ستوديو المقهى!

 

سامر الياس سعيد

كرة القدم كانت ولازالت اللعبة الشعبيّة الأولى المفضّلة لدى كل العالم  إضافة إلى أن التطوّر الذي واكب اللعبة أبرز متطلّبات الناس ورغبتهم  في متابعة التقنيّات الخاصّة باللعبة والتعديلات التي حظيت بها لأجل إثارة النديّة والمنافسة المهمّة في تلك المباريات.

الإعلام أيضًا واكب تلك الرؤية المنبثقة عن متابعة التحليلات والآراء بحيث أضحى المتابع متعطّشًا ليس إلى ما حازته المباراة من فواصل فنيّة بقدر رغبته في أن يجمع ما أبرزه المحللون والمتابعون تجاه تلك المباراة ليلمس قواسم مشتركة إزاء ما تابع الى جانب متابعة الآخرين مفضّلًا عن متابعة ما غفل عنه في تلك الدقائق التي احتوتها محطّات المباراة.

منذ إبراز رؤية الصحافة الرياضية كانت مقالات النقّاد والمحلّلين مُشبّعة بالرؤى والتحليلات النابعة من فكر كروي خالص يعتمد دقّة التكتيك واستخلاص الأفكار التي أراد تمريرها المدرب عبر اللاعبين لتنتج كرة خالصة أبرزتها دقائق المباراة، ومع دخول اللعبة عهودًا متوالية نجحت بتطوير تلك المقالات لاستوديوهات تحليليّة يجري فيها استضافة أرباب اللعبة من مدرّبين وفنّيين وأكاديميين متخصّصين ومن خلالهم يُستخلص التكتيك المُعتمد من قبل المدرّب والخطّة التي وضعها للمباراة أي أن كل شيء في إطار هذا الاستوديو يجري متخصّصا بواقع اللعبة فحسب من دون  أن يتم  مهاجمة الآخرين أو الانتقاص منهم أو الحديث عن أمور لا تخصّ واقع البطولات أو المباريات فحينئذٍ يتحوّل الاستوديو الى مقهى يجري من خلاله الحديث عن أمور شتّى!

اطلعت على مقاطع فيديويّة تم إبرازها لاستوديوهات تحليلية لعدد من فضائيّاتنا وجرى خلال تلك الاستوديوهات مناقشة قضية لطالما أبرزت في وسائل الإعلام خصوصًا وإن فكرة إطلاقها بهذا التوقيت تثير الكثير من الشجون والحساسيّات ألا وهي مهاجمة المنتخب كلّما اقترب أي استحقاق والبدء بتشخيص بعض الأشخاص على كونهم يحملون في أعماقهم الرغبة في مهاجمة المنتخب ولاعبيه بأي فرصة يجدونها سانحة حتى برزوا في استوديوهات التحليل حاملين تلك الرؤى المحدّدة من هذا الواقع ليكونوا حجر عثرة أمام أي توجه بأن تسكت مثل تلك الاصوات ريثما تتوضّح  رؤية المدرب كاساس أو تنجلي أساليب اللعب.

قبل مباراتنا أمام إندونيسيا توضّحت رغبة الكثيرين بالعزف على أوتار  لانتاج ألحان نشاز يريدون من خلالها التأثير على المنتخب فضلًا عن التمسّك بأيقونة مباراتنا أمام اليابان، وكان منتخبنا يخوضها للظفر بكأس آسيا دون الاعتراف بأنها مباراة من ضمن الدور الأول أو دور المجموعات  وأي نتيجة فيها لا تشكّل قلقًا بقدر الطموح بإنهائها من أجل الحصول على نقاطها الثلاث وعدم الدخول في الحسابات المعقّدة التي تقف عائقًا أمام  المضي بطموحات الانتقال للأدوار التالية.

إن كرة القدم الواقعيّة باتت لا تشكل فارقًا بين المنتخبات القويّة أو الضعيفة فكلّها أضحت ذات مستوى متقارب  ولا يمكن أن نصنّف المنتخبات على كونها ذات مستوى خارق والاستحالة بهزيمتها فكل المنتخبات تمرّ بفترات تجريبيّة أو أخرى تمرّ بفترة تطوّر لقدراتها خصوصًا تلك المنتخبات التي كانت تشكل حاجزًا سهلًا يمكن اجتيازه من منتخبنا دون أي مصاعب لكن بقيت السنوات كفيلة بتطوير قدرات تلك المنتخبات وهنالك من النماذج الكثير كمنتخبات فيتنام أو تايلند التي كانت منتخباتها في مستوى متدنّي لكن استعانتها بمدربين أكفّاء عملوا على تطويرها وأصبحت لها تاريخًا حديثًا يمكن أن نعرف من خلاله الفارق في القارة الصفراء.  

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

استقالوا لشعورهم بالتقصير !

  محسن التميمي في نزالات رياضة الملاكمة يكون المدرب ذكيًّا عندما يرمي المنديل الأبيض فوق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *