رياضتنا تبحث عن أمل على قارب باريس “السياحي”!

 

متابعة – رعد العراقي

انطلقت قبل أيام قليلة منافسات الألعاب الأولمبيّة في العاصمة الفرنسيّة باريس 2024 وسط اهتمام عالمي كبير شهد إقامة حفل أسطوري على ضفاف نهر السين جسّد حرص دول العالم على المشاركة والتنافس الشريف من أجل اعتلاء منصّات التتويج والظفر بالميداليّات الأولمبيّة الملوّنة التي تتعدّى قيمتها الماديّة والشخصيّة إلى حيث قيمتها الوطنيّة التي تسجّل في التأريخ كإنجاز يسهم في تعزيز مكانة البلد بين دول العالم.

من شاهد الوفد العراقي الرياضي وهو يستعرض على سطح القارب ويلوّح براية الله أكبر وعدده لا يتجاوز أصابع اليد لا بدَّ أن يشعر بالأسى والحسرة والألم أن تكون صورة العراق العظيم بكُلّ تأريخه وامكانيّاته الاقتصاديّة وخزين المواهب على نحو بائس لا يعبّر عن حقيقة قدراته التي غيّبت بفعل “محدوديّة المنظومة الإداريّة” التي عجزت عن النهوض بالرياضة العراقيّة طيلة السنوات الماضية، وتوجّهت نحو صراعات المناصب والرحلات السياحيّة والمشاركات الوهميّة الفارغة، والترويج لإنجازات شكليّة سرعان ما تتكشف عورتها عند أي مشاركة رسميّة معترف بها سواء على مستوى القارّي أو الدولي.

أكاد أجزم إننا البلد الوحيد الذي يتفاخر فيه الوفد الرسمي المرافق للوفد الرياضي  بتواجده بأعداد كبيرة وكأنه إنجاز يُحسب للبلد يحاولون من خلال تطويع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر تحرّكاتهم وابتساماتهم والتقاط الصور التذكاريّة مع حقن تخدير وإيهام للجماهير بأن حضورهم هو تشريف ودعم للرياضيين في وقت يدرك كُل ذي عقل راجح أن الحقيقة لا تتعدّى التسابق لاستثمار رحلة سياحيّة مدفوعة الثمن من خزينة الدولة لو جيّرت تكاليفها لإعداد بطل واحد لحصدنا أحّد الأوسمة بدون تواجدهم!

لا أعرف بالضبط لماذا كُل هذه السعادة تبدو على وجوه من يغرق المواقع بصور حضورهم وهُم بالكاد قد حصلوا على مقاعد بين الجماهير بعد أن فرغت من حفل الافتتاح وهي دليل على أن الدعوة الموجّهة لم تكن بصفة رسميّة خالصة بقدر ماهي بطاقات مجانيّة يتم توزيعها وفق رؤية الأولمبيّة ومساحة علاقاتها وربّما الدعوة الرسميّة الوحيدة كانت لرئيس اللجنة الأولمبيّة الذي تواجد على المنصّة الرئيسيّة وهو ما يفسّر سرّ غيابه مع بقيّة أعضاء الوفد المنهمكين بالتقاط الصور وهُم بين الجماهير العادية!

ثمّة أمر في غاية الأهمية، في كُل الوفود الرسميّة الحاضرة لمثل هكذا محافل يتم توصيف الشخص والمهمّة التي يحضر من أجلها ويؤدّي واجباته طوال فترة وجوده، سواء كان عمله في اتحاد كرة القدم أم اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة أم وزارة الشباب والرياضة، أم لا توصيف له سوى عنوان وظيفته وأنه يتواجد لأجل السياحة فقط على حساب المال العام!

لا أمل في تطوّر الرياضة العراقيّة طالما أن العقليّة لازالت تدور في فلك الوهم والحرص على المجد الشخصي دون المصلحة العامة!

ولا أمل في أن نمسك باسرار الحداثة بالتخطيط والبناء الصحيح طالما أن المال أصبح بديل ومقياس ووسيلة لشحذ الإنجاز بينما العقول والخبرات باتت جليسة في زاوية منسيّة.

لا أمل في أن نشاهد حضورًا مؤثرًا لأغلب الألعاب في البطولات العالميّة طالما أننا لا نخجل أن نشاهد بدلاً عنها وفودًا سياحيّة تحت مسمّيات مختلفة وبأعداد كبيرة لا عمل لها إلا البراعة بتوثيق رحلتهم التأريخيّة ولا نستغرب أن يتمّ تكريمهم عند عودتهم الميمونة إلى أرض الوطن لجهودهم في تحمّل عناء السفر والغربة وتمثيل البلد لتهنئة البلدان التي حققت الأوسمة الأولمبيّة.. ولا عزاء للرياضة العراقية!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

“الصقور” يصطادون أسير التركمانستاني بهدفين

  كتب: رعد العراقي نجح فريق القوة الجوية في حصد نقاط أولى مبارياته ضمن المجموعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *