يورو الإثارة والدهاء!!  

 

رعد العراقي

لا حدود للاثارة والمُتعة في يورو ألمانيا 2024 وهي تقدّم مباريات تجمع الدهاء الخططي والقوّة البدنيّة والمستوى الفني العالي والروح التي لا تعرف الاستسلام أو الخوف من الخصوم وتقاتل حتى الرمق الأخير من أجل الدفاع عن فانيلة المنتخب.

إنه جيل جديد لمنتخبات أوروبا تلاشت فيها الفوارق الفنيّة ونضجت عقول لاعبيها إلى حدود تشعرك إنهم يتحرّكون ويتناقلون الكرة من دون تكلّف حتى في المناطق الضيّقة وكأنهم كائنات آلية تعمل وفق برمجة مُعدّة بإتقان تتلاشى فيها نسبة الأخطاء لأدنى مستوى إلا في مواقف نادرة سجّلت كحالات استثنائيّة نتيجة الجهد العالي الذي يصيب اللاعبين أو لضغط الخصم.

اللافت للنظر أن أغلب المنتخبات باتت تتشابه في أسلوب اللعب الذي يعتمد على مرتكزات أساسيّة تبدأ من البناء من الخلف وتدوير الكرة بشكل سلس ومُتقن والضغط العالي المستمرّ والسرعة العالية في الانطلاق واللعب بجهد بدني كبير والحركة المستمرّة للاعبين بلا كرة لسدّ الفراغات، تشعر معها بأن الفريق لا يلعب بالعدد المُحدّد المسموح به، بل هو أكثر من ذلك.

أكثر ما يثير الأعجاب هو تألق حراس المرمى كعلامة بارزة سجّلت لحد الآن وساهمت في فرض النديّة مع نسبة من التوازن بين الفرق ومنحت اللاعبين جرعة كبيرة من الثقة والاطمئنان على حراسة مرماهم، وهي كذلك من ذهبت بالنتائج أن تكون مقاربة ولا تشكّل فارقاً كبيرًا بأي نتيجة حدثت وعلى الجانب الآخر المُضيء هو ثقافة اللاعبين وإيمانهم بقدراتهم على تسجيل الأهداف دون النظر للوقت فجاءت الكثير من الأهداف الحاسمة قبل صفارة نهاية المباراة كما حصل مع هدف البرتغال  في مرمى التشيك، والمجر ضد اسكتلندا، وألمانيا أمام سويسرا، وإيطاليا مع كرواتيا، إنه الشغف والرغبة التي لا يمكن أن يتوقفا إلا بصفارة الحكم.

إن الدروس المجانيّة التي تسطّرها بطولة أمم أوروبا لا تحتاج إلى تحليل وتعقيد في قراءة أسرار الأداء المُذهل لجميع المنتخبات المشاركة بقدر ما نحتاج إلى منظومة فنيّة تُغذّي فكر اللاعبين وخاصّة الأعمار الصغيرة عند تحرّكها داخل الميدان بحريّة ذاتيّة غير مقيّدة تعتمد النظرة والاحساس والانسجام الفكري بين أفراد المنتخب، وتبتعد عن القيود المحدّدة والروتينيّة التي تنساق دائمًا وراء التوجيهات المستمرّة وهي تسبّب ثقل الحركة وأحيانًا التردّد في التنفيذ!

عالم الكرة الحديث يقول لنا إذا أردنا منتخبًا فذًّا علينا أن نمتلك لاعبين يؤدّون واجباتهم بثقة واحساس ذهني متبادل هو من يجعلهم يملؤون الملعب ويشغلون الفراغات وفق حركة الخصوم ويوظفون مهاراتهم لخدمة الأداء الجمعي للفريق وليس للاستعراض الشخصي!

 

 

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *