ليتكَ لم تعلِّق يا شنيشل!

 

انتصار السراج

لم استغرب أبدًا خسارة منتخبنا الأولمبي لكرة القدم أمس (الثلاثاء) أمام المنتخب المغربي بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل لا شيء لمنتخبنا، والسبب هو تعليق الكابتن راضي شنيشل قبل أكثر من شهرين أثناء اتصالي به وعلّق في ثنايا الكلام على رأي كتبته في جريدة فوز كان قد اطلع عليه.. وليتهُ لم يُعلّق!

كتبت حينها أن المنتخب الأولمبي، وبعد الترشح لأولمبياد باريس هو بحاجة إلى مجموعة من اللاعبين المتميّزين (محلّيون أو محترفون) لاضافتهم إلى صفوف المنتخب الأولمبي في مرحلته المقبلة كون المتتبّع الجيّد و (غير الجيّد) والرياضي و (غير الرياضي) وحتى (ربّات البيوت) يرون أن بعض الأسماء في تشكيلة المنتخب غير صالحة للعب كرة القدم (المحلّية) فكيف الحال ببطولة عالميّة تتنافس بها أقوى منتخبات العالم؟!   

شنيشل علّق حينها ( رأيكِ ست انتصار غير صحيح، هذه المجموعة التي أهّلت المنتخب هي من ستشارك في النهائيّات، وإن اختيار عناصر جُدد يتطلّب فترة من التأقلم فيما بينهم) انتهى التعليق. وفي علم كرة القدم أن فترة أكثر من شهرين كافية لتأقلم اللاعبين، بل هناك من هو جاهز ولا يحتاج سوى مباراة ودية ليندمج مع زملائه.

كُلّما أعيد التفكير في خيارات المدرب الخلوق راضي شنيشل أجد أن هناك إصرار غريب منه على تواجد بعض الأسماء التي لا تستحقّ اعتمادها في هذا المحفل الكبير، وإصراره المُبالغ في بخسِ حقِّ بعض اللاعبين الذين كان لا بدَّ من تواجدهم كونهم يتمتعون بمستوى ثابت ومعروف وهم الأفضل في هكذا مناسبات، لكنه لم يقم باستدعائهم، وليس هناك مبرّر لذلك.

ما زاد الأمر تعقيدًا إن راضي استدعى اسم أو اسمين من الأسماء الجيّدة والتي تشكّل إضافة للأولمبي، ولكنه لم يشركها إلا لوقتٍ قليلٍ خلال المباريات التي لعبناها، وأصرّ أيضاً على إضافة سعد ناطق المُصاب والذي لم نستفد منه شيئاً خلال تواجده الذي كان من المفترض أن يشكّل إضافة للأولمبي لأنه من اللاعبين خارج السنّ القانوني (فوق 23 عامًا) وأصرّ على إشراك إبراهيم بايش مع أنه لم يكن يمرّ بأفضل حالاته مع نهاية  الموسم، وكان بالإمكان الاستفادة من بعض الأسماء التي كانت ستشكّل دعمًا جيّدًا لمنتخبنا والذي خرج بخسارة الأداء والنتيجة، والتي قد تكون الأسوأ في مشاركات العراق الأولمبيّة مع كُل الأسف.

ومع إن العاملين مع الاتحاد العراقي لكرة القدم واللجنة الأولمبيّة قد هيّأوا لهذا المنتخب الكثير من ناحية المعسكرات الداخليّة والخارجيّة من أجل إنجاح مهمّته، إلا أنهم اخفقوا وبشكل كبير كونهم أعطوا الصلاحيّات الكاملة للمدرب (فقط) بأن يكون هو مسؤول عن خياراته، بينما كان الجميع يرى الخيارات غير مؤهّلة لهذا المحفل الكبير، وكان لا بدَّ من التدخل في هذه الخيارات والتي أتعبت الجميع وهم يتكلّمون بأنها لا تستحقّ المنتخب الأولمبي، والمدرب هو الوحيد الذي لم يرَ ضُعف الأدوات التي اختارها لمهمّة وطنية وأنّ المجد إن كُتب فهو للعراق وحده، ولذا كان يفترض عدم الاستهانة بمكانة وصورة العراق في المحافل العالميّة ولأيّ سبب كان!

لا أعلم حقاً لماذا لم يستفد المدرب راضي شنيشل من منتخب الشباب مثلاً لاختيار بعض الأسماء التي يمكنها التدرّج وصولاً للمنتخب الأولمبي كون منتخبات الفئات العمريّة هي الأساس والرافد لمنتخبي “الأولمبي والوطني” للاستفادة منهم، وهذا هو المعمول به في أغلب دول العالم.

الشيء الذي صدمني حقاً هو تصريح المدرب بعد نهاية مباراتنا مع المنتخب المغربي عندما سُئِلَ عن أسباب الهزيمة، قال: أن دكّة المنتخب الأولمبي ضعيفة، ولم تكن بمستوى اللاعب الأساس! أين كنت إذن؟! أليس من المفروض أن مهمّتك هذه تقتضي توفير البدائل الجيّدة وأنت تشرف على المنتخب منذ سنوات؟ ألم تستطع خلق موازنة تامّة بين اللاعب الأساس واللاعب الاحتياط وأنت قادر على ذلك بحكم خبرتك؟ للأسف تجاهلتَ العديد من الاسماء التي أثبتت جدارتها في أكثر من مناسبة ولم تعتمد عليها في الوقت الذي كنت فيه بأمسّ الحاجة إليها لأن هذه سُمعة بلد والاستهانة بها مرفوض جملةً وتفصيلاً ولا أجد أي مبرّر لتجاهل أو تناسي الاسماء التي طالبك الجميع باستدعائها دون وجه حق ممّا وقعَتْ المسؤوليّة على عاتقك وحدك وأنت من تتحمّلها.

في النهاية حدث ما قد حدث، لكن لا يمكنه أن يمرّ مرور الكرام هذه المرّة وعلى اتحاد الكرة واللجنة الأولمبيّة أن تتحدث مع الكادر التدريبي وتخرج للعلن بأهم الأسباب التي أدّت لهذه الانتكاسة وسوء الأداء قبل النتائج، لأن الشارع الرياضي بحاجة الى إجابات وافية وصريحة، هذا أوّلاً، أما ثانيًا -هو الأهم بالنسبة لي- على الكابتن راضي شنيشل أن يأخذ استراحة وقد تكون طويلة الأمد بعد هذه المرحلة، كما وسبق أن فعلها منذ عام 2018 وأن يراجع نفسه كثيرًا بشأن قراراته التي اتخذها ويفكّر بها جيّدًا من دون أيّة نرجسيّة، هل كانت صائبة أم لا؟ إن أراد أن يعود يجب أن يكون قريب من الدوري لأن المصنع الحقيقي للمدرّب المجتهد هو تواجده قريبًا من اللاعبين دائمًا وأن يدرّب في دوري بلده لكي يكون بدراية كاملة عن مستوى اللاعبين وحتى تكون قراراته مستقبلاً مبنيّة على أسس علميّة دقيقة  لأنه ليس من المعقول أن أكون مدرّباً وأنا جالس في البيت انتظر فرصة لتدريب منتخب إحدى الفئات العمريّة ولا اتواجد في الدوري مع أحّد الأندية لاضفاء الكثير من الخبرة الضروريّة في المحافل الدوليّة.  

لا أتفق مع من هاجم المدرب راضي شنيشل ومن قلّل من شأنه خلال الساعات الماضية بُعَيْدَ انتهاء المباراة مع المغاربة كونه أحّد لاعبينا الدوليين سابقاً، وأجتهد في مجال التدريب ورُبما لم يوفق هنا وهناك، وإنسانيًّا تربطني به علاقة أخويّة منذ أمد بَعيد، وله مني كُل الود والاحترام، لم يكن الهدف من هذا المقال أن نزيد الجراح، بل المطالبة بالحرص على مهمّات الوطن، وكان عليه وعلى بقيّة أعضاء المنتخب أن يقدّموا كل ما يملكون من عطاءٍ وتفانٍ في سبيل الظهور بأجمل مظهر في الأولمبياد.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

تكريم شريك المُنجَز الرياضي

  سمير السعد في عالم الرياضة، حيث المنافسة الشرسة والتحدّيات الكُبرى، يلعب الصحفي دورًا لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *