محمد قيس: التواصل الاجتماعي منصّة مهمّة لتقييم المُعلّقين!

 

“أبو رغيف” منحني الثقة .. وتأثرتُ بالمعلّم “الطيب” وبالمُثقف “الكعبي”

منافسة المُعلّقين المحلّيين لمُحترفي البطولات العالميّة بطيئة

الراحلان “مؤيد البدري وطارق حسن” تركا لنا إرثاً كبيراً

نتمنى أن يترك كُل معلّق عراقي البصمة التي “تخلَّد ولا تقلِّد”!

الناجح من يعمل بأساس متدرِّج يستوعب السلبيّات والإيجابيّات

نترقب فتح معاهد خاصّة تعنى بتدريب وتطوير المُعلّقين الشباب

بغداد/ رعد العراقي

مغامر وطموح، أدواته نبرة وصوت جميل وخزين ثقافة عامة وقدرة على تصويرالأحداث بالوصف والتحليل، وموهبة في سحب المشاهد إلى حيث التفاعل لحدود الامتاع. اختار مهنة المواجهة المباشرة مع الجماهير لا يُقدِم عليها إلا مَن كان يحمل بين جوانحه قلب أسد وصبر الجمل، فلا خيارات وسطيّة لمستقبله: إما الفشل والنسيان سريعًا أو النجاح والثبات والتألق.

إنه المعلّق الرياضي الشاب “محمد قيس” أحّد المواهب التي تألقت مع قناة الرابعة الرياضيّة وسجّل حضورًا لافتاً خلال موسم 2024- 2023 بالتعليق على 106 مباريات توزّعت بين دوري نجوم العراق 51 مباراة، ودوري أبطال آسيا 16 مباراة، وكأس أمم آسيا 8 مباريات وغيرها من البطولات التي أكّدت قدرته أن يكون الوريث الأمين لقامات عراقيّة كبيرة في فنّ التعليق.

( فوز ) ضيّفت محمد قيس في حديث صريح لاستعراض مسيرته في مهنة التعليق، والبحث في أسباب شحّة المواهب وانحسارها مقارنة مع دول الجوار؟

التنافس للأفضل

* هل تجد إنك تعلّق في الزمن المناسب الذي يمنحك المساحة للتعبير عن قدراتك أم لا، ولماذا؟

– أعتقد أنه الزمن المناسب الذي فيه الكثير من المنافسات الرياضيّة مع جمهور ذوّاق، إضافة إلى تعدّد زملاء المهنة وهو ما فرض ميزة التنافس لتقديم الأفضل بشكل مثالي، والسعي إلى بذل الجهود بجديّة لاكتشاف ما هو مطلوب مني ضمن المساحة الكبيرة الممنوحة لي، وقد أكون من أكثر الناس المحظوظين بالتوازي مع زملائي كوني أتواجد في قناة منحتنا فرصة كبيرة للتعليق على المباريات، وبالتالي استثمرتُ الفرصة لأظهر قدرتي في التعليق.

* طوال الفترة التي مارست خلال مهنة التعليق، هل تجد إنك في المستوى المنافس مع زملائك أم إنك تواصل صعود سلّم الخبرة بحذر؟

– أعتقد إنني بمستوى المُنافس بنظر الجمهور في الأقل، لكني لا استعجل الوصول إلى النجوميّة حتى أدرك أن مهنة التعليق لا تتطلّب التفكير بالمنافسة بقدر التفكير في ايصال رسالة المهنة إلى الجمهور، لذلك كان لابد لي الخروج من أجواء التفكير بالمنافسة بمن هو أفضل مني إلا إني أسعى لاختيار اللون والأسلوب المناسب الذي أصل فيه إلى القبول لدى المتلقي، وهذا ماتعلّمناه في الدراسة الأكاديميّة أي أن أحد الأسس العمليّة الاتصاليّة الرئيسة هو اختيار الوسيلة التي تصل بها للناس، وهو ما يتطلب الارتقاء بمستوى الخبرة والمهنة بحذرٍ شديدٍ دون استعجال ودون التفكير بأي أمور أخرى برغم أن التميّز والنجوميّة مطلوبة، ولكن ما أحلى التميّز أن يكون بحذر وبأساس متدرّج ومستوعب لكلّ السلبيّات والإيجابيّات بمهنة الإعلام عامّة والتعليق خاصّة.

 تقييم الجمهور!

* هل تبدي الاهتمام بالملاحظات التي توجّه لك عبر منصّات التواصل الاجتماعي؟

– بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة مهمّة للتقيم، لكن أعتقد من المهم أن نعرف أوّلاً كيف نفرز صحّة تلك التقييمات من عدمها؟ من خلال تصنيف الجمهور إلى عدّة فئات، الأولى لا تعرف خفايا المهنة، لكنها حريص على رؤيتك بشكل أفضل وتلك الملاحظات تكون محطّ اعتزاز، لكنها لن تكون مهنيّة لأنها غير متخصّصة ولها العذر، أما الفئة الثانية هُم من اصحاب المهنة يفهمون أساسياتها لذلك فإن جميع ملاحظاتهم تكون بالنسبة لي غاية في الأهميّة وأحرص على الإصغاء اليهم وتراهم لا يلجأون إلى النشر العام، بل يبدون آراؤهم على الموقع الخاص وهناك العديد من الإعلاميين المميّزين لم يبخلوا في توجيه النصيحة لي أضافت لي الشيء الكثير.

* كيف ترى مستويات التعليق في العراق في ظلّ العدد المتزايد مع وجود قنوات فضائية كثر؟

– أنا أؤمن أن الكمّ يأتي بالنوع لأن وجود قنوات كثيرة تعني تعدّد الفرص وخلق المنافسة واكتساب الخبرة بعد أن تخوض تجارب متعدّدة، وحينها تدرك أن تواجه جمهور يتجاوز 40 مليون وربّما أكثر من غير مشاهدي الدول الأخرى ومنصّات التواصل الاجتماعي، لذلك فإن التعليق في العراق سيتطوّر أكثر مستقبلاً برغم أن منافستها لمستوى التعليق الخارجي لبطولات عالميّة قد تكون بطيئة، وهنا تأتي مسؤوليّة الجهات المختصّة في مجال التدريب والتمكين التي لا بدّ أن تقدّم معاهد التدريب والتطوير للارتقاء بواقع التعليق.

كُل مباراة تجربة

* ماهي المباراة المهمة التي تفاعلت معها ولاتنساها؟

– أغلب المباريات التي اتفاعل معها هي مباريات الفرق الوطنيّة وخاصّة التي تحمل أهمية بالنسبة للجمهور كوني جزء من جمهور ومحبّي البلد، ولا أنسى مباراة المنتخب الأولمبي مع منتخب فيتنام تحت 23 سنة إذ تفاعلت معها بشكل كبير لأهميّتها وحينها صرخت ( يا رب يا كريم ) إضافة إلى مباراة كوريا الجنوبية وإندونيسيا كونها استمرّت لركلات الترجيح لأكثر من 17 ركلة وهي حالة فريدة وكذلك مباراة نهائي دوري أبطال آسيا بين الهلال وبوهانك ستيلرز في الموسم قبل الماضي كونها عملت لي نقلة مهمّة، وعلى العموم عند نهاية كُل مباراة أعدها تجربة لابد من دراسة سلبيّاتها وإيجابيتها لتطوير تعليقي.

* وجود أجيال مختلفة سبقتك في المهنة ماذا استفدت منها، ومن هو المعلّق الذي تأثرت به، وماذا أعجبك في تعليقه؟

– في البداية الرحمة والغفران لجميع أساتذتنا الذي رحلوا وتركوا لنا إرثاً كبيرًا كالأستاذين مؤيد البدري وطارق حسن وكذلك الأستاذ شدراك يوسف الذي نسأل الله له الصحة والسلامة، كانوا مدرسة ونستشهد بذكرهم في أي نقاش حول المهنة، ولعلّ الإشارة إلى الراحل الأستاذ مؤيد البدري مثال لأي مقارنة برغم أنني لم أعاصر فترته ولم أكن ولدت بعد عند اعتزاله التعليق، لكني أميل دائمًا إلى المعلّق الذي يحاول أن ينقل كواليس المباراة للمشاهد بأبسط طريقة للمعلومة، ويبتعد عن اللغة الإعلاميّة المُعقدة! وكوني عاصرتُ الجيل الحالي من المُعلّقين فإني تأثرتُ بالمعلّق العربي أحمد الطيب باعتباره مُلهمًا لي وأتمنى أن اتعلّم منه الكثير، أما على مستوى الثقافة الرياضيّة فالأستاذ علي سعيد الكعبي، ولا أنسى بالطبع الأستاذ علي لفتة الذي طوّر حصولي على المعلومة ورفع مستوى أدائي.

أمانة للتأريخ

* ما هي مسؤوليّة المعلّق الرياضي تجاه الجمهور؟

– أعتقد أن الأمانة في نقل المباراة للجمهور وللمؤرّخين وللشخص نفسه هي مسؤوليّة أساسيّة، فنقل ما يجري في المباراة يمكن أن تصبح للتأريخ ويعاد مشاهدتها بعد سنوات طويلة، وبالتالي لا بدّ أن تصل للأجيال بدقة وأمانة، لذلك لا بد أن يتسم النقل بالتفاعل والجديّة والتفاعل والنفس والامكانيّات الفنيّة الأخرى، إضافة إلى أن المعلّق الرياضي لا بدَّ أن يمتلك الثقافة ولديه الاطلاع على كُل الأحداث الرياضيّة والفنيّة وحتى السياسيّة ولديه أيضًا القدرة على الربط بذكاء مع أحداث المباراة.

* نمتلك قامات كبيرة في التعليق أثرَتْ مسيرة الإعلام العربي سنينَ طوالاً لماذا يلجأ بعض المُعلّقين العراقيين اليوم إلى تقليد الآخرين؟

– بالنسبة لي لا أحبّذ التقليد، إلا أن عولمة مهنتنا بعد أن أصبحت القنوات الفضائيّة مُتاحة في كُل دول العالم بدأت تستقطب نوعيّة و”كاريزما” خاصّة من المُعلّقين  التي يمكن أن تكون مفضّلة للمشاهدين، وبالتالي أصبحوا مثالاً أو معيارًا لقياس قدرات الآخرين برغم امتلاكهم أعداد كبيرة من المُعلّقين ممّا تسبّب باحتكار تلك القنوات لأسماء معيّنة تركت تأثيرًا يُصعب للمُعلّقين الشباب المنافسة أو إيجاد مساحة لإثبات امكانياتهم ممّا دفع البعض للجوء إلى تقليد تلك الأسماء المعروفة كوسيلة للشهرة. ونأمل مستقبلاً أن لا تستمرّ عمليّة التقليد، وأن تكون البصمة التي تخلَّد وليس البصمة التي تقلّد.

نقل اللهجة المحلّية

* ماذا أضافت لك قناة الرابعة في مسيرتك المُبكِّرة، وهل تفكّر بالانتقال إلى التعليق في قناة خارج الوطن؟

– بالتأكيد أن قناة الرابعة أضافت لي الكثير وأن الفضل الأوّل لـ “طه أبو رغيف” الذي منحني الثقة ولم تتأثر بالحُكم العام على قدرة المعلّق العراقي، وكانوا داعمين لي ولزملائي في القناة التي من خلالها استطعت أن أبني الأسس الصحيحة للعمل  ومهما قدّمت لها لن أوفي فضلها عليّ، أما التفكير بالانتقال للتعليق في قناة خارج الوطن فهو بالتأكيد طموح وحُلم أن أتمكّن من نقل اللهجة العراقيّة إلى كُل بقاع العالم أتمنى أن يفهم ويردّد اللسان العربي مفردات اللهجة العراقيّة (هدف كلش حلو) وهو ما أسعى إليه.

* بماذا تقترح للاهتمام بالمُعلّقين الشباب؟

– أعتقد أن الاهتمام بالتدريب الإعلامي من قبل الجهات المعنيّة هي مسألة جدًّا أساسيّة ليس بمجال التعليق فقط، بل في كُل مجالات الإعلام، وهو ما يستوجب فتح معاهد خاصّة تعنى بتدريب وتطوير الشباب إلى مختلف المجالات الإعلاميّة، ومن ضمنها التعليق، إضافة إلى إقامة المهرجانات والدورات التي تساعد على مشاركة كُل الاختصاصات وإظهار قدراتهم الحقيقيّة وأيضًا تخلق كمًّا كبيرًا من الاختصاصيين، وأكيد أتمنى أن الدولة والمسؤولين قد وضعوا ذلك في الاعتبار.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

وداعًا “أنور جسّام” المدرب المحترف والإنسان المتواضع

  بقلم : بهاء تاج الدين أحمد فقدت الساحة الرياضيّة العراقيّة والعربيّة أحّد أعلام كرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *