استقالوا لشعورهم بالتقصير !

 

محسن التميمي

في نزالات رياضة الملاكمة يكون المدرب ذكيًّا عندما يرمي المنديل الأبيض فوق الحلبة لشعوره أن ملاكمه لم يعد قادرًا على مجاراة منافسه وهو إجراء وتصرّف سليم جدًّا خوفاً عليه من “خطافيّة” قاتلة تطرحه أرضًا ويكون عُرضة السخرية من مشجّعي الملاكم المنافس!

شخصيًّا كنتُ شاهدًا على نزالات بطولة العالم بالملاكمة التي ضيّفتها العاصمة الأذربيجانيّة “باكو” وكيف يسارع المدرب برمي المنديل فوق الحلبة للاعتراف بقوّة المنافس والمحافظة على ما تبقى من جُهد للملاكم المنسحب وإنهاء النزال بأقل التكاليف المُمكنة.

الاتحاد الكويتي لكرة القدم قدّم استقالته الجماعيّة بعد المشاكل الكثيرة وسوء التنظيم في مباراة منتخبه مع فريقنا الوطني العراقي في اللقاء الذي ضيّفته الشقيقة الكويت وهو  اعتراف واضح وصريح بتقصيره في العمل!  

ضربٌ من الشجاعة أن تعترف بالخطأ الذي ترتكبه سواء كان عن قصد أم دونه ثم تحاول  بكُلِّ صدقٍ وأمانةٍ أن تتنحّى جانبًا وتترك القرار للمسؤولين عنك في حالة قبول استقالتك أو رفضها!

في رياضتنا المحليّة لم نشهد مثل هذه الشجاعة التي أبداها الاتحاد الكويتي وربّما لم نشهدها الآن ومستقبلاً حتى لو وصل وضع أي مفصل رياضي إلى أسفل السلّم من حيث التنظيم والعمل والنتائج برغم أن أغلب اتحاداتنا الرياضيّة وصلت إلى أسفل السلّم منذ مدّة طويلة جدًّا وما زالت مستمرّة بعملها وربّما يكون من وجهة نظر هذه الاتحادات من علامات (العيب والخزي والعار) أن تستقيل وتترك أماكنها لغيرها، حتى لو كانت الأخيرة يمكن أن تحدث ثورة كبيرة بنوعيّة العمل وطريقة التخطيط والتنظيم والنتائج وتتفوّق على نظيرتها الأولى بما لا يدع مجالاً للشكّ والريبة والاتهام !

نستغربُ من اتحادات وإدارات أندية مضى على وجودها عشرات السنين وهي لحدّ الآن (تحاول) إيجاد طريقة للحدّ من عمليّات تزوير أعمار اللاعبين في وقت نظّمت به دولة “صغيرة المساحة كبيرة المنجز والتحدّيات” مثل قطر أهم حدث عالمي بكرة القدم وهي بطولة كأس العالم 2022، فضلاً عن تنظيمها عشرات البطولات العالميّة بظرف زمني قياسي مقارنة بتأريخ وجغرافيا بلادنا بكلّ تفاصيلها ومسمّياتها وجذورها وفروعها وأورقها وظلالها!

هل يمكن أن تتقدّم رياضتنا ولو خطوة واحدة إلى الأمام وأغلب من يشغلون المناصب في الاتحادات الرياضيّة والأندية يعِدون وجودهم في هذه المناصب حقوق مشروعة وربّما من وجهة نظرهم ليس من حقّ الآخرين التقرّب من أي منصب في اتحاد أو هيئة إداريّة وهو (خط أحمر) ما دام هؤلاء يستولون عليه مع إن هؤلاء أو الكثير منهم يستغلّون المنصب أبشع استغلال ويتصرّفون به وفق أمزجتهم!

الاستقالة يقدّمها الشجاع لأنه يشعر مع ذاته وضميره الحيّ أن حدود قابليّته توقفت عند  هذا الحدّ وهو لم يعد قادرًا أن يضيف شيئاً للمكان الذي تصدّى له!  

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

تكريم شريك المُنجَز الرياضي

  سمير السعد في عالم الرياضة، حيث المنافسة الشرسة والتحدّيات الكُبرى، يلعب الصحفي دورًا لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *