لمصلحة من هذا التمزّق؟

 

أحمد عباس*

يدخل اتحاد كرة القدم منتصف شهر أيلول المقبل عامه الرابع والأخير من المدّة القانونيّة لقيادة الاتحاد التي خوّلته لهذه المهمّة استنادًا للمؤتمر الانتخابي الذي عقد في الرابع عشر من أيلول 2021، وخلال السنوات الثلاث التي مرّت على انتخاب المكتب التنفيذي للاتحاد كانت هناك بالتأكيد جوانب إيجابيّة في عمله، ولكنها تزامنت مع جوانب سلبيّة كثيرة، وبعض تلك السلبيّات لم تحصل في أي تشكيلة اتحاديّة منذ تأسيسه في 8 تشرين الأول 1948!

ومع كُل الذي حصل، فإن الاتحاد قد خطّط لخطواتٍ (وإن لم نجنِ ثمارها لحد الآن) لكون معظمها لا زال في طور التمنيّات والأماني والرغبات التي نأمل أن تتحقق لخدمة الكرة العراقيّة.

المؤشّر الإيجابي الأبرز خلال عمل هذا الاتحاد هو الدعم الكبير الذي قدّمه رئيس الوزراء سواءً ماديًّا أو لوجستيًّا وحتى معنويًّا هذا الدعم الذي لم يتحقق لأي اتحاد سابق أيًّا كان الشخص الذي تولّى رئاسته وفي أي زمن كان.

وقد انعكس هذا إيجابيًّا على نتائج منتخباتنا وخاصّة منتخبي الشباب والأولمبي وحتى منتخبنا الوطني الذي وصل إلى المرحلة الأخيرة للتصفيات المؤهّلة إلى نهائيّات كأس العالم إن شاء الله.

ولكن المؤشّر السلبي الأبرز هو التنافر والتقاطع والتمزّق بين أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الكرة والذي يلمسه جميع المتابعين للشأن الرياضي من خلال ما يترشّح من تصريحات أو من ما يقال في المجالس واللقاءات الجانبيّة أو من خلال ما يصلني من مصادر موثوقة.

وهذا شيء محزن ومقلق في ذات الوقت، محزن لأن الاتحاد إذا لم يعمل كفريق واحد متماسِك ومنسجم وبروح الأخوة والصراحة فإن ذلك سوف ينعكس سلبيًّا على أداء المنظومة بأكملها.

نعم يحصل خلال العمل والاجتماعات اختلافات بوجهات النظر وتباين في الطروحات، ولكن في النهاية تصدر القرارات بروح الفريق الواحد حتى وإن لم تؤيَّد بالإجماع، ولكن متى ما تصدر القرارات فإن الجميع يسعى لتنفيذها سواءً الموافق عليها أو المُعارض لها، وهذا ما نأمله في آلية عمل الاتحاد.

شخصيًّا أوعز أسباب هذه الجزئيّة إلى اعتقاد بعض أعضاء الاتحاد بأن رئيس الاتحاد يعمل بمركزيّة شديدة (أو هكذا يقال) وأنه لا يرجع إلى المكتب التنفيذي في العديد من المسائل التي تتطلّب قرارًا جماعيًّا، وتسبّب ذلك في عدم حسم العديد من القضايا المهمّة والحسّاسة والتي يمكن أن تصل إلى مرحلة التساؤل من الجهات المعنية!  

إن هذا التمزق والتناحر وقلّة الانسجام داخل المكتب التنفيذي أمرًا مقلقاً وسوف يؤثر سلبيًّا على مسيرة الكرة العراقيّة وخاصّة وأن التصفيات النهائيّة لبطولة كأس العالم على الأبواب والتي تتطلّب تضافر الجهود المُخلصة والحريصة على سُمعة كرتنا كي تصل إلى النهائيّات التي طلّقتنا منذ عام 1986!

ينبغي على الجميع إدراك هذه الحقيقة والعمل على إنجاح مهمّة المنتخب الوطني الذي ممثل كُل العراقيين، فهو ليس منتخب س أو ص بل هو منتخب أبناء الوطن من الفاو إلى زاخو!   

العمل في الرياضة تكليف وليس تشريف وخاصّة في اتحاد كرة القدم الذي يتلاعب في مشاعر الملايين من أبناء شعبنا العظيم، ولهذا يجب أن يعيد الجميع باختلاف مناصبهم في المكتب التنفيذي للاتحاد النظر في آلية عملهم وأن يلتزموا بالسياقات المنصوص عليها في النظام الأساس للاتحاد، وكذلك القوانين النافذة وعليهم الابتعاد عن المركزيّة الشديدة التي أثبتت عدم نجاحها في جميع مفاصل العمل، وأن يتم تفعيل عمل اللجان في منظومة الاتحاد لأن الانفراد بالسُلطة والقرار دون الرجوع إلى السياق الصحيح سوف يؤدّي إلى التمزق والتشظي، وبالمقابل ينبغي على المكتب التنفيذي أن يعيد النظر بما يحصل الآن داخل المنظومة، وأن يعمل على توحيد الصفّ والجهد لخدمة الكرة العراقيّة التي أعطتهم الكثير الكثير ممّا كان بعضهم لا يحلم الحصول عليه ومن جميع النواحي ودون الخوض في التفاصيل التي قد يجهلها البعض، ولكن الكثيرين على بيّنة واطلاع عليها.  

أخدموا الكرة التي خدمتكم وكونوا أهلاً لثقة الهيئة العامّة التي انتخبتكم، والتي قد تعيد النظر بانتخاب بعضكم في قابل. ولا أتمنى أن تكونوا كما وصف الله تعالى البعض في هذه الآية الكريمة، ولا أتمنى أن تكونوا كما وصف الله تعالى البعض في هذه الآية الكريمة ( بسم الله الرحمن الرحيم وتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى) صدق الله العليّ العظيم.  

* أمين السر الأسبق للاتحاد العراقي لكرة القدم 

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *