روّاد الصحافة الرياضيّة وقانونهم (المنسي)!

 

عمـار سـاطع

 من غير المعقول أبدًا أن يبقى قانون روّاد الصحافة الرياضيّة العراقيّة، معطّلاً من قبل الجهات ذات العلاقة أو مهمّشاً من الدوائر صاحبة الشأن ورُبّما وضع منذ محاولة إيجاد حلول ناجعة لشريحة كانت شريكة أساسيّة في تحقيق النجاحات التي تفرّدت بها رياضة الوطن منذ عقود، قبل أن يواجه الصحفي الرياضي العراقي مشاكل جمّة بسبب اﻻنتقالة النوعيّة والتقنيّة التي ضربت دور النشر والمؤسّسات الإعلاميّة!

أيها الإخوة .. إن الصحفي الرياضي العراقي، بات بحاجة لِمَن ينقذه من التهميش بسبب الهيمنة التي أحدثتها اﻻنتقاﻻت الحاصلة في الفضائيّات والقدرات الهائلة التي أفرزها التنوّع في شبكة الإنترنيت وتحديدًا “السوشيال ميديا” و”منصّات التواصل اﻻجتماعي” وبسبب سرعة نقل المعلومة، تشظّى الزملاء من أهل الكلمة واضطرّ البعض إلى الابتعاد عن العمل الصحفي!

وفي الحقيقة إن الصحفي الرياضي عندنا أصبح يتنقل بين هذه الجهة وتلك وربّما انتقل إلى العمل في مؤسّسات رياضيّة منها اتحادات رياضيّة وأندية يشتغل في مكاتب إعلاميّة أجبر على العمل فيها على حساب صناعة الرأي واﻻهتمام بوجهات النظر في أي شأن من الشؤون والأحداث والمناسبات، وتأثر الكثير من الإخوة الزملاء بتغييبهم قسرًا عن كتابة الأعمدة في الصُحف التي لم تعد قادرة، برغم قلّتها، على منح الرواتب البسيطة والمكافآت الضئيلة التي لا تسمن وﻻ تغني من جوع!

وهنا ﻻ بدّ لنا أن نضع النقاط على الحروف أمام المعنيين أو الإخوة المسؤولين الذين أخذوا على عاتقهم، إقرار قانون مُنح روّاد الصحافة الرياضيّة، أو تبنّوا استحصال تلك الموافقات الرسميّة، (المعلّقة حتى الآن) من أعلى الجهات في الدولة العراقيّة بداية من لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب أو من مجلس شورى الدولة عبر مستشاري رئيس مجلس الوزراء المطلعين على حيثيّات الموضوع برمّته، من أجل اِنتشال الشريحة التي عملت منذ سنوات وقدّمت للصحافة الرياضيّة العراقيّة عصارة جهودها الفكريّة وكانوا من بين أسباب نجاح وتفوّق وتألّق الرياضة العراقيّة في المحافل الخارحيّة أيًّا كانت عربيّة أو إقليميّة أو قاريّة أو عالميّة!

لقد فرضت الظروف والأحوال أن يبقى إقرار القانون معطّلاً وهو بحاجة ماسّة لِمَنْ يُفعّلهُ بالشكل الأنسب والأكثر مُلاءَمَة للواقع وبعيدًا عن اﻻجحاف أو التهميش أو ربّما تناسي مجموعة كانت لها بصمات إيجابيّة أينما حلّت وعملت بجدٍّ واخلاصٍ وتفانٍ، حتى إن بعضهم يعمل بالمهنة دون أن يكون له ارتباطًا فعليًّا بالمؤسّسات الحكوميّة، وبقي يعمل بقلمهِ يكتب ويجتهد في نقل الأخبار المعلومة، ويتفاعل مع الأحداث ويُشخِّص الأخطاء في مقالٍ، ويتبنّى وجهة نظر في زاويةٍ، ويجري تحقيقًا ويتعمّق في متابعة ويحاور المسؤولين ويدرك معنى الكلمة التي ستظهر في ورق الصحيفة، وكان أغلب الزملاء يتسابقون من أجل سبق صحفي من أجل التنافس بشرف المهنة، قبل أن تندثر الحالة وتضحى الصحيفة ثانوية من وجهة نظر كثيرين بدْءًا من مسؤولي الدولة ذاتهم وانتهاءً بالمجتمع!

وفي اعتقادي الشخصي أن الصحافة الرياضيّة عندنا، اليوم، تحتاج إلى ثورة شاملة، تنطلق بكتابة سطور وهامش وتوقيع من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتنتهي بتنفيذ مطالب كتبت وصيغت على شكل نقاط فعّالة، قد تكون سببًا في إنهاء حُقبة التظلّم والتهميش الذي يواجههُ صحفيون رياضيون كانت لأقلامهم الدور الكبير في صناعة أجيال كافحت وعملت بجديّة عالية، وكانوا سبّاقين في وضع الصحافة الرياضيّة العربيّة في بداية الطريق الصحيح في تأسيس اتحادهم مطلع سبعينيّات القرن الماضي، واليوم يواجهون مشكلة نوعيّة، تختلف عن كُل الدول العربيّة وحتى غير العربيّة!! بسبب مركزيّة العمل أوّلاً وتبنّي دولهم تعيين وتوظيف الصحفيين الرياضيين قبل غيرهم أمانة منهم للحصول على المعلومة الدقيقة والصحيحة والتي تضع خارطة طريقة تصحيح الخطوات وتعديل المسارات وشرح الخطط المستقبليّة لرياضة بلدانهم!

وحتى اقترب من حقيقة ما حصل معنا كصحفيين رياضيين، شريطة أن لا تعتبر السطور التي كتبتها، على أنها تقع ضمن بند المظلوميّة، بقدر ما هي تذكير بِما يواجههُ الزملاء من غبنٍ كبير، لحق بهم بسبب الإهمال بوضع أسمائهم التي تم تضمينها بكتاب رسمي صادر من اﻻتحاد العراقي للصحافة الرياضيّة وتصنيفهم لمستويات سنوات عملهم وخدمتهم، ومهمّش عليها من قبل مسؤولي وزارة الشباب والرياضة، آنذاك، أسوة بروّاد الرياضة والأبطال، ومنذ نحو ثمانية أعوام، إﻻ أنها لم ترَ النور ولم يتم التعامل معها بالطريقة المناسبة، فبقيت مهمّشة سواء من وزارة الشباب والرياضة أم لجنتي “الشباب والرياضة” و “الثقافة والإعلام” في مجلس النوّاب، ولم يُقدر أن يفتح هذا الملف بالشكل الصحيح، قبل أن تظهر بوادر حلّ الأزمة (المنسيّة) من قبل بعض المقرّبين أو الذين يدركون أهميّة وجود أسماء صحفيّة رصينة وأقلام شجاعة وكُتّاب ليس لديهم أي مهنة أخرى سوى العمل بالصحافة الرياضيّة!

نعم.. أتمنى من رئيس الوزراء، أن يُعجّل في أمرين مهمّين، الأوّل دعم الصحفيين الرياضيين عبر إقرار قانون روّاد الصحافة الرياضيّة، وإعادة الصحافة الرياضيّة إلى الواجهة مجدّدًا بعد غياب طويل، والثاني تبنّي فكرة القراءة الصحيحة للجيل الجديد كونها ترتبط بقطّاعي الشباب والرياضة إلى جانب تفعيل الأدوار التي من شأنها أن تعيد شغل الحيّز الكبير والمؤثر في المجتمع العراقي ولشريحة واسعة، لكون الشباب اليوم هُم في واجهة الصراع الفعلي وإنقاذهم من الضياع وجعلهم إضافة إيجابيّة في المجتمع واجب على كُل عراقي يدرك معنى الوطن والمواطنة!   

أقول، أعرف أن هناك الكثير من الأمور تقع على كاهل الدولة، وقد تبنّت منها الكثير وفعلت الكثير، ومن بين هذه القضايا العالِقة، قانون روّاد الصحافة الرياضيّة التي يجب أن تكون حامية لِمَنْ اختارها مهنةً، دون غيرها من المِهن، ولأنّ الواقع تطوّر بالشكل الذي أضعف قاعدة الصحافة الرياضيّة، وجعلها تعاني بسبب تهميشها بقصدٍ أو دونه، أو رُبّما بسبب اللامُبالاة واﻻستكثار عليهم باعتبارهم رموز وطنهم، برغم أنهم كان لهم صوﻻت وجوﻻت في ميادين عدّة، لأنه في الواقع لا إنجازات رياضيّة تُعرف لولا كُتّاب الصحافة الرياضيّة، ولا نجوم تبرز دون اهتمام الصحافة الرياضيّة، وﻻ تخطيط فعلي يُنجز لولا الصحافة الرياضيّة، وﻻ كشف عن الأخطاء لولا الصحافة الرياضيّة، وﻻ تعليق أو نقد بنّاء لما برزت أدوار المعنيين من مسؤوليين وإداريين أو مدرّبين ولا حُكّام أو رياضيين لولا وجود الصحافة الرياضيّة، ولا كلمة عن الجمهور الرياضي لولا تلك الأسماء التي عملت في دُنيا الصحافة الرياضيّة!

لقد طال انتظار إقرار القانون الذي مِن شأنه أن يُحدِث استثناءًا تأريخيًّا ويبرّز دور الدولة في اهتمامها بالصحفيين الرياضيين الذين يتحقق معهم ولهُم قِمَم النجاحات والانتصارات! فمَنْ ينتصر للصحفيين الرياضيين بعد أن انتصروا من قبل لرياضة العراق؟!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

استقالوا لشعورهم بالتقصير !

  محسن التميمي في نزالات رياضة الملاكمة يكون المدرب ذكيًّا عندما يرمي المنديل الأبيض فوق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *