستهلك اللاعب قرابة ( 450 وحدة من السعرات الحراريّة لكُلّ ساعة من اللعب المستمرّ .

– في التنس قرابة 500 وحدة من السعرات لكُلّ ساعة من اللعب المستمر .

– البولنغ قرابة 250 وحدة منها لكُلّ ساعة لعب .

– الغولف … كذلك.

– الملاكمة: قرابة 15 سعرة حراريّة في الدقيقة الواحدة أثناء الجولات .

– المصارعة بنوعيها (الحُرّة والرومانيّة) يستهلكُ 15 وحدة من السعرات الحراريّة في الدقيقة الواحدة أثناء مُدّة النزال .

– الجودو …كذلك.

– أخيرًا إلى هواة الترامبولين 15 سعرة في الدقيقة الواحدة .

تدريبات رفع الأثقال 

أما إذا كان الأمر يتعلّق بعدد هذه السعرات في الوحدات التدريبيّة لمثل هذه الفعاليّات، فإن تدريبات رفع الأثقال تعدُّ الأصعب في ضروب هذا النوع من أنواع الرياضة. ففي الأشهر والأسابيع العدّة التي تسبق موعد البطولات المهمّة، يتجاوز مجموع ما يتوجّب على الربّاع تكرار رفعهِ ما يُقارب ( 100 طن في اليوم الواحد ) مع الأخذ بنظر الاعتبار التباين بين الأوزان البدنيّة للربّاعين. إنّ مثل هذا الكمّ من الحمولات التدريبيّة يتطلّب استهلاك ما يُقارب أو يزيد عن (10000 من السعرات الحراريّة) .

أكاديمي متخصِّص في ( السياسة الرياضيّة )

 

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

نهر السين يشهد افتتاح الأولمبياد بمشاركة 6 آلاف رياضي       

  متابعة – فوز يشهد نهر السين افتتاح دورة الألعاب الأولمبيّة الصيفيّة 33 في العاصمة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *