أعيدوا الثِقة للحُكّام

 

رعد العراقي
الحملة الشرسة التي تعرّض لها حُكّام كرة القدم المكلّفين بإدارة مباريات دوري نجوم العراق للموسم 2023-2024 وكذلك الدوري الممتاز، بعد توجيه الاتهام لهم بعدم الكفاءة، وفي كثير من الاحيان رميهم بصميم الذمّة والنزاهة ومُجاملة فريق على حساب آخر، وهو ما وضع المنظومة التحكيميّة تحت ضغط الخشية من تعرّضهم للايذاء النفسي وحتى الجسدي.
لا نريد أن ندخل في تقييم حقيقة مستوى الحُكّام ولا ننفي وجود أخطاء حصلت في بعض المباريات، مثلما كان هناك نجاح لهم في الكثير منها. فالحديث الساخن اليوم من وجهة نظرنا هو توضيح حقائق على قدر كبير من الأهميّة لا بدَّ من الوقوف عندها ودراستها بدقة، قبل الشروع في ترتيب بيت “قضاء الكرة” وإعادة هيبته وفرض الاحترام له من قبل الجميع.
البداية أن حصول أخطاء تحكيميّة هي حالة شائعة في كُل ملاعب العالم حتى بوجود تقنيّة (Var) طالما أن هناك حالات معيّنة حتى وإن رصدتها كامرات التقنيّة، إلا أنها تحتاج إلى قرار من الحُكّام للبتِّ بها، وهو ما سبَّبَ في اختلاف وجهات النظر ودفع بالمُعترضين إلى اتهام الحُكّام بالتعمّد والطعن في نزاهتهم وهو أمر لا يمكن القبول به، بل المنطق يذهب نحو الاعتراف بالخطأ البشري كجزء من اللعبة طالما لا يوجد دليل قاطع بوجود تعمّد ونيّة مبيّتة ضدَّ هذا الطرف أو ذاك.
الموضوع استغلّ من قبل بعض الأندية وخاصّة ممّن يرفضون القبول بالخسارة أو يتحسّسون من أي قرار تحكيمي ومحاولتهم تبرير أي نتيجة لا تروق لهم من خلال إثارة الجماهير واشغال الإعلام والصحافة بقضيّة تبعدهم عن حقيقة مستواهم الفني وتلك الحالات تكرّرت كثيرًا، بل أصبحت (مودة) بعد نهاية كُل مباراة.
الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل تسرّبت تلك النظرة إلى نفوس اللاعبين وجعل جميع المباريات تجري تحت توتر نفسي مبالغ به دفع اللاعبين إلى اعتراضهم بشكل مُسيء وغير حضاري عن أي قرار حتى وإن كان صحيحًا لا يقبل أي خطأ وبدأوا يتعمّدون الصراخ ومحاولة الاعتداء على حكم الساحة في صورة لا يمكن القبول بها تتناقلها الكاميرات وتسبّب في الإساءة للاخلاق الرياضيّة وبنفس الوقت تنقل صورة بوجود جهل وقلّة وعي للاعب العراقي، وبالتالي فإن تلك الأجواء تكون جزءًا من أسباب توتر الحكم ووقوعه في أخطاء عدّة.
نقول..على الأندية أن تهذب سلوك لاعبيها وتضبط تصرّفات الكوادر التدريبيّة والإدارية، ولا تسمح لهم بإثارة الفوضى، وترتقي بالجانب الضبطي والأخلاقي، وتقبل أن كرة القدم لعبة أخطاء، ويمكن لها أن تتجه للاعتراض الرسمي والقانوني عند الشعور بالغبن أو تقدّم دليل بوجود تعمّد وبخلافهِ فلا يحقُّ لها أن تجعل ميدان اللقاء مساحة لإظهار فنون الإساءة.
اتحاد كرة القدم، أمام مسؤوليّة كبيرة تتعلّق بشقين، الأوّل تنظيم منظومة التحكيم ورفع مستواهم الفني والقيادي من خلال الدورات الخارجيّة والداخليّة، وكذلك إعادة الثقة بالحُكّام وفرض الاحترام لهم وعدم السماح بأي اتهام ضدّهم دون دليل لا يقبل الشكّ، أما الثاني فهو فرض ضوابط وتعليمات تلزم الأندية بمحاسبة طواقهم الإداريّة والفنيّة ولاعبيهم بالابتعاد عن الإساءات والتلفظ بكلمات غير لائقة تجاه الحُكّام، ونحتاج إلى تعظيم التربية والأخلاق لنشاهد كرة قدم حقيقيّة بعيدًا عن صور ومشاهد لا تليق بنا!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

عهد بعثة فلسطين الأولمبيّة

  أسامة فلفل* وجع الغربة والفراق والبُعد عن الأحبّة والإخوّة والرفاق والأهل والعشيرة ورفاق الدرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *