هيكلة كاساس للأسود

 

إياد الصالحي

سيبقى أسلوب اشتغال المدرب الأوروبي في المنطقة العربيّة، خاصّة الدول التي قضَتْ 40 عامًا وأكثر مثل العراق تعتمد الخبرات الوطنيّة في المشاركات الدوليّة، سيبقى منقوص الثقة ومصير كرة البلد بعُهدتهِ محلّ مغامرة غير مأمونة النتائج وردّات الفعل الشعبيّة!

مَن يُريد الدليل لما ذهبنا إليه عليه أن يضع نتائج عشرة مدرّبين من مختلف الجنسيّات تنعَّموا بدلال الاتحاد العراقي لكرة القدم وقبضوا أموالهم كاملة وعادوا إلى بلدانهم من دون أن يعمدوا إلى تطوير اللعبة التي يُعدُّ اتحادها من بين أقدم اتحادات الشرق الأوسط تأسيسًا ومشاركة في البطولات العربيّة والدوليّة قبل 76 عامًا، كلّهم خرجوا على وقع الخيبة بإستثناء البرازيلي فييرا الذي أسهم بصناعة أوّل إنجاز قاريّ كان الفضل الكبير فيه للأسود الأبطال الذين عانوا أسوأ الظروف النفسيّة جرّاء مخاطر الحرب الأهليّة.

كُلّ الأجانب الذين درّبوا في العراق لم تطلب بلدانهم خدماتهم إلا مرّة أو مرّات خجولة عبر استعانات متعثّرة الخطوات لأسباب مختلفة، فوجدوا ضالّتهم عبر سماسرة يأخذون نصيبهم من الصفقات ولا يأبهون للكوارث التي تنشأ في عهد هذا المدرب أو ذاك ويدفعها العراقيّ من صحتهِ وحُزنهِ وخوفهِ على احتراق آمال منتخبه في صراعات كرويّة إقليميّة وقاريّة لم يتواصل فيها لتسرُّع الاتحاد في خياراتهِ!

الامتياز الوحيد الذي وَسَمَ عمل مدرب منتخبنا الإسباني كاساس دون بقيّة المدرّبين العشرة، أنه يعتمد مبدأ إعادة هيكلة الصفوف، متأثّرًا بسياسة الإيطالي كلاوديو رانييري التي نفّذها مع الناديين الإسبانيين فالنسيا وأتلتيكو مدريد من عام 1997 إلى عام 2005، التي تقضي بانتشال الفريق من الوحل تمهيدًا لإنهاء أزماته التكتيكيّة ومنحهِ القدرة على التحدّي بهويّة فنية معروفة، وهذا ما فعلهُ كاساس بخطوات بطيئة لاقت استهجان النقاد المحايدين ممّن يؤيّدون استرداد المنتخب هويّته التنافسيّة بعناصر جديدة واستغناءات بالتتابع لأبرز لاعبي الخبرة الذين لا تسعفهم لياقتهم للّحاق بمنهاج كاساس غير المُلبّي لطموح عديد الخبرات الوطنيّة الكفوءة كما تابعنا تصريحاتهم منذ تولّيه المهمّة في خليجي 25 حتى آخر مباراة استعداديّة مع كوريا الجنوبية.

ربما هناك من يرى نجاح هيكلة كاساس للمنتخب الوطني مع مرور الوقت للابقاء على أفضل اللاعبين الذين تعاقبوا على تمثيل المنتخب بدءًا من قائمة كاتانيتش الذي تولّى القيادة في آب 2018 حتى الآن، وننتظر من الإسباني نجاحَهُ أيضًا في تبنّي فلسفة الفوز قُبيل كُلّ مباراة باعتبارها مفتاح الصفاء الذهني للاعب لا أن يتهرّب أمام الإعلام من حقّ المُجاهرة بإمكانيّة وصول العراقي إلى منصّة الختام والتخوّف من مصارحة العراقيين بشأن مصير المنتخب في بطولة قطر.

وإلى من يتلذّذون في جلد اللاعبين المتعثّرين في بعض المباريات التحضيريّة تناغُمًا مع مُريدي انتقاداتهم التعسّفية والمُحبطة في صفحات التواصل الاجتماعي، نقول لهم احترموا قدسيّة الكلمة فلُعبة الأخطاء ينبغي ألا توقعكم في خطأ انتهاك مساحة النقد خارج تخصّصكم ومسؤوليّتكم المهنيّة، فللناس كرامات يجب أن تحذروها!

Print Friendly, PDF & Email
أنشر عبر

شاهد أيضاً

اللعبة هزمَت الحرب وفرّقت الدماء!

  إياد الصالحي “العراقيون يؤمنون بشيء واحد هو أنهم خليط متجانس.. وستعرفون ذلك، فلا فرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *