سامر الياس سعيد
يُدهمنا مُجدَّدًا الحُلم الأولمبي بعد عقود من إنجاز الرباع عبدالواحد عزيز ليُعيد لنا لذة الحُلم بإنجاز يتكرّر في الأولمبياد بعِطر باريس بعد أسابيع قليلة من الآن، فما الذي نختزنهُ عن ذكرى تدهم أحلامنا وتوقِظ فينا الأمنيات بعد كُل دورة أولمبيّة تتجدَّد كُل أربعة أعوام.
ألا تذكرون كيف كانت عليه صحافتنا بعد انقضاء الدورة الأولمبية السابقة، وما هو كمّ الانتقادات التي برزت بعد انتهاء دورة أولمبياد طوكيو 2020 بعد أن حظي رياضيّونا المشاركين بالدورة المذكورة بنتائج لا تلبّي الطموح، فبرزت للعلن الكثير من الأسئلة حول دور الاتحادات الأولمبيّة إلى جانب إبراز أهميّة صناعة البطل وكيفيّة تنمية قدراته وإمكاناته الرياضيّة طيلة المدّة الفاصلة بين دورة أولمبيّة وأخرى حتى يتمكّن الرياضي من إبراز قدراته في المنافسة النهائيّة التي يخوضها لأجل التتويج.
كما استذكرُ أيضًا انتقادات أبرزت ضرورة التخلّي عن تمسّك رياضيينا بالرياضة الشعبيّة الأولى المعروفة بكرة القدم والالتفات للرياضات الفرديّة التي بإمكانها أن تجدّد الحُلم فينا من أجل الحصول على ميداليّة أولمبيّة ثانية تشرق فينا آمال بأن رياضتنا تسير بالاتجاه الصحيح والمناسب.
لا يمكن للدورة الأولمبيّة أن ترسّخ حقيقة أن الدول التي عقدت صداقة دائمة مع المراتب الأولى في إمكانيّة أن تتقهقر أو تتراجع بغضّ النظر عن سياستها تجاه تنمية مؤسّسات الاهتمام بصناعة الأبطال لا سيّما وأننا نشهد في كُل دورة انبثاق دولة لم نسمع بها إلا وأن نشهد بطل من أبطالها وقد اعتلى منصّة الترتيب ليتوّج بميداليّة، فيما نكرّر ذات الاسطوانة بغياب الاهتمام بالأبطال أو غياب القاعات المناسبة التي تخدم غرض تدريب تلك الفئات، إضافة لغياب البرنامج الإعدادي المُناسب الذي بإمكانه أن ينزع رهبة المنافسة من قلب الرياضي ويحلّ بدلاً عنها رغبته الطامحة بالفوز لإعلاء اسم الوطن عاليًا.
ومن خلال ما تقدّم هل علينا المطالبة بمؤسّسة نطلق عليها الحُلم الأولمبي لتكون شريكًا في إبراز القدرات الرياضيّة وتنميتها لغرض المنافسة ليكون علينا حقّ أن نشهد بولادة أبطال من رحم تلك المؤسّسة التي تُعلّي صوت المنافسة وترسّخ لنا حضورًا ثابتاً في المنافسات التي طالما غاب عنها العراق بعد أن شهدت المرّة اليتيمة في روما 1960 صرخة البطل عبدالواحد عزيز بالحصول على إحدى ميداليّات تلك الدورة دون أن تمنحنا الأعوام اللاحقة مشهدًا مكرّرًا على أقل تقدير لعزيز عراقي آخر يمكنهُ أن يمنحنا فرصة المنافسة والظفر بأحّد المعادن النفيسة من الدورات الأولمبيّة المتتالية.
وقد أتساءَل مجدّدًا وأنا في دوّامة هذا الحُلم عن المؤسّسات الأكاديميّة التي تعنى بشؤون الرياضة وعلم التدريب والرسائل الجامعيّة التي تنطلق منها بالمئات في كُل عام عن مساحة واحدة مخصّصة لرؤية أكاديميّة خالصة تتلقف مساحة الإنجاز الأولمبي وتشبّعه دراسة وبحثاً ليجسّد ذلك الحُلم إلى حقيقة فما أحوجنا في أن تبرهن تلك الدراسات الأكاديميّة عن منجزات ملموسة لا تقتصر على الحبر المُراق في كتابتها وطباعتها، فحسب لا بل أن تسهم تلك الرؤى التي اكتنزتها دراسات الباحثين في أن تجد لنا موطئ على الخارطة الأولمبيّة للإنجاز.
ولصحافتنا أيضًا موطئ قدم في هذا الحُلم الكبير لا سيّما وإننا شُركاء في تحقيق إنجاز طال انتظاره على أن لا تكون خاتمة أولمبياد باريس 2024 نافذة لتبادل الاتهامات مثل كُلّ مرّة حيث تكسر التقاليد المقولة الشائعة ( ليس كُل مرّة تسلم الجرّة ) وتبقى جرّتنا خالية من الظفر بأحّد الأوسمة الأولمبيّة!