كُل أولمبياد والعراق بخير

 

إكرام زين العابدين

لم تكن صفحات مشاركة رياضة العراق في منافسات الدورة الأولمبيّة في باريس 2024 مقنعة، بعد تبخّر حُلم الحصول على ميداليّة أولمبيّة جديدة بإبعاد رياضي الجودو سجاد غانم بسبب المنشطات، وخسارة السبّاح حسن علي وحلوله بالمركز قبل الأخير، وابتعاد بطل ( 100م ركض ) طه حسين عن المنافسات منذ الجولات الأولى وحلوله في مركز متأخر!

خروج منتخبنا الأولمبي لكرة القدم بقيادة راضي شنيشل من الدور الأوّل “زاد الطين بلّة” بعد أن تذيّل مجموعته بفوزٍ وخسارتين، وبأداء هزيل وانتكاسة أمام المغرب بأداء كروي خالٍ من الطعم واللون والرائحة أعادنا إلى زمن الخسارات والأداء السلبي.

مشاركاتنا الأولمبيّة لم تكن مثاليّة منذ انطلاقها عام 1948 في لندن، وبعدها غاب العراق عن دورتي 1952 هلسنكي وملبورن 1956، وحصد البرونز في روما 1960، وشارك في طوكيو 1964 بدون إنجاز، وحضر رمزيًّا في دورة المكسيك 1968، وبعدها غاب عن دورتي ميونخ 1972 ومونتريال 1976، ولم تنجح رياضة العراق في مشاركاتها المتواصلة بزمن الثمانينيّات والتسعينيّات من القرن الماضي والألفيّة الجديدة من تحقيق ميداليّة أولمبيّة جديدة في ظلّ وجود إدارات كانت تتعكّز على إنجازات وهميّة وتنسى بأن العالم ينظر للمشاركة في الأولمبياد بأنها القمّة الرياضيّة الأعلى والتي يسجّلها التأريخ، وتبقى الأجيال تتذكّرها دائمًا، فيما تعد دورة الألعاب الآسيويّة القمّة الرياضيّة الثانية.

حال الرياضة العراقيّة انعكاس لحال العراق، لا سيما بعد أن استغلّت الرياضة لغير أهدافها الحقيقيّة بعد أن سيطرت جهات حزبيّة ومسلّحة على مقدّرات الأندية والاتحادات الرياضيّة، ووظفت المال الحكومي لمصلحتها الخاصّة بعد أن اعتبرت هذه الأندية والاتحادات من أملاكها الخاصّة ولا يمكن أن تتخلّى عنها مهما حصل.

وعلى أثرها ابتعد الرياضي الحقيقي عن المشهد الرياضي لأنه شعر بعدم الاهتمام به من قبل الأندية والاتحادات الرياضيّة إلا بشكل محدود، وغابت وزارة الشباب والرياضة عن صناعة البطل الأولمبي بعد أن ركّزت عملها على مراكز رعاية الموهبة الرياضيّة، ولكن هذه المراكز لم تنجح في صناعة أو تخريج أبطال حقيقيين، بل أنها أصبحت مراكز تدريبيّة للاتحادات الفاشلة والكسولة.

أما اللجنة الأولمبيّة العراقيّة التي عاشت السُبات منذ عام 2010 وبزمن رئيسها السابق رعد حمودي ولغاية عام 2024 فأنها كانت تقف على الحياد، ولم نرها في يوم من الأيام تقوم بمتابعة الاتحادات الرياضيّة بشكل حقيقي وتحاسبها بحالة الاخفاق، وكان هدفها الأوّل والأخير الاستمرار بالمنصب وإيجاد المُبرّرات في حالة حصول الاخفاق في الدورات الأولمبيّة والآسيويّة، وبالمقابل تلميع بعض الإنجازات الوهميّة ومحاولة إيهام الشارع الرياضي بأنها بطولات كبيرة تستحقّ التكريم، ولا يمكن أن نحاسب رئيس الأولمبية الجديد على الاخفاق لأنه استلم مهمّته قبل 6 أشهر.   

العالم يعمل بصمت ويجتهد ويجني ثمار اجتهاده، ونحن مازلنا نصرّح ونقول أن رياضتنا بخير، وأن تأهّل المنتخب الأولمبي لباريس يعد إنجازًا ولا يهمّنا ما يتحقق بعدها.

صفحة أولمبياد باريس ستطوى بعد أيام أو أسابيع، ومعها تنسى برامجنا الرياضيّة اهتمامها بالألعاب الفرديّة والجماعيّة، لتعود وتتغنى بكرة القدم صاحبة القدح المعلى في الرياضة!

ويستمرّ الظلم الإعلامي للألعاب الفرديّة والجماعيّة لأن أغلب مقدّمي ومعدّي البرامج في الفضائيّات العراقيّة يجهلون أهميّة تحقيق وسام أولمبي ومدى تأثير ذلك على سُمعة العراق، وتستمرّ معها الاسطوانة المشروخة التي تقول (تحقيق ميداليّة أولمبيّة يعتبر مشروع دولة ويحتاج إلى أكثر من 3-5 مليون دولار) وبذلك يرسلون رسائل سلبيّة باستحالة تحقيق حُلم البطل الأولمبي العراقي خلال السنوات المقبلة، لكن الأمل قائم وموجود دائمًا وإن رياضتنا ستحقق أفضل الإنجازات خلال المرحلة المقبلة.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *