البصرة أُم الحَدَثْ

 

انتصار السراج

تتجه القلوب قبل الأبصار نحو البصرة الفيحاء حيث لقاء منتخبنا الوطني أمام نظيره العُماني للدور الثالث من تصفيات آسيا المؤهّلة لكأس العالم 2026 في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، ومعها تتعالى دعوات الأمهات لتحقيق نتيجة إيجابيّة في هذه المباراة والتي ستحمل طابعًا خاصًّا ومختلفًا هذه المرّة لأنها ستكون الأولى أمام أنظار العشّاق والمُحبّين في البطولة الأهم والأكبر في العالم.

ستحمل هذه المباراة نكهة مختلفة كون العديد من لاعبينا المحترفين سيلعبون ولأوّل مرّة أمام الجمهور العراقي وفي مدينة البصرة بملعبها الدولي، والذي لا ينساه الجمهور ولا البعض من لاعبينا الذين خاضوا مباريات بطولة كأس الخليج 25 على أرضه وتوّجوا باللقب بعد أن قهروا عُمان (2-3).

سنلعب هذه المرّة بمشاعر مختلفة، ملؤها الفرح والسرور بخوض العراق مباراته الأولى لتصفيات كأس العالم على أرضه بعد انقطاع طويل طال انتظاره، وسنلعب هذه المباراة بذكريات كأس الخليج الجميلة والأجواء المُلتهبة التي أوجدها الجمهور العراقي على أرض البصرة الحبيبة.

سنلعب المباراة بأمل الوصول وتحقيق حُلم امتدّ لما يقارب الأربعين عامًا على التأهّل الأخير لنهائيّات كأس العالم في المكسيك عام 1986، ولعلّ التأريخ يُعيد نفسه باللعب على أرض المكسيك بعد هذه السنوات العُجاف!

ومع إني على أحرّ من الجمر وأتوق لمشاهدة المباراة، ولا أريد أن أذكر أي شيء من شأنه تعكير صفو أيّام ما قبل المباراة، إلا أنه لا بدّ من المرور سريعًا على بعض النقاط التي قد تشكّل قلقًا مشروعًا بناء على حُبّنا وحرصنا على المنتخب الوطني وليس من باب التشاؤم!

أكثر ما يقلقني صراحة هو تأخر نهاية الموسم الكروي في العراق، والذي قد يكون تأثيره سلبيًّا على بعض اللاعبين بسبب طول الدوري وارهاقه إضافة إلى تأخير تجمّع اللاعبين بسبب هذا الالتزام، وقد يكون البعض غير جاهز فنيًّا لخوض هكذا مباراة حسّاسة بسبب عامل الأرض والجمهور والذي سيكون سلاحًا ذو حدّين، لكن هذا الموضوع لا ينطبق على لاعبينا المحترفين الذين بدأ لديهم الموسم الكروي قبل فترة من الزمن، واستطاعوا خوض أكثر من ثلاث مباريات ما يدعو ذلك إلى التفاؤل بشأن جاهزيّتهم.

كما إن عدم لعب أي مباراة تجريبيّة أو الدخول في معسكر تدريبي أيضًا هو عامل يثير القلق حول مدى جاهزيّة لاعبينا وقدرتهم على خوض مباراة على مستوى عالٍ أمام أحّد المنتخبات الآسيويّة، والتي تطوّرت بشكل مُلفت خلال السنوات الأخيرة، لكن إيماننا بلاعبينا وقدرتهم على تقديم أفضل العطاءات أمام أنظار العشاق المتلهفين لرؤيتهم بعد طول انتظار!

ومع إني وعدتُ نفسي بأن أبتعد اليوم عن كُل شيء سلبي، وأن يكون التفاؤل هو عنوان المقال اليوم من بدايته حتى النهاية، لكن لا بدَّ من التذكير ببعض ما ذكر آنفاً من باب التذكير لبعض القراء ممّن لم تكن لديه رؤية واضحة عن تلك المباراة.

وفي النهاية هي دعوة من القلب لجميع الزملاء الأعزاء سواء كتاب أو مقدّمي برامج أو محلّلين بالابتعاد عن الأحقاد والميول نحو هذا أو ذاك، والتذكير بأن جميع اللاعبين يلعبون للعراق وباسم العراق، وأن تشجيعهم واجب وطني مقدّس، والوقوف معهم والإيمان بقدراتهم، وبأن الحُلم وإن طال انتظاره سيتحقق من أرض العراق إن شاء الله بعد أن شهدت الطائف التأهّل الأوّل سابقاً، ولتكن البصرة أم الحَدَثْ هذه المرّة!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

متى نتعلم؟

  محمد حمدي مرّت المؤسّسة الرياضيّة العراقيّة بصورة عامّة بعدد كبير من التجارب منذ السماح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *