رسالة مدرّب الناشئين!

 

رعد العراقي

تابعتُ الرسالة التي بعثها مدرب منتخب الناشئين أحمد كاظم إلى اتحاد الكرة العراقي، ويا ليت الاتحاد تابعها هو أيضًا بعدما صدّع رؤسنا بمشروعهِ المستقبلي القائم على بناء جيل كروي جديد ينطلق من الفئات العمريّة الصغيرة وتسليحها بعوامل القوّة الفنيّة والنفسيّة والتأسيس الصحيح كي يتيح لها المنافسة مع منتخبات العالم .. هكذا صوّر لنا الاتحاد مشروعه دون تنفيذ!

أحمد كاظم أعلن في حديث مع إحدى القنوات الفضائيّة أنه مدرب منتخب الناشئين (دلالة على مسؤوليّة التصريح وحدود قدرته) وإنّ (كُل من يدّعي بأننا نستطيع مُجاراة المنتخبات مثل المغرب والأرجنتين فإنه يكذب ولا يتكلّم بالحقيقة! وإن البلد تحت ظروف الاحتلال طوال السنوات الماضية وبدأ الآن يتعافى، فليس من المنطق أن نطالب بتحقيق الفوز) لذلك فهو يرى أن (نتائج المنتخب الأولمبي في أولمبياد باريس كانت منطقيّة وإن هذا هو مستوانا الحقيقي) أحمد أكّد أنه لا يستمع ولا يردّ على ردّات الفعل العاطفيّة للجماهير، لكنه يُشكِل على المُحلّلين من المدرّبين الذين يوجّهون النقد وهُم فاشلون مع فرقهم!

المنطق الذي يتكلّم به مدرب منتخبنا للناشئين لا يمكن لأي منصف وحريص على مستقبل الكرة العراقيّة أن يقتنع بفحواه وغايته، بل أنه يشكل جرس إنذار بخطورة ما يُكرِّسه من يأسٍ وتهرُّبٍ من المسؤوليّة التي من المفترض أنه جاء ليصحّح ويطوّر ويبني جيلاً جديدًا قادر على اللحاق بركب الكرة الحديثة، بل إن أهم واجب كُلّف به هو صقل المواهب والارتقاء بها لتكون قادرة على مواجهة المننتخبات التي إدّعى أننا لا نستطيع مواجهتها أو الفوز عليها، فمتى إذن نتسلّح بالقوّة والمقدرة على أن نكون بمستوى منتخبات العالم؟ ولماذا استلمت المهمّة وأنت تعترف  بمحدوديّة مستوانا ثم تنتقد من يُطالبك بالفوز؟

لقد تناسى كاظم أن أفضل الإنجازات التي تحققت للكرة العراقيّة كانت في السنوات التي وصفها بالصعبة أيام كانت لا تتوفر أبسط مقوّمات الإعداد إلا أن منتخبنا الأولمبي حقق المركز الرابع في أولمبياد أثينا 2004 وواجه فيها منتخبات عالميّة، وكأس آسيا عام 2007، فيما حقق منتخب الشباب المركز الرابع في نهائيّات كأس العالم 2014 ومنتخب الناشئين خطف كأس آسيا  2016 بقيادة قحطان جثير، ثم شارك بنهائيّات كأس العالم 2017 وحقق أيضًا نتائج جيّدة بالتعادل أمام المكسيك والفوز على تشيلي بثلاثيّة نظيفة.. فيما أنت تقود منتخب الناشئين في فترة ذهبيّة من الأمان والاستقرار والدعم اللامحدود وبدلاً من أن ترفع سقف الطموح وتكمل مسيرة من سبقوك نراك ترمي المنديل وتبرّر الأسباب لأي انتكاسة، ثم تطلب من الجماهير القبول بمنطق ( لا تحلموا بالتطوّر.. فهذا واقعنا)!

أما اتحاد الكرة فنقول له: هذا الحديث لخّص لكم مستقبل الكرة العراقيّة وأسباب عدم تطوّرها طالما أن الكوادر التدريبيّة للفئات العمريّة لا تعي مسؤوليّتها ولا تدرك أنها جاءت لمهمّة إحداث تغيير حقيقي في مستوى الأداء وفق رؤية حديثة، وإذا كانت هي لا تمتلك الأدوات لتحقيق ذلك ولديها قناعة بضعف المنتخبات التي تقودها فإن أي فوز تحققه هو تحت وصف ( الصدفة والحظ )!

سلامًا على منتخب الناشئين، ومن بعده الكرة العراقيّة إن كان هكذا منطق يؤسّس لبناء قاعدتها في المستقبل!

 

 

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *