سمير السعد
في السنوات الأخيرة، أصبحت رابطة الجمهور لاعبًا مؤثرًا ليس فقط على المدرّجات، بل في قرارات النادي وإدارة الفريق، تتدخل هذه الرابطة بشكل متزايد للتأثير على القرارات الإداريّة والفنيّة، وهو ما يعكس دورها القويّ في تشكيل الرأي العام الرياضي! لكن إلى أي مدى يستمر تأثير هذا الدور؟
اليوم، نجد أحمد صلاح، مدرب فريق الشرطة، يواجه ضغوطًا كبيرة بسبب التدخلات المتزايدة من رابطة جمهور الفريق التي لطالما كانت داعمة له في الأوقات الصعبة، وبدأت الآن تشكّك في قدرته على قيادة الفريق نحو النجاح! هذه الضغوط الجماهيريّة تأتي في ظلّ تذبذب أداء الفريق في الفترة الأخيرة، ما دفع البعض إلى المطالبة بتغيير المدرب.
هذه الظاهرة ليست مقتصرة على أحمد صلاح فقط، يوجد بعض المدربين في دوري نجوم العراق يواجهون تحدّيات مُشابهة لزميلهم صلاح ويعانون من تدخل روابط الجماهير لأنديتهم سواء عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر التجمّعات المباشرة!
أصبحت رابطة الجمهور “سلاح ذو حدّين” في الوقت الذي تحمّس المشجّعين لرفع روحيّة اللاعبين وتدفعهم لتحقيق أفضل النتائج، فإنها تحوّل الضغوط إلى عامل تقويض للثقة بين المدرّب وفريقه.
الإدارة الرياضيّة اليوم تجد نفسها أمام مُعضلة حقيقيّة، فهي مطالبة بإيجاد التوازن بين الاستماع لمطالب الجماهير والحفاظ على استقرار الجهاز الفني، ومدرب مثل أحمد صلاح، الذي قدّم مستوى متميّزًا في فترات سابقة، يحتاج إلى دعم الإدارة والجماهير على حدٍّ سواء لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.
في ظلّ هذه الظروف، يتساءل البعض: هل يجب أن يكون للجمهور هذا التأثير المباشر على مستقبل المدربين أم أن الأندية يجب أن تترك الأمر بيد الإدارة الفنيّة لتقييم أداء المدرب بعيدًا عن الضغوط الخارجيّة؟ من دون شك أن هذه القضية ستستمرّ في إثارة الجدل بين الجماهير والإدارات الرياضيّة، وربّما نشهد المزيد من التدخلات في الأسابيع القادمة، وهو ما قد يؤثر على عدد من المدرّبين في الدوري العراقي، وليس فقط على أحمد صلاح.
إذا أمعنّا النظر في علاقة الجماهير مع الأندية والمدرّبين، نلاحظ أن دور روابط الجماهير تطوّر بشكل ملحوظ مع توفر وسائل الاتصال الحديثة حيث أصبح بإمكان الجماهير تنظيم حملات ضغط جماعيّة، سواء عبر مواقع “السوشيال ميديا” أو عبر التواجد الميداني في تدريبات ومباريات الفرق، هذه الروابط لم تعد مجرّد تضم عناصر من المشجّعين العاديين، بل أصبح لها صوتها القويّ والموحّد المُعبّر عن آراء ومطالب الكثيرين!
في كثير من الأحيان، تأتي هذه التدخلات بنتائج إيجابيّة عندما يتعلّق الأمر بتحفيز الفريق أو التغيير نحو الأفضل، لكن في أحيان أخرى، تتحوّل هذه الضغوط إلى عبء كبير يؤثر على اللاعبين والمدرّبين، وقد يؤدّي إلى قرارات متسرّعة تفتقد إلى الحكمة.
نجد – على سبيل المثال – أحمد صلاح يواجه التحدّيات التكتيكيّة والفنيّة مع فريق الشرطة، يُضاف لها تحدّيات خارجيّة تتعلّق بإرضاء الجماهير الغاضبة! هذا النوع من الضغوط قد يؤدّي في بعض الأحيان إلى تراجع المدربين عن خططهم طويلة الأمد والتوجّه نحو حلول سريعة قد لا تكون في مصلحة الفريق على المدى الطويل.
من جهة أخرى، قد يؤدّي الضغط الجماهيري إلى تزايد التوترات داخل الفريق بين اللاعبين والمدرب، ما ينعكس سلبًا على الأداء العام للفريق، فمع تراجع الثقة بين المدرب وفريقه، قد يفقد اللاعبون الدافع لتقديم أفضل ما لديهم على أرض الملعب، وهو ما يُعمّق الأزمة بدلاً من حلّها.
من الضروري أن تتبنى الأندية سياسات تواصل فعّالة مع الجماهير، بحيث يتم احتواء هذه الضغوط بشكل بنّاء، وتكون الشفافيّة حاضرة في القرارات الفنيّة، وتفتح قنوات الحوار المستمر مع روابط الجماهير، وهي بمثابة إحدى الحلول المُمكنة لتخفيف هذا التوتر، كما أن دعم المدرّبين من قبل الإدارة بشكل علني قد يكون رسالة واضحة للجماهير بأن المدرب لا يزال يحظى بالثقة، على الأقل في المدى القريب.
أخيرًا، يبقى السؤال الأكبر مطروحًا: إلى أي مدى يجب أن تستجيب الأندية لضغوط الجماهير، وهل يبقى تدخل الجماهير يهدّد الاستقرار الفني في الأندية؟ الإجابة تختلف من نادٍ إلى آخر، لكن في نهاية المطاف، يبقى التوازن هو الهدف المنشود بين رضا الجماهير واستقرار الفريق.