لن نعود الى اليابان مرّة أخرى!

 

يعقوب ميخائيل

لا أبداً.. برغم إننا مازلنا نعيش نشوة الفوز على المنتخب الياباني، إلا إننا لابدَّ من طيِّ تلك الصفحة  وعدم العودة إليها ثانية، لأن الفوز كان إيذاناً لبدء مرحلة جديدة نستعيد من خلالها المكانة التي يستحقّها منتخبنا على الخارطة الآسيوية، ومن ثمّ المضي بعيدًا في المنافسة، بل الاقتراب من الأدوار النهائيّة من البطولة، وفي الوقت ذاته كسر الحاجز النفسيّ الذي اعتبرهُ البعض عائقًا وضعَ منتخبنا من خلالهِ في (خانة) المنتخبات غير القادرة على مُجاراة من نالوا صفة (الكبار) في القارة !

منطقيًّا.. ومن خلال العودة الى سنوات عدّة مضت، وفي ضوء المستوى الذي أفصحَ عنه منتخبنا في الكثير من البطولات أو اللقاءات الوديّة الماضية، ظلَّ منتخبنا متذبذبًا في مستواه، بل ابتعد بشكل شبه كلّي عن مستواه الحقيقي بحيث أصبحنا غير قادرين على مُجاراة الكثير من المنتخبات التي هي أدنى منّا مستوى ومنها المنتخبات العربيّة التي اعتدنا التفوّق عليها باستمرار ولكن!

ومع التعاقد مع المدرب الإسباني كاساس وطاقمه المساعد استطاع المدرب وخلال فترة يمكن أن نعتبرها نموذجيّة في إعادة (الهويّة) الحقيقيّة للمنتخب العراقي إن صحَّ التعبير، فبرغم الاختلافات والانتقادات التي اعتدنا سماعها هنا وهناك بل امتدّت احياناً الى الطعن والنيل سواء من الكادر التدريبي أم اللاعبين في مواقف بعضها مقصودة وأخرى دون قصد، إلا أن نتيجتنا في مباراة اليابان جاءت لتُفنِّدَ كُل تلك الآراء بعد أن أيقن الجميع بأن المدرب (يعمل) باحترافيّة وأنه احتاج الى وقتٍ مناسب لتجريب الكثير من اللاعبين كي يصل ليس فقط الى التشكيلة المناسبة، وإنما في توفير البدائل المناسبة لكلّ مركز، كي يؤمّن تلك المراكز من دون حرج أو حالة اضطراريّة قد تحصل بسبب الحرمان أو الاصابات أو لأسباب أخرى مختلفة!

ماذا بعد مباراتنا مع اليابان التي غيّرت ليس فقط خارطة المنافسة في بطولة آسيا، وإنما أكّدت على أهم حقيقة وهي أن متغيّرات جديدة بمستويات منتخبات القارّة الصفراء ستحصل ليس فقط في هذه البطولة، وإنما في تصفيات كأس العالم أيضًا؟ وإن خارطة (التأهّل المباشر) للمونديال ستشهد ربّما الكثير من المتغيّرات.. والأهم من كُل ذلك أن منتخبنا الذي اجتاز (اليوم) أهم وأقوى المنتخبات ليس فقط على مستوى قارّة آسيا وإنما المنتخب الياباني يُعد واحداً من أفضل المنتخبات في العالم بالوقت الحاضر.. نقول والأهم من ذلك أن الفوز ضاعف من ثقة لاعبينا بأنفسهم ومنحهم دافعًا معنويًّا كبيرًا بالتفوّق على أي منتخب مهما تمتّع بهالة إعلاميّة أو حمل (تاريخ) رُبّما لم يعد يسعفهُ مع التطوّر الحاصل بكرة القدم على صعيد المستويات العُليا؟

كُل شيء تغّير.. بل الأصح القول أن مدرب منتخبنا كاساس قد جعل الجميع يكتفي بالمشاهدة.. نعم بالمشاهدة فقط، من دون طرح مئات، بل آلاف الآراء التي اعتدنا سماعها تريد تارة إشراك هذا اللاعب على حساب الآخر! أو تتساءل إلى متى التجريب.. والى متى يبقى المنتخب من دون استقرار على التشكيلة، كُل تلك الآراء والانتقادات ومئات مثلها توقّفت.. وأعلنت (المُبايعة) للمدرب كاساس الذي أثبت من خلال (عمله) أن أهل مكّة أدرى بشعابها كما يقولون.

وهنا .. أي عند الحديث عن كاساس أو بالأحرى عن بعض المنتقدين للمدرب الذين ردّدوا انتقاداتهم في أكثر من مرّة بالقول.. لقد مضى عليه أكثر من عام وهو (يعمل) يا ترى متى نرى المنتخب قد استقرَّ وتطوَّر بحيث يُقدّم لنا مستوى جديداً؟! وللإجابة على مثل هذه التساؤلات بغضّ النظر عن فوزنا على المنتخب الياباني نقول.. إذا كنتم (تستكثرون) عامًا واحدًا على المدرب كاساس ياترى (على سبيل المثال لا الحصر) كيف هو حال المنتخب البرازيلي الذي ما زال يتذوّق مرارة خسارتهِ المُذلّة .. نعم المُذلّة مع ألمانيا في نهائي المونديال بعقر داره عام 2014 ومازال حتى هذه اللحظة؟ أي بعد مرور عشر سنوات من دون أن نرى (السامبا) قد عاد إلى مستواه الحقيقي الذي اعتاد من خلاله أن يطرب جماهيره في كل أنحاء العالم وليس في البرازيل فحسب.. فمنتخب (السامبا) يحتلّ حاليًّا المركز السادس في تصفيات كأس العالم لقارّة أمريكا الجنوبيّة بعد منتخبات الأرجنتين والأوروغواي وكولومبيا وفنزويلا والإكوادور .. فتصوّروا؟!

أخيرًا وليس آخرًا لابد من القول .. إننا ومع تواصل مبارياتنا في البطولة لابد من (تجديد) احترام المنافس..أي منافس، ولا يمكن بعد الفوز على اليابان أن نتهاون سواء مع فيتنام أم بقية المنافسين بل بالعكس، يجب أن نكون أكثر تركيزاً من أجل الخروج بنتائج توازي المستوى الذي ارتقى اليه المنتخب ومن ثم المحافظة عليه إن لم نقل المضي لتقديم الأفضل أيضًا، وهو الشيء الذي لن يغيب عن بال سواء لاعبينا أم كادرهم التدريبي حتمًا.. والله من وراء القصد.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

جولة البداية السيّئة!    

  سامر الياس سعيد في المُجمل العام جاءت الجولة الآسيوية الأولى للدور الحاسم المؤهّل لمونديال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *