طُرق الاقتراع في الكيانات الرياضيّة

 

  • كيف عالجتها التشريعات واللوائح الرياضيّة العراقيّة؟
  • ما الأخطاء الشائعة عند الممارسة؟

 

المحامي وليد محمد الشبيبي*

أوجبت كلّ التشريعات الرياضيّة بالعالم وجوب إجراء انتخابات على الكيان الرياضي المعني بمُدد متفاوتة، وعادة تكون إما (3) سنوات أو (4) سنوات أو حتى (6) سنوات، وهذا يخضع للتشريع الرياضي الذي تصدره السُلطات التشريعيّة سواء في بلد ما (كقانون) أو كنظام أساس أو لائحة انتخابيّة يصدر من الكيان الرياضي المعني بعد حصول التصديق عليه من قبل أعلى سلطة تشريعيّة فيه (المؤتمر/ Congress/ الهيئة العامّة/ الجمعيّة العموميّة/ الجمعية العامّة) لكن نحن نتحدّث عن نوعين من التشريعات الرياضيّة فهي، أما قانون صادر من دولة بعينها تصدره السلطة التشريعية فيها (مجلس النواب/ الجمعيّة الوطنيّة/ البرلمان/ المجلس الوطني الخ) أو يترك المشرّع الوطني هذا الأمر للسُلطة الرياضيّة العُليا في الكيان الرياضي التي تملك السُلطة التشريعيّة العُليا فيه (Supreme Authority) لأنها حتمًا خاضعة لكيانات رياضيّة أعلى (اتحاد قارّي/ اتحاد دولي/ لجنة أولمبيّة الخ) بمعنى لم تعُد هناك مناصب دائِمة إلى ما لا نهاية، بل هي محدّدة بمُدة والترشيح عليها والفوز بها يكون مقيّداً بمرّتين متتاليتين أو ثلاث مرّات غير متتالية (بحسب القانون واللائحة المعنيّة فهناك من يمنع الفوز بالمنصب لأكثر من دورتين (Duration/ Term) سواء كانتا متتاليتين أو متقطّعتين، وبالنتيجة صار تنظيم هذه المُمارسة خاضعاً للحوكمة الرشيدة (Good Governance) الذي أوجبته اللجنة الأولمبيّة الدوليّة (IOC) بدءًا من ميثاقها الأولمبي (Olympic Charter)  مروراً بلوائحها الإلزاميّة وصولاً للوائح المنظّمة للانتخابات، لأننا نتحدّث عن أعلى هرم رياضي بالعالم منه يتم إدارة كُل نشاط (Activity) وكيان (Entity) رياضي بالعالم، ومنها (أي اللجنة الأولمبيّة الدوليّة) يتمُّ المصادقة على النشاط الرياضي والكيان الرياضي من عدمه.

شهدت الحركة الرياضيّة الممارسة الانتخابيّة منذ العهد الملكي في العراق (1921 – 1958) لكن ما تم ملاحظته أن المشرّع لم يتدخّل في طريقة الانتخابات، ولم يفرض طريقة معيّنة للانتخابات، لذلك تصدّى للأشراف على العمليّة الانتخابيّة من كان من الوسط الرياضي لكونه من الشخصيّات الرصينة التي لها سُمعة طيّبة ومنجزاتها الرياضيّة، لكن للأسف لوحظ أغلب تلك الكيانات الرياضيّة (أندية /اتحادات/ أولمبيّة الخ) لم تكن تفرض قوانينها ولوائحها الى وجوب أن يترأس القائم على الانتخابات حامل شهادة أوليّة في القانون على الأقل، وبرغم أن تلك الكيانات صارت تستدرك هذا في أنظمتها الأساسيّة، لكن الخلل كان بالمشرّع العراقي الذي ترك الأمور على عواهنها ورهنًا بإرادة ومشيئة الكيان الرياضي نفسه، مع أن الكيانات الرياضيّة في العالم صارت تحترم التخصّص وترفض إيكال هذه المهمّة لغير رجال القانون بعد ممارسة وتجارب مريرة.

في العراق وبرغم وجود العديد من القوانين الرياضية إلا أنها الى الآن لم تلتفت لهذا الخلل، فالكيانات الرياضيّة صارت تؤكّد على طريقة الاقتراع مثلا كأن يكون أما: برفع الايادي  (Show of hands)  أو بالاقتراع السري (Secret Ballot) وعملية اختيار المرشّح الفائز من عدمه تكون بالطرق الثلاثة الرئيسيّة الآتية (مع طريقة استثنائية رابعة :برفع الايادي (Show of hands)، أو بأغلبيّة عدد الحضور بنسبة ( 50% + 1  أو بمن حصل على أعلى الأصوات من الناخبين الحاضرين، أي بالأغلبية (Majority of attendees)  عن بقيّة منافسيه بغض النظر عن بلوغه نسبة (50% + 1) من عدمه (majority of voters present)  ورابعًا التزكية (acclamation) عند عدم وجود أكثر من مرشّح واحد على المنصب أما بدءاً أو انسحاب بقيّة المرشّحين قبيل بدء العمليّة الانتخابيّة أو أثنائها وبحسب تنظيم ذلك من التشريع الخاص بها.

للأسف ما يجري في الأندية الرياضيّة العراقيّة بالذات منذ سبعينيات القرن الماضي (منذ صدور قانون الأندية الرياضيّة رقم 3 لسنة 1970 المعدّل المُلغى بقانون الأندية الرياضيّة رقم 18 لسنة 1986 المعدّل بالقانون رقم 37 لسنة 1988) أخطاء شائعة عند ممارسة العمليّة الانتخابيّة ترتكبها الهيئات المُشرفة على الانتخابات وللأسباب الآتية:

1- القوانين المختصّة لم تفرض طريقة معيّنة للفوز وتركت الحريّة المُطلقة لذلك للكيان الرياضي المعني وللجنة المشرفة على الانتخابات.

2- إن رئيس وأعضاء الهيئة المُشرفة على الانتخابات من غير حملة شهادة أوليّة بالقانون (مع كل الاحترام لذواتهم الكريمة) لذلك تجد الأخطاء ترتكب خصوصًا عند وقوع أي اشكال عند الممارسة فتتعطّل حلول تلك اللجنة خلاف رجال القانون المُسلّحين بالثقافة القانونيّة الأكاديميّة والعمليّة معًا

3- بسبب عدم التخصّص القانوني لرئيس وأعضاء اللجنة المُشرفة على الانتخابات، لذلك صارت تعتمد طريقة الفوز للمرشّحين بنسبة (50% +1) مع أن القانون لم يُقيّدها بذلك علمًا إن أهم مشاكل الأندية الرياضيّة كان سببها اعتماد تلك الطريقة وبلا مبرّر لأن عدد أعضاء الهيئة الإداريّة للأندية الرياضيّة بين (5 – 10) أعضاء (م 10/ أولًا من قانون الأندية الرياضيّة النافذ) فتأتي هيئة إداريّة من (5 أو 6) أعضاء وربّما ظلم غيرهم ممّن نقصهم صوت واحد مثلاً من بين كامل عدد الناخبين الحضور الذين يزيد عددهم على المئات) وبالتالي أي نقص في عدد أعضاء الهيئة الإداريّة عن (5) أعضاء يشلّ الهيئة الإداريّة ويجعلها غير شرعيّة فتضطرّ قبيل الوقوع بهذا الخلل إما لإجراء انتخابات تكميليّة أو ان تتدخّل اللجنة الأولمبيّة العراقيّة وتشكّل هيئة إداريّة مؤقتة بموجب (14/أولًا من قانون الأندية الرياضيّة النافذ) وهنا الطامة الكبرى حيث تبدأ التدخّلات والخروقات والمشاكل في تلك الأندية والسبب كان ممكن تلافيه بأختيار طريقة الفائز بالأغلبيّة وليس بأغلبية (50% + 1) ومن يطلع على مشاكل الأندية الرياضيّة بالسنوات التي تلك عام 2003 وأسباب التدخّلات في شؤون الأندية الرياضيّة نجد أن حصان طروادة هو الخطأ الذي ارتكبته اللجان المُشرفة على الانتخابات وإصرارها على طريقة (50$ + 1).

الحلول لتلافي هذه المشاكل التي تتسبّب بها اللجان المُشرفة على الانتخابات، تكون كالآتي:

1- فرض طريقة الفوز للمرشّح بنص صريح في القانون الوطني أو النظام الأساس أو اللوائح الانتخابيّة (وحسنًا فعل الاتحاد العراقي للجودو في نظامه الأساس المُصادق عليه عام 2023 بفرض طريقة فوز المرشّح بأغلبيّة أصوات الناخبين وليس بنسبة 50% + 1.

2- أن يتصدّى للعمليّة الانتخابيّة رجال القانون حصراً أو على الأقل ليكن رئيس اللجنة الانتخابيّة من حملة الشهادة الأوليّة بالقانون على الأقل ويجب فرض ذلك في التشريعات واللوائح الرياضيّة.

3- وفي ظل غياب الحلّين أعلاه، مُمكن جدًّا أن تتّفق أعلى سلطة تشريعية بالكيان الرياضي (المؤتمر/ Congress/ الهيئة العامّة/ الجمعيّة العموميّة/ الجمعية العامّة) على أختيار طريقة الفوز وفرض ذلك على اللجنة المُشرفة على الانتخابات وعدم ترك الحرية لها لأن السُلطة التشريعية العُليا بكلّ كيان رياضي هي أعلى جهة ولا يعلوها شيء إلا القانون الوطني إن جاء بنص وجوبي آمر بهذا الصدد حصرًا.

في أحّد الأندية الرياضية العراقيّة، جرت الانتخابات واعتمدت طريقة (50% + 1) وفاز بعضوية الهيئة الإداريّة (6) أعضاء في حين بقيت (4) مناصب شاغرة بالوقت الذي وصل أحّد المرشّحين الى نسبة 50% أي فارق صوت واحد من بين 160 ناخبًا تقريبًا يمثلون الهيئة العامة! أليس هذا غريبًا وفيه ظُلم صريح! ممّا يجعل هناك سند قانوني لهذا المرشّح للاعتراض والتظلّم ومن ثم مُقاضاة اللجنة المُشرفة على الانتخابات وطلب إعلان فوزه والسند القانون جاهز وكالآتي:

1-     لم يفرض قانون الأندية الرياضيّة المُرقم 18 لسنة 1986 المعدّل بالقانون رقم 37 لسنة 1988، طريقة إعلان فوز المرشّح وترك أمر أختيار ذلك للنادي الرياضي المعني.  

2-     لم تفوّض اللجنة المشرفة على الانتخابات أختيار هذه الطريقة حصرًا من قبل أعلى سُلطة تشريعيّة بالنادي (المؤتمر/ Congress/  الهيئة العامة/ الجمعيّة العموميّة/ الجمعية العامّة)، وكان ينبغي عليها الرجوع اليها قبيل بدء عملية الاقتراع  (Voting)   وبالتالي بقيت مناصب شاغرة وهناك مرشّح نال ثقة الهيئة العامة بنسبة 50% من الناخبين الحاضرين ومن الظُلم حرمانه من إحدى المقاعد الشاغرة تلك.

*مختصٌّ بالقوانين الرياضية الوطنية واللوائح الرياضيّة الدولية

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

رئيس اللجنة الأولمبيّة يهنئ نجلة عماد  

  بغداد/ فوز هنأ رئيس اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة الدكتور عقيل مفتن، لاعبة كرة الطاولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *