سبعة ملايين دولار مفقودة الأثر تصدِمُ المؤتمر العام في الدوحة!
الرياضيون يطالبون بتوضيح ما يتعلّق بإدارة الأموال المخصّصة لتطوير الرياضة
ضرورة اليقظة في حماية مبادئ الشفافيّة والمُساءلة والإشراف في الحوكمة الرياضيّة
فرض الاتحاد الدولي التعديلات الدستوريّة بالنظام الأساس للآسيوي تجاوز واضح للسُلطات
الظهور غير المتوقّع لـ “سيلفا ورامسام” أثار تساؤلات حول مستقبل مسار الاتحاد القارّي
خاص – فوز
كشف تقرير تلقّت (فوز) نسخة منه، عن الأحداث الأخيرة التي أحاطت بالاتحاد الآسيوي للرياضات المائيّة أثناء مؤتمره العام الذي عُقد بمدينة الدوحة في 12 فبراير/ شباط حيث هيمنت على مداولات الاجتماع القضيّة الجوهريّة المُتعلّقة بفقدان مبلغ قدره سبعة ملايين دولار أمريكي تم تخصيصها للاتحاد ممّا أحدثَ صدمة كبيرة وسط المجتمع الرياضي للألعاب المائيّة ( بحسب مصدر خليجي موثوق نقل ما جرى خلال الاجتماع ).
ويفيد مستهلّ التقرير بأن هذه الأحداث، ألقت بظلال كثيفة من الشكِّ حول مدى التقيّد بمبادئ الشفافية، ما أدّت الى تسليط الضوء على الاتحاد الآسيوي للسباحة لاسيّما أن عالم الحوكمة الرياضيّة يعتبر الشفافيّة أمرًا في غاية الأهميّة حيث أن الرياضيين والممارسين للرياضة على حدٍّ سواء يعلون على نزاهة الاتحادات الرياضيّة بالقدر الذي يضمن اللعب النظيف والإدارة المسؤولة عن الأموال المخصّصة لإدارة النشاط الرياضي.
وجاء في التقرير:
من المعلوم أن هذه الأموال في الأساس تم تحويلها من الحكومة الكويتيّة إلى رئيس الاتحاد الآسيوي للسباحة الشيخ خالد الصباح حيث كان الغرض الأساس منها دعم تطوير الرياضات المائيّة في القارّة، ولكن ما حدث لها يُشكّل حكاية من الغموض والممارسات التي تطولها الشُبهات!
الشيخ خالد الصباح، خاطب المؤتمر العام محاولاً تقديم تبريرات متنوّعة حول آلية صرف هذا المبلغ الكبير حيث أنه ذكر بأن جزءًا منه قد تم استغلاله لأغراض المكتب التابع للاتحاد الآسيوي للسباحة في الكويت وهو ادعاء غير سليم، ولا توجد به جزئيّة من الدقّة، ويحمل الشكوك لاسيّما في غياب أي دليل ملموس يعضّد وجود مثل هذا المكتب أصلًا! علاوة على ذلك، فإن سجل الشيخ خالد المتمثّل في تكرار غيابه عن اجتماعات وفعّاليات الاتحاد الآسيوي للسباحة منذ العام 2011 أدّى إلى رفع حاجب الدهشة من جانب الحضور وأثار التساؤل التالي: ما الذي كان يفعله بالأموال التي عُهدت إليه؟!
التباين في المعرفة والمُساءَلة
إن الافتقار إلى الشفافيّة وصل ذروته عندما تسلّم حسين المسلم رئيس الاتحاد الدولي للرياضات المائيّة الميكروفون وقدّم تفسيرًا للأحداث حيث أثار تدخّله المزيد من التساؤلات على خلفيّة هذا الموضوع كما انه لم يسمح للآخرين بالسؤال أو طلبهم بتوضيح الموقف، بل والأكثر من ذلك لماذا كان هو الأكثر دراية في ما يتعلّق بإدارة الأموال من الشيخ خالد نفسه؟! إن هذا التباين في المعرفة والمُساءلة لم يكن فاضحًا فحسب، بل أثار أيضًا قلقًا عميقًا وسط الحضور!
إن العرض التوضيحي للحوالات البنكيّة إذا كانت كما يزعمون ( بنظام إكسيل ) الذي تمّ من خلاله تفصيل المصروفات المزعومة لم يُقدِّم شيئًا يُذكر لتهدئة النفوس والمخاوف التي ارتسمتْ على وجوه المشاركين بالمؤتمر العام، ففي هذا العصر الذي ينتشر فيه التلاعب الرقمي فإن مجرّد تقديم جداول بيانيّة لا ينطوي إلا على قدر ضئيل من الوزن كدليل قاطع للمعاملات الماليّة، ولذلك فإن عدم وجود وثائق ملموسة لا يؤدّي إلاّ إلى زيادة حدّة الشُبهات واضعاف الثقة في قيادة الاتحاد الآسيوي للسباحة.
إن ما حدث يؤكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ الحاجة المُلحّة إلى مزيدٍ من تفعيل الشفافيّة والمُساءلة ضمن الاتحادات الرياضيّة ذلك لأن الرياضيين وأصحاب المصلحة والجماهير يستحقون أفضل من ذلك من خلال الوضوح فيما يتعلّق بإدارة الأموال المخصّصة لتطوير الرياضة، وأي شيء آخر دون الافصاح التام عن المعلومات الدقيقة إنما يُهدّد نزاهة مجتمع الرياضات المائيّة بأكمله ويؤدّي إلى تقويض الجهود الرامية إلى تحقيق التميّز والتفوّق الرياضي.
وبما أن المشكلة المتمثلة في فقدان أثر من مبلغ سبعة ملايين دولار أمريكي بدأت تنكشف الآن يجب أن تذكّرنا هذه الحادثة بأهميّة اليقظة في حماية مبادئ الشفافيّة والمُساءلة والإشراف في الحوكمة الرياضيّة، ذلك أن الاتحاد الآسيوي للسباحة، بل ويجب على جميع الاتحادات الرياضيّة الاستفادة من هذه الصحوة والشروع حالًا في تصحيح مسار الاصلاح الحقيقي لاستعادة الثقة في المؤسّسات التي تٌعهد إليها عمليّة تحقيق أحلام وتطلّعات الرياضيين في كُلّ دول العالم، وأي شيء دون ذلك إنما يُشكّل عائقًا أمام المُثل التي تم على أساسها بناء مبادئ الروح الرياضيّة واللعب النظيف.
المؤتمر يثير موجة الاحتجاجات
يجدُ الاتحاد الآسيوي للسباحة نفسه غارقًا في بحر من الجدل في أعقاب مؤتمره العام غير الاعتيادي الذي عُقد بمدينة الدوحة في 12 فبراير/شباط وسط مزاعم وإنتهاكات إجرائيّة تلقي بظلال قاتمة من الشكّ حول الاجراءات المُتبعة داخله، ففي ظلّ المخاوف المتزايدة من جانب الأعضاء، فإن رفض رئيس الاتحاد الدولي للرياضات المائيّة لهذه الادعاءات واقتراحه إحالة الأمر إلى المحكمة يصبُّ مزيدًا من الزيت على النار! وعلى وجه الخصوص، فقد تمّ تحديد الانتهاكات التالية التي هزّت أركان المؤتمر العام وتطعن في شرعيّة نتائجه:
1- إنتهاك فترة مجلس الإدارة : لقد أنقضت مدّة مجلس الإدارة للاتحاد الآسيوي للسباحة كما هو محدّد في اللوائح قبل فترة طويلة ممّا يجعل رئيس الاتحاد وأعضاء مجلس الإدارة الحاليّة “غير شرعيين” ومجرّدين من أيّ سلطات.
2- الفشل في اتباع المدّة المحدّدة لإشعار الاتحادات بموعد الاجتماع: إن فترة الإشعار المحدّدة بثلاثة أشهر قبل انعقاد المؤتمر العام غير الاعتيادي لم يتم الالتزام بها بشكل صريح ومُطابق للنظام حيث تمّ إرسال الإشعار قبل المدّة المحدّدة بنحو شهر ونصف.
3 – الدعوة غير صحيحة وغير سليمة للمؤتمر العام: تمّت الدعوة للمؤتمر العام من جانب واحد فقط بواسطة الرئيس متجاوزًا البروتوكول المتعارف عليه لانعقاد مثل هذه التجمّعات، وفضلاً عن ذلك فإن تضمين أعضاء لا يشغلون مناصب تنفيذيّة أثار العديد من التساؤلات حول شرعيّة مشاركتهم واعتمادهم كأشخاص لإقرار موعد عقد وحضور الاجتماع.
4- الفشل في التقيّد بإجراءات الدعوة للاجتماع – الإشعار: تم تجاهل أمين السرّ العام الذي حدّد له النظام وأعطاه السلطة ليس غيره لإصدار الدعوة الرسميّة بإشعار الاتحادات وأعضاء مجلس الإدارة بالاجتماع الذي أدّى إلى مزيد من إضعاف مصداقيّة عقد المؤتمر العام.
5 – الاستبعاد من عمليّة التعديل في النظام الأساس: إن فرض تعديلات دستوريّة تتعلّق بالنظام الأساس بواسطة الاتحاد الدولي للرياضات المائيّة من دون التشاور الصحيح كما ينبغي مع المكتب التنفيذي أو مع مجلس إدارة الاتحاد الآسيوي للسباحة والاتحادات الوطنيّة لهو تجاوز واضح للسُلطات‘ ويؤدّي إلى تقويض إستقلالية الاتحاد.
6 – تجاهل مدّة الإشعار لإتاحة الفُرصة للاتحادات للمُراجعة: إن الفشل في التقيّد بمدّة الإشعار الموجّه إلى الاتحادات لمراجعة التغييرات الدستوريّة المقترحة في النظام الأساس يعكس تجاهلاً صارخًا للبروتوكول المحدّد والإجراءات المعمول بها وما ينصّ عليه النظام.
إجراء ديكتاتوري
علاوة على ذلك، فقد أبدى الأعضاء مخاوفهم حول طبيعة إجراءات التعديلات بعد أن تمّ اتخاذ هذه التعديلات بواسطة كيانات خارجيّة من دون مشاركة أو معرفة المكتب التنفيذي، ولا مشاركة من قبل الاتحادات الأعضاء، حيث أن هذا الافتقار للشفافيّة يثير تساؤلات جديّة بخصوص استقلاليّة وذاتيّة الاتحادأ وقد شبّه بعض الأعضاء هذا الموقف بالإجراء الديكتاتوري بدلاً عن اتباع مبادئ الحوكمة الديمقراطيّة.
وبما أن التداعيات الناجمة عن عدم شرعيّة المؤتمر العام أصبح يتردّد صداها الآن داخل مجتمع الرياضات المائيّة فقد تعالت الأصوات المنادية بضرورة تفعيل المُساءلة والشفافيّة، وبالتالي لابدَّ من التصدّي للمخاوف التي أثارها الأعضاء على الفور بشكل شامل مع اتخاذ كلّ الخطوات اللازمة لضمان عدم حدوث مثل هذه الانتهاكات مرّة أخرى في المستقبل.
إن نزاهة الاتحاد الآسيوي للسباحة ومصداقيّة قيادته أصبحت في مهبِّ الريح ممّا يستوجب استعادة الثقة ورسم الطريق إلى الأمام بكلّ ثقة وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال اتخاذ إجراء سريع وحاسم في هذا الخصوص.
تدخّلات خارجيّة
استمرار الجدل بسبب تدخّل رئيس كُلّ من الاتحاد الأوروبي والأفريقي للرياضات المائيّة خلال المؤتمر العام (الجمعيّة العموميّة) وسط مخاوف تتعلّق بانتهاك النظام الأساس.
احتدمت التوتّرات بالمؤتمر العام للاتحاد الآسيوي للرياضات المائيّة في الدوحة بسبب مخاطبة رئيس الاتحاد الأوروبي للسباحة أنطونيو سيلفا ورئيس الاتحاد الأفريقي للرياضات المائيّة سام رام سام للمؤتمر في بادرة غير اعتياديّة تنطوي على تدخّل قارّات أخرى في شؤون الاتحاد الآسيوي، حيث أبدى أعضاء الاتحاد الآسيوي للرياضات المائيّة مخاوفهم حول التعديلات المقترحة، وطلبوا منحهم المزيد من الوقت لمُراجعة التعديلات بالنظام، وكذلك فرصة مراجعة التعديلات التي أجريت من السُلطة العليا (الاتحاد الدولي) كما أنهم أشاروا في نفس الوقت إلى انتهاكات للنظام الأساس الحالي وانقضاء الفترة القانونيّة للمكتب التنفيذي منذ العام 2020، كما أن الظهور غير المتوقّع لكلّ من “سيلفا ورامسام” فاقم من حدّة الغليان حيث أن حضورهما أدّى إلى إثارة تساؤلات حول التأثيرات الخارجيّة التي تشكّل مستقبل مسار الاتحاد الآسيوي للرياضات المائيّة ممّا يسلّط الضوء على قضايا أكبر تتعلّق بالاستقلاليّة والسيادة الإقليميّة ضمن إطار الحوكمة الدوليّة في مجال الرياضات المائيّة.