ما سرّ غياب المصارعين العراقيين عن الساحة الدولية؟

 

كتب: بهاء تاج الدين أحمد*  

في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة الرياضيّة الدوليّة غيابًا واضحًا للمصارعين العراقيين في البطولات العالميّة والإقليميّة الكبرى ما أثار هذا الغياب تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء تراجع هذا النشاط الرياضي الذي كان يُعد من الألعاب التقليديّة والمحبوبة في العراق.

من خلال استعراض تأريخ المصارعة في العراق، نجد أن هذه الرياضة كانت تعتبر رمزًا للقوّة والشجاعة، وشهدت أيامًا ذهبيّة كان فيها المصارع العراقي يتصدّر المشهد على الساحة العربيّة والدوليّة، لكن اليوم، خفت بريقها وتراجعت بلا أمل لاستعادة ماضيها الجميل أيام أبطال.

وبدأ المصارعون العراقيّون في التراجع على المستويين الإقليمي والدولي وحتى العربي إن كان الحضور قويًّا، فما هي الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع؟

التأهيل الفني والتدريبي

من أجل الخوض في المعوّقات هناك مشكلة تتعلّق بالتأهيل الفني والتدريبي للمصارعين والمراوحة بين المدرّبين وبنفس الوجوه التي أصبحت لا تحقق النصر والنتائج في البطولات التي يشاركون فيها لكونهم يتمتعون بعلاقات جيّدة مع الاتحاد للبقاء في تدريب المنتخبات رافعين شعار (القديمة تحلة ولو كانت وحلة)!

في معظم الأحيان، يعتمد المصارعون على مدربين يفتقرون إلى الخبرة العالميّة ويسمّون أنفسهم بالخبراء والأولمبيين ولا يتمتعون بالقدرة على تطوير مهارات اللاعبين بشكل ينافس المستويات العالميّة لقلّة مشاركات المدرّبين في الدورات التدريبيّة والمحاضرات الدوليّة التي تقام في بلدان الاختصاص، وهذا يؤدّي إلى ضعف الأداء وعدم القدرة على مجاراة المصارعين من دول مثل إيران وروسيا وأمريكا الذين يحصلون على تدريبات ذات مستوى عالمي.

ولذلك نخاطب اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة ووزارة الشباب والرياضة على تغيير وجوه المدرّبين الذين لم ولن يحصدوا أي ميداليّة ولا يستطيعون تطبيق أي تكنيك أو تكتيك أو عمل خطّة تدريبيّة ويراوحون في مكانهم لقلّة خبراتهم وعدم تطوير أنفسهم لكونهم لا يحملون الشهادات العلميّة ولا حتى الإعداديّة، بل يحملونها بالتسمية فقط والتي نسبوها اليهم!

الاستعانة بالخبراء

هنا لا بدَّ من الاستعانة بالخبراء والمُشرفين الكفوئين من أصحاب الخبرة الطويلة ومن الذين حصدوا الأوسمة لسنوات مضت ليكونوا مشرفين على المدربين المرشحين الجُدد وهنا أصبح التغيير واجب وضروري وملح جدًّا مع اقترابنا من المشاركة في بطولات غرب آسيا وإعداد الأبطال لأولمبياد لوس أنجلوس 2028 والمشاركة في البطولات والمعسكرات حسب خطط توضع من قبل المشرفين الجُدد وإبعاد كُل مدرّبي المنتخبات الوطنيّة العاملين الآن لنكون قد عملنا على الاصلاح الذي نطمح اليه لتحقيق نتائج متقدّمة تليق بسمعة العراق.

قلّة المشاركات الدوليّة

علاوة على ذلك، يعاني المصارع العراقي من قلّة المشاركات الدوليّة والمعسكرات مع دول مهتمّة بالمصارعة وأقرب تلك الدول هي الأردن وسوريا وإيران، وإجراء اللقاءات المحليّة بين فرق الأندية الداخليّة ومتابعتها من قبل الاتحاد المحلّي على أن تجري هذه اللقاءات شهريًّا، ممّا يحول دون اكتساب الخبرة المطلوبة لمواجهة التحدّيات الكُبرى في البطولات العالميّة.

إن عدم القدرة على الاحتكاك باللاعبين الدوليين واللعب في بيئات تنافسيّة مختلفة يؤثر سلبًا على نفسيّة المصارع وثقته بنفسه، ممّا يجعله غير قادر على تحقيق التميّز المطلوب.

يمكن القول إن غياب المصارعين العراقيين عن الساحة الدوليّة ليس نتيجة عامل واحد، بل تداخل عدّة عوامل تؤدّي مجتمعة إلى وضع عراقيل في طريق المصارع العراقي نحو التميّز.

إعداد جيل جديد

إن التغلّب على هذه التحدّيات يتطلّبُ إرادة قويّة ودعمًا مؤسّساتيًا حقيقيًا، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتيّة الرياضيّة وإعداد جيل جديد من المدرّبين واللاعبين القادرين على إعادة العراق إلى منصّات التتويج العالميّة والتعاقد مع مدربين أجانب من دول ذات خبرة عالية بالمصارعة  بعيدًا عن المدرّبين الإيرانيين الذين يتعاقدون مع الاتحاد وهُم من مناطق حدوديّة قريبة على الحدود العراقيّة برواتب رمزيّة ومجيئهم ليس لتطوير المصارعة على المستوى الدولي وإنما التطوير على مستويات محليّة.
* مدرب دولي بالمصارعة

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

“الأمانة والشمال” بطلا العراق بتايكواندو الناشئين  

  بغداد/ فوز بحضور الأمين العام للجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة هيثم عبدالحميد، أختتمت في قاعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *