المتحوّلون والمهجَّرون في الأولمبياد!

 

سامر الياس سعيد

أتابع كثير من مقاطع الفيديو التي تبثها حاليًّا مواقع التواصل لتشير إلى تباين بين منافس وآخر في منافسات أولمبياد باريس الجارية منافساتها  حاليًّا لمختلف الألعاب الرياضيّة حيث بدت القضيّة تتوسّع في مباراة للملاكمة جمعت بين لاعبة جزائريّة وأخرى إيطاليّة، فهاجت الجموع وماجت بذكر أن اللاعبة الجزائريّة من المتحوّلين جنسيًّا واستطاعت حسم نزالها مع منافستها بلحظات بعد أن استطاعت تسديد لكمة إلى الإيطاليّة التي لم يكن بمقدورها سوى البكاء بعد عجزها عن إذكاء روح التنافس مع ملاكمة شرسة بحجم اللاعبة الجزائريّة!

والأمر الذي يذكر أيضًا بشأن متسابقة شاركت ببطولة السباحة فأشاروا إلى كونها أيضًا من المتحوّلين جنسيًّا حيث شاركت في سباق النساء  للتنافس على المراكز الأولى، فهل عُدت أولمبياد باريس البطولة الأكثر غرابة بشأن غياب المعايير التي تحظر مثل تلك المشاركات وتحدّد آليات مناسبة للفئات من حيث الوزن والطول وغيرها من الأمور الواجب اتخاذها قبل انطلاق أي دورة لتحقيق الشفافيّة المطلوبة واعتماد المهنيّة في امكانيّة تحقيق بطولة من غير إثارة جدل وإبراز محاور لا يمكن لها أن تنطلق مع المحطّات السابقة للألعاب الأولمبية؟

لقد شهدت دورات الأولمبياد في أزمان مختلفة الكثير من محاور الجدل التي بدأت بقضيّة التجنيس حيث استعانت دول لم يكن بمقدور أبنائها مهما توافرت الامكانيّات في تحقيق ميداليّة أولمبيّة فلجأت إلى تجنيس رياضيين من أجل تحقيق حُلمها  بالدخول إلى قائمة ترتيب الميداليّات والحلول على منصّات التتويج بسبب خاصيّة منح جنسيّة ذلك البلد للاعبين أفنوا حياتهم في تحقيق الشعار الأولمبي من جانب الأسرع والأعلى والأقوى  ليتحقق لدول ناشِئة في الرياضة ما كانت تحلم به  من خلال توفير الجانب المالي وإتاحة المعسكرات الإعداديّة المناسبة للرياضيين المُجنسين.

أفرزت النسخ الأولمبية المتتابعة مشكلة المهجّرين  الذين نأت بهم بلدانهم ليحملوا شعار منتخب المهجّرين ويتنافسون من خلاله في إمكانيّة تحقيق ميداليّة أولمبيّة لا يكون وقعها بالنسبة للرياضي الذي حازها ذي شأن بقدر ما أن تكون الميداليّة التي حظي بها المُهجّر البعيد عن بلده بسبب الأزمات والحروب رسالة للعالم أجمع بأن يكون السلام هو الشعار المناسب والملائم لإذكاء روح الرياضة المُثلى!

فلو بقي هذا الرياضي في بلده المُتعب والمُثقل بالحروب لما كان بمقدوره أن يحظى بتلك المشاركة الأولمبيّة ويفوز بإحدى الميداليّات التي تقرع ناقوسًا في عالم مثقل بالحروب والأزمات.

أما اليوم فقضيّة التحوّل الجنسي تلقي بضلالها على عالم الرياضة مثلها مثل أزمة التجنيس التي  حرمت البلدان الأصليّة من كفاءات أبنائها فغادروها بحثاً عن المال في بلدان أخرى منحتهم جنسيتها لتكسب هي الأخرى موقعاً لها في قائمة الترتيب الأولمبي.

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *