استفزاز الآسيوي وأخلاقنا الرياضية!!

 

رعد العراقي

بين البساطة واستسهال إطلاق الكلمات في التعبير النقدي البنّاء، وبين سقطة الوقوع في فخّ سُلطة القانون التي لا تبيح الحريّة الكاملة في استخدام الألفاظ والتوصيف أو التجريح بكُلّ ما يتعلّق بالشخوص والمؤسّسات، بين الحالتين يكاد يكون هناك خيط رفيع ربّما يتلاشى أمام أنظار البعض في لحظات الحُزن والغضب أو الاحساس بالظُلم.

ما حصل من ردّات فعل عنيفة تجاه الاتحاد الآسيوي من قبل الجمهور وبعض الشخصيّات الرياضيّة بعد خسارة منتخبنا الوطني في الدور 16 من نهائيات آسيا الأخيرة أمام المنتخب الأردني نتيجة الأخطاء التحكيميّة للحكم الأسترالي الجنسيّة (الإيراني الأصل) علي رضا، كُشِف أمران في غاية الأهميّة ولابد من الوقوف عندهما ودراستهما والعمل على تغيير فلسفة التعاطي مع ما يحصل من مواقف مشابهة مستقبلًا وكيفيّة التعامل من المؤسّسات الكروية العُليا .

الأوّل: إن الاتحادين الدولي والآسيوي لديهما لجان متخصّصة واحدة منها تحت مسمّى (الأخلاقيّات) تكون مسؤولة عن متابعة كُلّ التصرّفات والتصريحات التي تصدر عن كُل شخصيّة مسجّلة وتخضع لقوانين وأنظمة الاتحادين، وبالتالي فهي تفرض العقوبات المعنويّة والماديّة لكُلّ مَن تراه يتسبّب في انتهاك القوانين، وربّما الإخلال بالنظام العام أو تسبّب في إيذاء بقيّة الأعضاء لفظيًّا أو جسديًّا، وبالتالي فهي تجرّد الآخرين من خارج المنظومة الضبطيّة الخاصّة بها من أي صلاحيّة تبيح لهم التشهير أو الإساءة لبقيّة أعضائها كنوع من الحماية لهم! الأمر الذي لابدّ للاتحاد والشخصيّات الرياضيّة والإعلاميّة العراقية تداركه ومحاولة التسلّح بثقافة النقد القانوني في التصريح والتوصيف لأي موقف معيّن بنوع من الذكاء الدبلوماسي والقانوني بما لا يسمح للجان المعنيّة من اعتباره تجريح أو إساءة وخاصّة أن لغتنا العربيّة زاخرة بتعابير وألفاظ يمكن أن تحمل نفس المعنى إلا أن إحداها تفسّر بأنها مُسيئة بينما الأخرى تُصنّف بأنها انتقاد مشروع.

الأمر الثاني: يتعلّق بالاتحاد الآسيوي الذي أطلق لسُلطته العنان دون قيود والتي تتعلّق باستشعار ردّات الفِعل للاطراف المتضرّرة وخاصّة فيما يتعلّق بأخطاء الحُكّام وتأثيرها على جهود منتخبات وآمال جماهير خلفها تنتظر تحقيق الإنجاز!

ليس من المنطق أن يفرض نظام الحماية للحُكّام والشخصيّة والاتحاد على حساب ظُلم الآخرين!! فالتوازن لابدّ أن يكون حاضر في تشخيص الحقائق، ومثلما لا يسمح الاتحاد الآسيوي بأي تجاوز أو تشكيك بالحُكّام كان من المفترض أن يُبادر إلى احتواء المواقف المتشنّجة وتدقيق أداء الحكم والوقوف على الحقيقة واتخاذ إجراء ضدّه إذا لزم الأمر وليس الاستعجال بتبرئته، بل واستفزاز المتضرّر بالإصرار على تكليفه بواجبات أخرى وترشيحه لإدارة نهائيّات كأس العالم القادمة برغم اتفاق كُل المُحلّلين من حُكّام دوليين ولاعبين سابقين على ارتكابه أخطاء جسيمة كانت هي أحّد أسباب خسارة المنتخب العراقي .

نقول: علينا أن نتعايش مع الواقع الحالي لمقاومة سُلطة المنظومة القياديّة لكرة القدم من خلال ضبط التصريحات والانفعالات والإيمان بأن مباريات كرة القدم تتحمّل الكثير من الأخطاء والظُلم، ومن الصعوبة تغيير النتائج المُترتبة عليه.

حقوقنا نكتسبها بالطُرق القانونيّة أوّلًا وإن لم تثمر عن شيء ودقة طروحاتنا ورزانة حديثنا والأهم أن لا تجرفنا الانفعالات لنتنازل عن جوهر وخُلق الشخصيّة العراقيّة مهما عظمت المظالم!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

عهد بعثة فلسطين الأولمبيّة

  أسامة فلفل* وجع الغربة والفراق والبُعد عن الأحبّة والإخوّة والرفاق والأهل والعشيرة ورفاق الدرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *