خلل “النظام الرياضي” العراقي!

 

سمير السعد

شهدت الرياضة العراقيّة في السنوات الأخيرة تحدّيات كبيرة، انعكست على الأداء الرياضي على الساحة الدوليّة لا سيّما عقب مشاركتها في دورة أولمبياد باريس 2024 التي اختتمت مساء أمس (الأحد) حيث يثار التساؤل حول مسؤوليّة مَنْ غياب مشاركة العراق عن هذا الحدث الرياضي العالمي إلا من ثلاث أو أربع ألعاب فرديّة وجماعيّة؟!

يمكن القول إن المسؤوليّة الأولى تقع على عاتق اتحادات اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة، فالأدوار الأساسيّة لهذه الجهات تشمل التخطيط والتطوير وتنفيذ البرامج الرياضيّة التي تهدف إلى تأهيل اللاعبين للمنافسات الدوليّة، إلا أن نقص الاستثمارات في البنيّة التحتيّة الرياضيّة، وبرغم الدعم المالي والمعنوي للرياضيين، مع ذلك لم نوفق في التأهّل والمسابقات  للأولمبياد  خصوصًا في الألعاب الفرديّة!  

الفشل في أولمبياد باريس 2024 ليس مجرّد نتيجة سلبيّة، بل هو مؤشّر على وجود خلل أعمق في النظام الرياضي في العراق، هذا الفشل يُمكن أن يؤدّي إلى تداعيات عدّة على الرياضة العراقيّة، سواء على مستوى الثقة الشعبيّة في النظام الرياضي، أم على مستوى الدعم الحكومي والراعي.

ولا يمكن إغفال دور المدرّبين واللاعبين في هذا الفشل، ففي المسابقات والتأهيل الفني والبدني للرياضيين يتطلّب التزامًا وجهدًا متواصلاً من المدرّبين والرياضيين على حدٍّ سواء. في بعض الحالات، قد يكون ضعف التخطيط الشخصي أو عدم الالتزام بالبرامج التدريبيّة أحد أسباب الإخفاق!

تلعب وزارة الرياضة والشباب دورًا محوريًّا في تطوير الرياضة في العراق من خلال توفير الدعم المالي والإداري، إضافة إلى صياغة السياسات الرياضيّة العامة، لكن عدم وجود استراتيجيّات طويلة المدى لتطوير الرياضة وعدم توفير بيئة مناسبة للنموِّ الرياضي المُستدام كان أحّد الأسباب الأساسيّة في عدم الوصول إلى الأهداف المرجوّة.

إن عدم التأهّل وتحقيق النتائج قد يؤثر على ثقة الجمهور والجهات الداعمة في قدرة المؤسّسات الرياضيّة على تحقيق النجاح، وهذا يمكن أن يؤدّي إلى تراجع الدعم المالي والمعنوي، ممّا يزيد من صعوبة تحسين الوضع الرياضي في المستقبل.

أيضًا قد يثير هذا الفشل دعوات للمُساءلة والمُحاسبة، سواء من الجهات الرسميّة أو من وسائل الإعلام والجمهور، وقد يتطلّب الأمر تغييرات هيكليّة في إدارة المؤسّسات الرياضيّة  وإعادة تقييم الإستراتيجيّات المُتبعة.

إن تحديد المسؤوليّة خطوة أولى نحو الإصلاح، فالمستقبل يتطلّب وضع خطط واضحة تشمل تحسين البنية التحتيّة للرياضة، وتوفير الدعم المالي والفني الكافي، وتعزيز برامج اكتشاف المواهب وتأهيلها، وعلى جميع الجهات المعنيّة  من اتحادات رياضيّة ووزارة الرياضة والشباب إلى الرياضيين أنفسهم، تحمّل مسؤوليّاتهم والعمل على تطوير الرياضة العراقيّة لضمان تمثيل مشرّف في البطولات الدوليّة المستقبليّة.  

لتجاوز هذا الفشل وتحقيق النجاح في المنافسات الدولية القادمّة، يحتاج العراق إلى اتخاذ خطوات إصلاحيّة جادة.  

من الضروري النظر في إعادة هيكلة الاتحادات الرياضيّة لضمان كفائتها وفعاليّتها، ويجب أن تكون هذه الاتحادات قادرة على وضع وتنفيذ خطط استراتيجية واضحة تهدف إلى تحسين الأداء الرياضي.

كذلك توفير مرافق تدريبيّة حديثة ومتطوّرة يمكن أن تسهم بشكل كبير في تحسين أداء الرياضيين، كما يجب الاهتمام بتطوير الأكاديميّات الرياضيّة التي تركّز على تدريب المواهب الشابّة، والتعاون مع مدرّبين دوليين واستقدام خبراء لتطوير برامج تدريب متقدّمة يمكن أن يساعدوا في رفع مستوى الأداء، ومن المهمِّ أيضًا تقديم الدعم النفسي والمعنوي للرياضيين، لضمان استعدادهم الكامل للمنافسات.

مع إدماج المرأة في مختلف الرياضات وتوفير الدعم اللازم لها يمكن أن يعزز من فرص العراق في تحقيق النجاحات على مستوى الأولمبياد في المستقبل.

 

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *