كتب: سمير السعد
في ظلّ النتائج المتفاوتة التي حققها المنتخب الوطني لكرة القدم في الآونة الأخيرة، خصوصًا ضمن فئتي “الشباب والأولمبي” تزايدت حدّة الانتقادات التي طالت المدرب الوطني للفريق، فمواقع التواصل الاجتماعي باتت منصّة مفتوحة للجماهير والمحلّلين وحتى بعض الإعلاميين الذين لم يتوانوا عن توجيه انتقادات لاذعة بسبب ما يرونه من ضعف في الأداء وغياب رؤية تكتيكية واضحة.
المدرب، الذي قاد المنتخب في العديد من المباريات الحاسمة، عبر عن استيائه ممّا وصفه بـ”الحملات غير المبرّرة” ضده، مؤكّدًا أن هذه الانتقادات لا تأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي يمرّ بها الفريق، من إصابات لاعبين أساسيين وضغوطات كبيرة من الشارع الرياضي.
وفي اللقاءات الأخيرة للإعلام، أشار أغلب المدربين إلى أنهم يشعرون بالغبن نتيجة الهجوم المتكرّر، موضحين أن التحليل الفني يجب أن يُبنى على معطيات موضوعيّة وليست انفعاليّة!
الجماهير العراقيّة، المعروفة بحُبّها العميق لكرة القدم وتطلّعها الدائم للإنجازات، تعيش حالة من الإحباط بعد عدّة نتائج مخيّبة للآمال، وهو ما جعل البعض يطالب بتغييرات جذريّة تشمل الجهاز الفني دائمًا دون الخوض بالتفاصيل والأسباب الحقيقيّة، وفي المقابل هناك من يرى أن المدرب لا يجبّ أن يتحمّل وحدهُ مسؤوليّة النتائج، بل أن المشكلة أعمق وتشمل بنية الرياضة بشكل عام والتحدّيات التي تواجهها الكرة العراقيّة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات المُنتقدة على مواقع التواصل الاجتماعي، يبقى المدرب الوطني أمام مهمّة صعبة لإعادة الثقة بينه وبين الجماهير، وهو ما يتطلّب نتائج إيجابيّة في المباريات، والمشاركات والاستحقاقات القادمة.
الأزمة الحاليّة تعكس بوضوح التوتر الكبير بين طموحات الجماهير وضغوط العمل في مجال التدريب، وتضع المدرب أمام تحدٍّ لإثبات جدارته واستعادة الدعم من كافة الأطراف، حيث تتصاعد أزمة المدرب الوطني العراقي بين الحين والآخر في ظلّ حالة الاستياء المتزايدة بين الجماهير، ممّا يسلّط الضوء على التحدّيات التي تواجه الكوادر الفنيّة في المنتخبات الوطنيّة، فمن جهة، يواجه المدربون ضغوطًا هائلة لتحقيق نتائج فوريّة تلبّي طموحات الجماهير والإعلام، في حين أنهم يعملون في ظلِّ ظروفٍ قد تكون خارجة عن سيطرتهم، مثل الإصابات أو غياب المواهب أو ضعف التخطيط الإداري.
هذه الحملات التي يتعرّض لها المدرّب قد تكون عائقًا أمام الاستقرار الفني الذي يحتاجه أي منتخب لتحقيق النجاح على المدى البعيد، فمن غير المُمكن تجاهل التأثير النفسي السلبي الذي قد تسبّبهُ الانتقادات اللاذعة والمستمرّة، والتي قد تؤدّي في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرارات متسرّعة بإقالة المدرّبين تُدخِل المنتخبات في دوّامة التغييرات المستمرّة التي تؤثر سلبًا على الأداء العام.
تفتح الأزمة هذه باب النقاش حول الدور الذي تلعبهُ منصّات التواصل الاجتماعي في كرة القدم الحديثة، فهي توفر للجماهير فرصة للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم، وربما تكون بمثابة سلاحٍ ذي حدّين إذا ما تم استخدامها بشكل غير بنّاء! النقد البنّاء والموضوعي هو دائمًا مرحّب به في عالم الرياضة، لكن الهجمات الشخصيّة أو الانفعاليّة قد تخلق أجواءً من التوتر تؤثر على معنويّات المدرب والفريق بأكمله.
في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكّن المدرب من تجاوز هذه الأزمة واستعادة ثقة الجماهير؟ الإجابة تعتمد إلى حدٍّ كبير على قدرة المدرب على تعديل نهجه وإثبات جدارته في الفترة المقبلة، وأيضًا على مدى تفهّم الجماهير والإعلام حجم التحدّيات التي تواجه الفريق الوطني، والنجاح في كرة القدم لا يتحقق بين ليلة وضحاها ويأتي نتيجة عمل تراكمي يحتاج إلى صبر ودعم جماعي، ومن هنا، فإن الحلّ الأمثل يُكمن في تكاتف الجميع خلف المنتخبات والاستحقاقات القادمة، سواء من مدربين ولاعبين وجماهير أو إدارة، للوصول إلى الأهداف المشتركة وتحقيق تطلّعات الكرة العراقيّة في المحافل الدوليّة، وعلى رأسها تجاوز الأدوار الحاسمة في تصفيات كأس العالم 2026 وتحقيق الحُلم العالمي .