من زيكو الى بابلو.. فخّ العُقود يورِّطنا!

 

يعقوب ميخائيل

لم أكن الوحيد الذي فوجىء حينها بخبر انتقال المدرب المساعد لمنتخبنا الوطني لكرة القدم الإسباني بابلو غرانديز للعمل كمدرب لنادي الميناء! إذ تساءل معي كثيرون: كيف يترك المدرب المساعد لمنتخبنا عمله ويتولّى مهمّة أخرى تاركًا المهمّة الأساس التي جاء من أجلها برفقة طاقم تدريبي متكامل يتولّى تدريب منتخب يخوض غمار أهم منافسة والمتمثلة بتصفيات كأس العالم 2026؟

الغريب أن عمليّة الانتقال جرت بكُل سلاسة، ودون أي إيضاح سواء من المدرب كاساس نفسه عن الكيفيّة التي سمح لمساعده أن يترك المهمّة الأساس التي جاء بها كونه ضمن طاقمه التدريبي ويذهب بلا عناء وبلا مُساءلة كي يتولّى تدريب فريق آخر (الميناء)!

وفي المقابل ظلّ اتحاد الكرة كأنه غير معني بالأمر بمجرّد أن كاساس قد أعلن إنه (سيأتي) بمساعد جديد!! في الوقت الذي كان يتوجّب أن يتم مُساءَلة المدرب عن الكيفيّة التي تمّ التخلّي عن مساعده الذي ليس مستبعدًا أن يكون رحيله أحّد العوامل السلبيّة المؤثرة على عمل المدرّب مع المنتخب إثر المتغيّرات التي حصلت سواء من حيث استدعاءات اللاعبين أو النتائج بحيث أصبح منتخبنا بوضع مقلق وغير مطمئِن بل سيىء، وهذا ما كُشف تحديدًا خلال بطولة الخليج العربي التي عُدَّت أسوأ مشاركة لمنتخبنا العراقي عبر تأريخ هذه البطولة!   

ما يثير الاستغراب أيضًا، بل من أكثر التساؤلات إلحاحًا حول قضيّة المساعد بابلو: كيف حصلت هذه الصفقة،  ومن هُم رموزها بحيث يجرى (تحرّكًا) غير مسبوق وغير محسوب، بل بعيد عن كُلّ التكهّنات من دائرة “حتمًا هي قريبة من المنتخب” وتم عن طريقها إيجاد هذه الفجوة في صفوف الطاقم التدريبي لمنتخبنا من خلال إبعاد أهمّ عنصر تدريبي يمكن أن نعتبره الذراع الأيمن للمدرّب الأوّل؟   

في سياق هذه التساؤلات، يبدو أن اتحاد الكرة الحالي “حاله حال الكثير من الاتحادات السابقة” قد وقع في فخّ الأخطاء المتكرّرة عند إبرام العقود مع المدربين الأجانب دون العودة لمراجعة تفاصيلها وبنودها!

نعم .. قد يكون المدرّب.. أي مدرب حُرّ في اختيار طاقمه المساعد وهذا الاختيار يأتي حتى قبل تولّيه مهمّة التدريب.. ولكن ليس معقولاً أن يترك المساعد مهمّته (في منتصف الطريق) إن صحّ التعبير ويلجأ إلى توقيع  عقد مع نادٍ محلّي آخر، أي يجب أن تكون هناك ضوابط يلتزم بها كُل فرد من أفراد الطاقم التدريبي وليس التخلّي عن المهمّة كيف ومتى ما يشاء؟  

يبدو أن العقد الذي أبرم مع خيسوس كاساس لم ينص على اعتماد أسماء تدريبيّة معيّنة ضمن طاقمه المساعد ولذلك تصرّف بابلو كما يشاء وكما تقتضيه مصلحته الشخصيّة، ورُبّما هناكَ (انتفاع) من تلك (الصفقة) الأمر الذي يعيدنا لاستذكار الحالة التي أوقعتنا في مطبّ من نوع آخر! عندما روّجت قضيّة اقتراب كاساس من التعاقد مع منتخب كوريا الجنوبيّة والتخلّي عن منتخبنا! بحيث أُجبرنا “على الفور” تجديد عقده قبل ثلاثة أشهر من موعده المثبت في العقد الرسمي، ولذلك أصبحنا حاليًّا غير قادرين على اتخاذ قرار إقالته (برغم الاختلاف في الآراء حول قرار الإقالة) لأن الاقالة تلزمنا بدفع الشرط الجزائي!

الأخطاء سواء مع بابلو أم كاساس وبنود عقده ليست وليدة “اليوم” وإنما هي امتداد لأخطاء متكرّرة، بل كارثيّة ارتكبتها الاتحادات السابقة أيضًا، وتحديدًا منذ أيام المحروس زيكو الذي هو الآخر أبرمنا عقدنا معه دون أن نعرف التفاصيل! ولذلك أصبح يتولّى تدريب منتخبنا عبر (الإيميل) دون التواجد في بغداد! حتى استلم بعد ذلك كُل مستحقاته إثر شكواه المتكرّرة ضد الاتحاد العراقي من تأخر دفع مستحقاته مستفيدًا من جهلنا في العقد المُبرم معه!

وتكرّرت الحالة مع المدرب الهولندي ديك أدفوكات الذي هو الآخر نص عقده على عدم إلزامه بالتواجد في العراق!  بحيث ظلّ متمسّكًا بمقعده في الطائرة ورفض النزول حتى إلى صالة مطار بغداد بعد عودة المنتخب من كوريا الجنوبية التي واجهها في ملعبها لولا تدخل الكابتن عدنان درجال واقناعه بالنزول من الطائرة والتواجد فقط في صالة المطار أمام وسائل الإعلام، حتى تخلّى بعد ذلك هو الآخر عن مهمّته كي نُجبر بمضض على قبول مساعده بيتروفيتش مدرّبًا لمنتخبنا ولو لفترة قصيرة!

إلى متى سنبقى بهذه السطحيّة والسذاجة في إبرام العقود مع المدرّبين الأجانب؟ وإلى متى نبقى (نعيش) في “برج العاج” دون أن نستعين بشخصيّات محترمة من وكلاء العقود كي تسري عقودنا بما تقتضيه مصلحة منتخباتنا وفرقنا وليس بما تنسجم مع مصالح المدرّبين ومساعديهم  أو الوكلاء والسماسرة؟!

الى متى لا تعتمد اتحاداتنا على وكلاء من اصحاب السيرة الذاتيّة المحترمة المعروفة دوليًّا التي تمّكنها الإتيان بمدرّبين كبار ترتقي بإمكانياتهم مع قدرة منتخبنا وليس كما حصل حتى مع كاساس الذي حتمًا أن (لاليغا) رشحه لتولي تدريب منتخبنا لكنهم أي (لاليغا) لم يكونوا منصفين في الاختيار كونه افتقر الى إلسيرة الذاتيّة كمدرب وليس محللاً!!   

** آخر سطر .. نأمل أن يكون كاساس آخر ( فخ ) تورّطنا فيه نتيجة الجهل من جهة والتسرّع من جهة أخرى.. والله من وراء القصد!   

 

 

أنشر عبر

شاهد أيضاً

تحدّيات الأولمبيّة كبيرة!

  ♦ عبدالرحمن رشيد كريم نبارك للدكتور عقيل مفتن فوزه برئاسة اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *