“كوبا أميركا”.. درس جديد

 

يعقوب ميخائيل  

يمكن أن نعتبر بطولة “كوبا أميركا” الأخيرة واحدة من أفضل البطولات التي أقيمت حتى الآن كونها حظيت ولأوّل مرّة بمشاركة منتخبات من قارّتي أمريكا الجنوبيّة (كونميبول) وأمريكا الشماليّة والوسطى والكاريبي (كونكاكاف) ممّا أسهم وبشكل لافت في ارتفاع حجم المنافسة بين هذه المنتخبات التي شهدت في نفس الوقت مفاجآت كثيرة أبرزها توديع بعض المنتخبات للبطولة مبكّرًا وفي مقدّمتها منتخب البرازيل، بينما سجّلت كولومبيا حضورًا متميّزاً بتأهّلها إلى المباراة النهائيّة.. ومثلها منتخب كندا الذي تأهّل إلى الدور قبل النهائي من البطولة.

ما يهمّنا من هذه البطولة هو المحاولة للإفادة من تجارب منتخبات العالم لا سيّما وإننا سبق أن خضنا تجارب وديّة ناجحة مع منتخبات من قارّة أمريكا الجنوبيّة ولا بدّ أن نستمرّ في خوض المزيد من التجارب مع منتخبات هذه الدول لأنها واحدة من أفضل الطرق التي تسهم بإرتقاء مستوى منتخبنا بعيدًا عن (التقوقع) الذي طالما (عشناه) مع منتخبات دول (المنطقة) التي لم ولن نستفيد منها، بل لربّما كانت سببًا في تراجع مستوى منتخباتنا أيضًا!

للوهلة الأولى نقول أن خروج البرازيل من البطولة لربّما كانت مفاجأة لدى البعض إلا أنه على ما يبدو قد أصبح أمرًا طبيعيًّا لدى الكثير من متابعي (السامبا) بعد أن أكّدت هذه البطولة أيضًا أن المنتخب البرازيلي  مازال يعاني منذ (فاجعة) مونديال 2014 عندما مُني بخسارة فادحة أمام منتخب ألمانيا بسبعة أهداف مقابل هدف يتيم، نقول مازال المنتخب البرازيلي يعاني من أزمات متكرّرة ولم يكن بمقدوره العودة إلى مستواه المعهود وإلى أيام تألّق نجومه أمثال جيرزينو وتوستاو وسقراط وريفالينو ورونالدو ورونالدينيو والقائمة تطول !! ولا نعرف هل سيكون قادرًا على التأهّل إلى كأس العالم هذه المرّة لأن مركزه الحالي (السادس) في منافسات أمريكا الجنوبيّة يجعله مهدّدًا حتى في  الوصول إلى نهائيّات المونديال أيضًا؟!

ما حصل ويحصل مع المنتخب البرازيلي بتجربته المُرّة طوال عشر سنوات مضت ومازال! يوصلنا إلى حقيقة مفادها أن (بناء) المنتخب عندما يتعرّض إلى انتكاسات وتراجع في المستوى يحتاج إلى وقت، بل الوقت الكثير كي يستعيد عافيته! ولا يمكن أن يتحقق التطوّر المنشود أو العودة للمستوى الحقيقي بليلة وضحاها كما يتصوّر البعض، وهو من أهم الدلائل التي نضعها على طاولة بعض المشكّكين بقدرات منتخبنا الذي برغم ما عاناه في فترات سابقة وعلى مدى سنوات من سوء التخطيط بحيث جعله غير قادرٍ على مجاراة أضعف المنتخبات العربيّة، بل أصبحنا نخشى مقابلة أي فريق قوي بعد أن اكتفينا بمقابلة فرق أمثال النيبال كواحد من أضعف المنتخبات في العالم!  (يأتي) بعضهم بعد أن تولّى المدرب الإسباني خيسوس كاساس مهمّة تدريب المنتخب ليقول إننا لم نرَ أي تطوّر بمستوى المنتخب متناسين إننا تأهّلنا إلى المرحلة النهائيّة من تصفيات المونديال بالعلامة الكاملة وسبق أن فزنا على اليابان كواحد من أفضل المنتخبات في العالم حاليًّا وليس على مستوى القارّة الآسيويّة خلال بطولة آسيا.. وسبق أن تعادلنا مع منتخب الإكوادور، ولم نخسر مع كولومبيا (التي أخرجت البرازيل) من هذه البطولة، لم نخسر إلا بهدف واحد جاء نتيجة خطأ دفاعي في الدقائق الأاخيرة .. كل هذه الحقائق لا يراها بعض المشكّكين الذين أصبحت غاياتهم معروفة ويريدون بسبب أو بآخر النيل من المنتخب ليس بحثاً عن مصلحته، بل نكاية بالاتحاد وتحديدًا رئيسه الكابتن عدنان درجال الذي حقق للكرة العراقيّة قاطبة وليس المنتخب الأول فحسب ما عجز الآخرون عن تحقيقه خلال فترة قياسيّة غير مسبوقة أيضًا!

في الجانب الآخر وقبل الإشارة إلى أهميّة السعي للمشاركة في مثل هذه البطولات وتحديدًا كوبا أميركا مثلما فعلها المنتخب الياباني من قبل أو قطر للاستزادة بالخبرة والمحاولة للاحتكاك بمنتخبات أمريكا الجنوبيّة رفيعة المستوى لا بدَّ أن نقف في الجانب الآخر لنستفد أيضًا من تجربة المنتخب الكندي الذي أصبح في الفترة الأخيرة من المنتخبات التي شهد مستواه تطوّرًا مُذهلاً ويكفيه فخرًا أنه المنتخب الوحيد من منتخبات (كونكاكاف) الذي تأهّل إلى المرُبّع الذهبي في هذه البطولة إلى جانب المنتخبات الثلاثة الأخرى من أمريكا الجنوبيّة الأرجنتين وكولومبيا والأوروغواي .. ويسير بخطى ثابتة نحو التطوّر بعد أن استعان بواحد من المدرّبين الأكفاء (جيسي مارش) الذين سبق أن أشرف على تدريب ليدز يونايتد الإنكليزي ولايبزك الألماني وتمكّن من استقطاب الكثير من لاعبيه الذين يجتهدون في دوريّات أوروبيّة مختلفة في مقدّمتهم الفونسو ديفز نجم بايرن ميونخ الألماني.

كُل هذه الأسباب وغيرها جعلت من المنتخب الكندي أن يُحسب له ألف حساب في أيّة بطولة يشارك فيها وليس في (كوبا أميركا) فحسب، بدليل تأهّله إلى نهائيّات كأس العالم في قطر 2022 وهو يمضي في الوقت الحاضر للمزيد من التطوّر كونه واحد من الدول التي تضيّف كأس العالم المقبلة 2026.

نعم .. من المهم جدًّا أن نستفيد دائمًا من تجارب المنتخبات المتطوّرة ونسعى للاحتكاك بها للاستزادة بالخبرة ولابأس أن نبدأ بتفعيل التعاون مع منتخبات سواء أمريكا الجنوبيّة أو أمريكا الشماليّة  (الكونكاكاف) ونسعى للمشاركة في هاتين البطولتين  أو المحاولة لتنظيم بطولات دوليّة على أرض العراق ودعوة هذه المنتخبات للمشاركة فيها.. كُل هذه المساعي وغيرها ستضعنا في المستقبل القريب بين أفضل المنتخبات في القارّة الصفراء خصوصًا وإننا نمتلك كُل المقوّمات التي تجعلنا من المنتخبات المتطوّرة على صعيد المستويات العُليا وهو طموح شرعي نتمنى بلوغه حتمًا!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *