وفاق الأولمبيّة واتحاد الكرة

 

رعد العراقي

انشغل الوسط الرياضي خلال الأيام السابقة بقضيّة “ماركة”  التجهيزات التي ترتديها البعثة الرياضيّة المشاركة في أولمبياد باريس 2024 وبالأخص منتخب كرة القدم بعد أن ذهبت اللجنة الأولمبية للتعاقد مع شركة “أديداس” لتكون العلامة التي تؤمّن التجهيزات الرياضيّة لكُل البعثة العراقيّة في وقت أن اتحاد كرة القدم لديه عقد ساري المفعول مع شركة “جاكو” لتجهيز المنتخبات الوطنيّة بكُل مراحلها السنيّة وبشرط جزائي مالي كبير يتحمّله الاتحاد في حالة الإخلال بشرط ارتداء تلك المنتخبات لعلامة “جاكو” في أي مشاركة خارجيّة.

مقدَّمًا أن اتحاد الكرة وعلى لسان رئيسه عدنان درجال أقرَّ بشكل واضح وصريح بخطأ دراسة العقد وعدم الأخذ بالحسبان وضع فقرة تستثني المنتخب الأولمبي من التقيّد بارتداء تجهيزات “جاكو” عطفاً على مسؤوليّة اللجنة الأولمبيّة في تجهيز البعثة المشاركة بالأولمبياد وتوحيد نوعية الملابس التي سترتديها ومن ضمنها منتخب كرة القدم وقد أرجأ سبب الخطأ إلى زخم العمل وغياب تلك الفقرة عن الأذهان عند توقيع العقد وهو أمر يمكن حدوثه سهوًا!

المسألة أخذت مدّيات واسعة من المناكفات وتسبّبت في انقسامات في الرؤى وكالمعتاد ظهر فريقان أحدهما اصطفَّ مع اللجنة الأولمبية والآخر مع اتحاد الكرة لتنتقل حلبة الصراع إلى مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج القنوات الفضائيّة ووصلت إلى حدود أن البعض اعتبرها قضيّة كرامة وإثبات أي السلطتين أقوى وبين هذا وذاك استغلّ من يخفي سهام تصفية الحسابات ليرمي بها خصومه ويؤجّج الصراع ويحاول دقّ أسفين العداء !

عذرًا.. لقد تناسى الجميع إننا في بلد واحد وجميع المؤسّسات الرياضيّة من المفترض أن تعمل كفريق موحّد تحت خيمة الوطن لا مزايدات ولا تفاخر ولا إبراز عضلات السيطرة والسطوة! فحين تحضر الأخطاء والمعاضل لا بدّ أن تدرس ويتم التفاهم حولها بشكل ودّي وهادىء وتخرج بأقلّ الخسائر عند التوصل للحلول بعيدًا عن أي ضرر يصيب جهة معيّنة.

ليس من المنطق أن لا تبالي اللجنة الأولمبية الوطنية مثلا لاحتماليّة خسارة خزينة اتحاد الكرة أموال الشرط الجزائي لصالح شركة “جاكو” وتبحث عن وسائل وحلول تجنب هذا الموقف من منطلق حرصها على أموال الدولة وحفظ مكانة وموقف الاتحاد، وبالمقابل فإن الأخير مطالب في تعضيد حرص الأولمبيّة في ظهور البعثة بشكل لائق وموحّد بكل تجهيزاتها .

الأصل في النجاح هو مساحة الانسجام والتعاون بين كُل المفاصل الرياضيّة التي لا بدّ أن تكون بتوصيفه ما جاء بالحديث الشريف (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى) فهل كُنا كذلك أم فرحنا بانتصار طرف على الآخر وبقرار اللجنة الأولمبيّة الدوليّة وليس بوفاقنا ضمن البيت الواحد؟

نقول..لا تجهيزات ولا “ماركة” نشأتها ولا قيمتها ستأتي لنا بالأوسمة والإنجازات مع قناعتنا بضرورة الظهور اللائق بين دول العالم، لكن الأهم من ذلك أن يكون حرصنا الأكبر أن تبقى لغة الاحترام والتواضع والعمل الجمعي والابتعاد عن لعنة السطوة والقيادة هي سِمة العلاقات التي تربط كُل المؤسّسات الرياضيّة وهي سبيلنا الأوّل للوصول للإنجاز حتى وأن كُنا نرتدي تجهيزات “حافظ القاضي”!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *