جولة البداية السيّئة!    

 

سامر الياس سعيد

في المُجمل العام جاءت الجولة الآسيوية الأولى للدور الحاسم المؤهّل لمونديال 2026 واقعيّة بخلاف بعض المباريات التي تركت نتائجها النهائيّة علامة استفهام حول البداية السيّئة التي خاضتها بعض المنتخبات لتفقد نقاط تلك المباريات بإرادتها ولتشكّل مثل تلك النتائج تفكيرًا كبيرًا للمحلّلين لكون أن المباريات الأولى عادة ما تمثل هاجسًا لدى المدرب في بداية جولات الحسم وقدرة اللاعبين على تجاوز تلك المحطّات وصولاً إلى الصورة الحقيقيّة للمنتخب بشكل عام.

ففي بداية المطاف، شكّل تعادل المنتخب الكوري الجنوبي بنظيره الفلسطيني على ملعب الأول نتيجة غير متوقعة كون أن أغلب الترشيحات كانت تذهب باتجاه “الشمشون الكوري” الذي عدّه البعض وقبل انطلاق مباريات الجولة الحاسمة مستأسدًا على بقيّة منتخبات مجموعته نظرًا لعامل الخبرة في حسم تلك المباريات وقدرته على تجاوز منافسيه إلى جانب عامل الاندفاع والترابط بين لاعبي المنتخب المذكور في فهم المنافس وفكّ شفراته لتحقيق النتيجة الأسهل بالفوز عليه خصوصًا وإن اللعب على الملاعب الكورية له خصوصيّة بعدم الفوز على منتخبها بين أرضه وجماهيره، لكن المنتخب الفلسطيني أثبت العكس عبر كُل تلك المؤشرات ليخطف نقطة ثمينة  أغرقت أفكار المحلّلين بالهواجس نتيجة ما قدّمه المنتخب الكوري حيث جاء ذلك استكمالاً للنتائج المتذبذة لقطبي الكرة الآسيويّة وهُما اليابان وكوريا الجنوبيّة وقدرة المنتخبات الأخرى على تجاوزهما  بحيث لم يعدا يشكّلا ذلك العائق والمعوّق الكبير الذي كان يُغرق المنتخبات التي تواجهما بالكثير من الأفكار والهواجس بكيفيّة التمكّن من تجاوزهما، لذلك يمكن أن نعد أن البطولة الآسيويّة الأخيرة أبرزت حقيقة عدم ثبات الاقطاب الآسيوية التي تسيّدت القارّة لعقود  في أن تكون قد تراجعت لتمنح الفرصة لمنتخبات أخرى يمكن لها أن تتسيّد تلك المراكز وتحقق المفأجاة المنتظرة بإبعاد القطبين الشهيرين آسيويًّا والحلول مكانهما في الذهاب لمديات أبعد.  

كما أبرزت مباريات الجولة الأولى مفاجآت لم تكن بالحسبان أبرزها تحقيق المنتخب البحريني للفوز على مضيّفه المنتخب الأسترالي وهي النتيجة التي خالفت التوقعات وفتحت بوّابة الجدل في أن تكون البداية المتعثرة للمنتخب الأسترالي فرصة لالتقاط الانفاس وذرّ الرماد في العيون للاستهلال بأداء أبرز من خلال الجولات التالية لاسيما وأن فقدان نقاط أي مباراة بالنسبة لمنتخب على أرضه يُعد مؤشرًا سلبيًّا لا يمكن تلافيه في المشوار الطويل الذي يستوجب حصد نقاط أكثر لتحقيق المنافسة المطلوبة، بينما شكّل الفوز البحريني فرصة للمنتخبات الأخرى بفتح آفاق التفكير في إمكانيّة التغلّب على أولئك الخصوم مثلما أزال فوزنا على المنتخب الياباني مخاوف المنتخبات الأخرى في البطولة الآسيوية التي جرت بنسختها  السابقة مطلع العام الحالي.  

أما التعادل الذي حققه المنتخب السعودي أمام المنتخب الإندونيسي فقد كشف عدم رضا الأوساط السعودية على ما يقدّمه المدرب الإيطالي مانشيني  مع “الأخضر السعودي” حيث استذكر الجميع ما فجّره المدرب المذكور في طعنه بوطنيّة بعض اللاعبين وعدم تقبّلهم لفكرة إبقائهم على دكّة الاحتياط ممّا أسهم بنقل صورة للمشاكل التي يعانيها المنتخب والتي برزت خلال مباراته الأخيرة التي تمكّن من خلالها بالكاد من تحقيق هدف التعادل إلى جانب تعادل الأردن والكويت والذي جعل من المنتخب الأخير يتنفس الصعداء كون كُل المؤشّرات كانت تذهب لصالح “النشامى” بسبب العزلة الكرويّة التي كان يعيشها “الأزرق” قبل أن ينجح بالتأهّل للدور الحاسم.  

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *