الإرادة تهزم التكنولوجيا ..إعداد الذهبيّة نجلة لا يُقارَن مع وصيفتها الأوكرانيّة!   

 

بقلم: بهاء تاج الدين أحمد  

عند النظر إلى الفوارق بين الرياضيين على الساحة العالميّة، تبرز المعايير والتدريبات المختلفة كعامل أساس في تحديد مساراتهم وتطوّر أدائهم، هذه الفوارق تتجلّى بوضوح في عالم الرياضات القتاليّة، حيث يتطلّب النجاح مزيجًا متكاملًا من المهارات الفنيّة واللياقة البدنيّة، والإعداد الذهني.

في هذا السياق، تتضح لنا الفوارق بين البطلة العراقيّة “نجلة عماد” واللاعبة الأوكرانيّة المصنفة الأولى “مارينا لينوفتشينكو” التي خسرت أمامها، حيث يأتي كُل منهما من خلفيّات تدريبيّة مختلفة تمامًا، تعكس الفروقات بين النظام الرياضي في العراق وأوروبا.

الفارق التدريبي   

من جهة، نجد البطلة العراقيّة “نجلة عماد” التي تبذل جهدًا كبيرًا في إعداد نفسها باستخدام موارد محدودة، حيث تعتمد بشكل كبير على تدريبات بدائيّة مستخدمة “الكاشي” و”البلوك” كمصدٍّ لكرتها!! هذه الأساليب، برغم كونها تقليديّة، وفرت لنجلة بعض القدرات الأساسيّة في اللياقة البدنيّة وقوّة التحمّل، ولكنها تفتقر إلى الجانب الأكثر تطوّرًا في التدريب الحديث.

التحضير على “الكاشي” والاعتماد على تدريبات الشوارع قد يكون فعّالاً من ناحية تعزيز قوّة العضلات وتحمّل الظروف القاسية، ولكنه في المقابل لا يواكب تطوّرات التكنولوجيا الرياضيّة والطرق الحديثة في رفع مستوى الأداء.

على الجانب الآخر، نجد اللاعبة الأوكرانية “مارينا لينوفتشينكو” التي كانت تستعدّ لخوض المنافسة ضمن معسكرات تدريبيّة احترافيّة في أوروبا، حيث تسهم هذه المعسكرات في توفير بيئة متكاملة تضمّ مدرّبين متخصّصين، منشآت رياضيّة عالية المستوى، وبرامج تدريبيّة متقدّمة تعتمد على التحليل العلمي للأداء البدني والذهني.

هذه المعسكرات، التي تجري في أماكن متعدّدة عبر أوروبا، لا تركّز فقط على الجانب البدني، بل تشمل أيضًا الجوانب التكتيكيّة والتقنيّة، إضافة إلى إعداد الرياضيين للتعامل مع الضغوط النفسيّة التي تصاحب المنافسات الدوليّة.

فوارق الموارد والفرص

الفارق الرئيس بين اللاعبة الأوكرانيّة ونجلة عماد لا يقتصر فقط على نوعيّة التدريب، بل يمتد إلى الموارد المتاحة لكلّ منهما، بينما تتاح للرياضيّة الأوكرانيّة فرصة الاستفادة من التكنولوجيا المتقدّمة، والدعم المالي، والتدريبات في ظروف مثاليّة، نجد البطلة العراقية مُجبرة على الاستفادة ممّا هو متاح محلّيًا.

وبرغم الإرادة القويّة لدى “نجلة عماد” ورغبتها في التفوّق، إلا أن البيئة المحيطة بها لا توفر لها الأسس اللازمة لتحقيق أقصى إمكانيّاتها.

المعسكرات الأوروبيّة تقدّم للاعبة الأوكرانيّة مستويات متقدّمة من الرعاية الصحيّة، التغذية، وتكنولوجيا التعافي حيث يتم قياس وتحليل كُل حركة وكُل ضربة، ويتم توجيهها من قبل مدرّبين على مستوى عالمي، وبالمقابل، نجد أن نجلة تعتمد بشكل كبير على إرادتها الذاتيّة ودعم محلّي محدود قد لا يتجاوز التدريب البدني الأساس دون الاهتمام بالعوامل النفسيّة أو التكتيكيّة بشكل متقدّم.

 

تطوير النظام الرياضي  

إن الفرق بين أداء البطلتين يعكس بشكل واضح الحاجة المُلحّة لتطوير المنظومة الرياضيّة في العراق، وخاصّة في ما يتعلّق بتأهيل الرياضيين للمنافسات الدوليّة، يجب على أي اتحاد رياضي في العراق أن يعيد النظر في أسلوب إعداد الرياضيين، من خلال تخصيص ميزانيّات أكبر للمعسكرات الخارجيّة، واستقدام مدربين ذوي خبرة دوليّة، بالإضافة إلى توفير التكنولوجيا والموارد اللازمة لتدريب الرياضيين بأحدث الأساليب.

ليس من العدل أن نقارن البطلة العراقيّة بلاعبين يتلقون دعمًا كاملاً على مستوى دولي، في وقت تفتقر فيه اللاعبة العراقيّة لفرص التدريب المتكاملة. هذه المقارنة، برغم كونها واقعًا مُحبطًا، يجب أن تدفع المسؤولين العراقيين إلى اتخاذ خطوات جادّة لتحسين أوضاع رياضييهم، لأن النجاح في البطولات العالميّة لا يعتمد فقط على الإرادة والموهبة، بل يحتاج إلى إعداد علمي وتقني يواكب المعايير الدوليّة.

 قد تكون الإرادة والعزيمة عوامل أساسيّة لتحقيق النجاح، لكنها ليست كافية وحدها في ظلّ التفاوت الواضح في الموارد والإعداد.

 

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

رأي لا يحتمل التأجيل حول الانتخابات على طاولة رجال القانون   

* لا خضوع للتبعيّة في إقرار القوانين ولوائح الانتخابات * لا لنظام القوائم ولا للترشيح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *