كتب: بهاء تاج الدين أحمد*
إن بناء وصناعة البطل الأولمبي ليست مجرّد حلم عابر أو هدف قصير الأمد، بل مشروع وطني يتطلّب استراتيجيّات طويلة وإجراءات دقيقة تبدأ من اكتشاف المواهب وتطويرها وصولاً إلى تأهيلها للوقوف على منصّات التتويج العالمي، وهذا النوع من المشاريع لا يمكن أن يحقق نجاحه الحقيقي عندما يعتمد على قرارات فرديّة، أو يكون مرتبطاً بلجنة تتأثر بآراء محدودة أو ضغوطات خارجيّة!
لضمان الوصول إلى أفضل النتائج، لا بد من خلق بيئة تتيح للخبراء والمدربين والإداريين والرياضيين التعبير عن آرائهم وتقديم أفضل استراتيجيّات العمل، وهذا يتطلّب إقامة مؤتمر رياضي موسّع يجمع بين جميع الجهات الفاعلة في المجال الرياضي، بدءًا من المدرّبين المحترفين، وصولاً إلى مسؤولي الرياضة الوطنيين وأصحاب الخبرة الدوليّة.
أهداف المؤتمر الموسّع:
1- بناء رؤية شاملة: تحتاج الدول الراغبة في بناء أبطال أولمبيين إلى رؤية واضحة وشاملة تمتدّ لسنوات قادمة، وتقوم هذه الرؤية على تحليل دقيق للوضع الرياضي الحالي، وتحديد نقاط القوّة والضعف، والاستفادة من التجارب الناجحة للدول الأخرى.
2- إشراك الخبراء: إن الرياضيين الأبطال لا يصنعهم الإداريون وحدهم، بل يجب أن تكون هناك منصّة مفتوحة للمدربين، العلماء، خبراء اللياقة البدنيّة، والتغذية الرياضيّة لإبداء آرائهم وتقديم توصياتهم حول كيفيّة تطوير الرياضيين، فلا يمكن لأي قرار فردي أن يحلّ محلّ رؤية جماعيّة قائمة على الخبرات التخصّصيّة.
3- الاستراتيجيّات المُحكمة: لا بدّ من وضع استراتيجيّات مُحكمة تعتمد على أسس علميّة وتقنيّة حديثة، بدءًا من تطوير البُنية التحتيّة الرياضيّة إلى تجهيز الرياضيين بأحدث التقنيّات التدريبيّة وصولاً إلى دعمهم النفسي والبدني من أجل الوصول إلى أقصى إمكانيّاتهم.
4- إجراءات تنفيذيّة واضحة: بعد الاتفاق على الاستراتيجيّات والتوجّهات، ينبغي أن يتم اتخاذ قرارات واضحة وواجبة التنفيذ، تحدّد فيها المسؤوليّات والمهام لكُلّ جهة، هنا يأتي دور الإدارة الفعّالة التي تضمن تطبيق ما تمّ الاتفاق عليه في المؤتمر، بعيدًا عن التدخلات الشخصيّة أو التغييرات المفاجئة.
5- الاستقلاليّة عن القرارات الفرديّة: القرارات الفرديّة كثيرًا ما تكون متأثرة بمصالح شخصيّة أو ضغوطات خارجيّة، وهذا ما يجب تفاديه، فمشروع البطل الأولمبي يجب أن يكون مستقلاً عن تلك التدخلات، مبنيًّا على قواعد مؤسّساتيّة تخدم الرياضي ولا تخضع لرؤية شخص أو مجموعة صغيرة.
6- تقييم دوري: لضمان استمرار النجاح، لا بدّ من إجراء تقييم دوري لما تمّ تحقيقه، مع مرونة في تعديل الخطط بناءً على النتائج والتحدّيات التي قد تواجه المشروع، فالتقييم الدائم يضمن بقاء المشروع على المسار الصحيح وتحقيق أهدافه الطويلة الأمد.
إن الوصول إلى صناعة البطل الأولمبي يتطلّب تعاوناً وتنسيقاً على جميع المستويات، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال مؤتمر يضع النقاط على الحروف، ويوحِّد الجهود نحو تحقيق الهدف المشترك.
بعيدًا عن القرارات الفرديّة، فالمشروع الأولمبي هو مشروع وطني يجب أن يحظى بأقصى درجات الالتزام والتخطيط السليم لضمان النجاح وتحقيق الإنجازات التي ترفع اسم الوطن في المحافل العالميّة.
*مدرب دولي بالمصارعة