على جدار نادينا كتبنا أمانينا  

 

أسامة فلفل*

برغم الحرب والعدوان، يبقى نادي غزة الرياضي معلمًا تأريخيًّا ووجهًا حضاريًّا للرياضة الفلسطينيّة ومكوّناً رئيسًا من مكوّنات الرياضة الفلسطينيّة، ولن تستطيع التحدّيات النيل من عضدِ النادي وقادتهِ ورجالهِ وأبنائهِ وجماهيرهِ ومنتسبيهِ.  

الألم النفسيّ والرياضيّ والاجتماعيّ أشدُّ قسوة من الخسارة الماديّة، وعندما تأخذك الذاكرة إلى حيث الموقع الجغرافي والعُمق التأريخي للنادي، تقف على أطلال الذكريات تفقد الاستيعاب لما حصل من تدمير مُمنهج لكُلّ مرافق وملاعب وصالات النادي وبنيته التحتيّة نتيجة الحرب والعدوان!   صِدقاً هذا الأمر لا يتقبّلهُ العقل البشريّ، فالمشاعر الفيّاضة والذكريات الجميلة ترتبط في كُل زاوية من زوايا “العميد” معقل الوطنيّة وصمّام أمان الرياضة الفلسطينيّة.

الأمر الآخر “المُحزن والمؤثر” هو فقدان القامات والقيادات والرموز والكوادر ورفاق الدرب الطويل والشاق قد أدمى قلوبنا وعمّقَ جراحنا!  حيث هؤلاء العمالقة غرسوا فينا قيم الأنتماء والعطاء، وغادروا الوطن والتأريخ والنادي دون سابق إنذار!  

حجم الدمار الهائل للملاعب والصالات والمرافق الملازمة التي كانت تمثل عنوان للنهضة الرياضيّة أصبحت أثر بعد عين! علاوة على فقدان الأرث الحضاري والقيمي الحافل بالوثائق والمخطوطات وأرشيف النادي التأريخي عبر كُل محطّات النضال الرياضي والمشاركات الخارجيّة.

اليوم غابت عنا الجلسات والحوارت والسهرات الرياضيّة اليوميّة الحافلة التي كان يتخلّلها اللقاءات والحوارات والذكريات والنقاشات والمُداخلات التي كانت تتناول مشاريع التطوير والنهضة والتنمية المستقبليّة.

غابت عنا المهرجانات والاحتفالات بالمناسبات الرياضيّة والوطنيّة والدينيّة، فبرغم الحُزن والألم الذي يعتصر القلوب بسبب الحرب والعدوان وما أصاب شعبنا المكلوم ونادينا ومؤسّساتنا الرياضيّة  تظل ثقتنا كبيرة في قدرة شعبنا الذي يسطر تأريخًا مُشرّفاً في إعادة بناء ما تم تدميره في ظلّ الحرب والعدوان، وبرغم التحدّيات تطلُّ اليوم بشائر الأمل والعمل والثقة والقدرة بالذات على تجاوز هذه المحطّة بكُل تداعياتها والانصهار في بوتقة التجلّيات الرياضيّة والوطنيّة.

تبقى الذكريات الثمينة والوثائق والمخطوطات والصور الخالدة لمشاعل وسُفراء وأبطال وقادة الرياضة الفلسطينيّة محفورة في الوجدان والذاكرة.

نعم نحن اليوم نازحون ومشرّدون بمراكز ومخيّمات الإيواء، لكننا صامدون أقوياء ونمتلكُ كُلّ مقوّمات الصمود والبقاء على هذه الأرض، وقادرون بإرادة وعزيمة شعبنا وروّاده وأبطاله عبور هذه المحطّة المؤلِمة وتجاوز الظروف الصعبة والوصول للآمال والتطلّعات وإعادة البناء والإعمار لوطن يعيش فينا ولنادينا الحبيب والرياضة الفلسطينيّة.

* كاتب وباحث ومؤرّخ رياضي فلسطيني

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *