كيف نصلح عمل الاتحادات الرياضيّة العراقيّة؟

 

♦ د.أحمد توفيق الجنابي*

كثيرًا ما يتبادر إلى أذهاننا هذا السؤال الذي يتعلّق في كيفيّة إصلاح عمل الاتحادات الرياضيّة التابعة للجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة حيث لا يمكن إصلاح عمل الاتحادات بمعزل عن إصلاح عمل المكتب التنفيذي للجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة والأمانة العامّة فيها، وهذا الموضوع سوف نتناوله بالتفصيل في مقالات قادمة بإذن الله.

إن الاتحادات الرياضيّة في اللجنة الأولمبيّة العراقيّة تواجه العديد من المشاكل والتحدّيات الحقيقيّة التي تعيق من تطوّر عملها ونجاحها سعيًا لتحقيق نتائج إيجابيّة على الصعدين المحلّي والدولي. هذه المشاكل والتحدّيات تتنوّع ما بين مشاكل (تنظيميّة، إداريّة، مالية، فنيّة) وفيما يلي أبرز التحدّيات التي تواجه عمل الاتحادات الرياضيّة في اللجنة الأولمبيّة العراقيّة :

أوّلاً: الفساد الإداري وغياب الكفاءة

تعدُّ مشكلة الفساد الإداري في معظم الاتحادات الرياضيّة أحّد أبرز السمات التي تعاني منها تلك الاتحادات بسبب سوء اختيار رؤساء الاتحادات والكوادر الإداريّة لقيادة عمل الاتحاد فقد عمد معظم رؤساء الاتحادات إلى تفصيل الهيئات العامّة للاتحادات على مقاس القانون الانتخابي، فمن خلال هذا التفصيل تم استبعاد معظم الكوادر والكفاءات الإداريّة والفنيّة الفاهمة والمُتمكّنة من إدارة عمل الاتحاد بشكل علمي وصحيح، وتم الابقاء على الكوادر الدخيلة والطارئة على عمل الاتحاد المعني، وذلك بهدف الهيمنة والسيطرة على مقدّرات الاتحاد. كذلك كان للمحسوبيّة والانتماءات السياسيّة والحزبيّة الأثر الكبير في استقطاب الهيئات العامة والسيطرة على مقدّراتها.

وبالنتيجة نلاحظ بأن الطارئين قد هيمنوا على المشهد الرياضي، وبالتالي أصبح الضعف الواضح في المستوى الإداري والفني والتنظيمي هي السمات البارزة لعمل تلك الاتحادات.

ثانياً: الفساد المالي وضُعف الرقابة

على الرغم من أن معظم الاتحادات الرياضيّة العراقيّة تعاني من نقص الموارد الماليّة وقلّة الدعم الحكومي حيث أن معظم الاتحادات الرياضيّة تجد صعوبة في عمليّة تمويل نشاطاتها الفنيّة سواء في إقامة البطولات المحليّة أو المشاركة في البطولات الخارجيّة وإقامة المعسكرات التدريبيّة.

إلا أن المشكلة الأساسيّة ليست في ضعف الدعم الحكومي فقط، وأنما غياب النزاهة في عمليّات الصرف المالي لموازنات الاتحادات الرياضية، فإن ضعف الرقابة الماليّة وعدم الشفافيّة في آليّات الصرف أدّى ذلك إلى وجود بعض النفسيّات الضعيفة التي هيمنت على تلك الأموال ومنعت من وصولها إلى اللاعبين والمدرّبين أو وضعها في أوجه الصرف الحقيقيّة وحسب الحاجة الفعليّة.

ثالثاً: ضعف البنية التحتيّة ونقص الخبرات

إن معظم الاتحادات الرياضيّة تعاني فى ضعف البنية التحتيّة لمنشآتها الرياضيّة فمعظم ملاعبها وقاعاتها غير مؤهّلة من النواحي الفنيّة والتنظيميّة لإقامة البطولات المحليّة والدوليّة أو حتى التدريبيّة لدى البعض فهي غير صالحة لعمليّة التدريب اليومي، وذلك لافتقارها لأبسط مقوّمات العمليّة التدريبيّة وما تحتاجه من أجهزة وأدوات تدريبيّة متطوّرة ومواكبة للتعديلات الدوليّة الأخيرة.

كما أن معظم الاتحادات الرياضيّة تعاني من النقص الحاد في الخبرات والكفاءات الفنيّة الحاصلة على الشهادات الدوليّة حسب الفئات والتصنيف الدولي الجديد بسبب ضعف المشاركات في تلك الدورات التي تقيمها اللجان الفنيّة التابعة للاتحادات الدوليّة.

رابعاً: ضعف التخطيط الاستراتيجي وغياب الهدف

إن معظم الاتحادات الرياضيّة تعاني من غياب الرؤية المستقبليّة بسبب عدم وضوح الأهداف وذلك نتيجة ضعف التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد فهي تلجأ إلى العشوائية في عملها وتضع أهداف قصيرة المدى من خلال المشاركات الخارجيّة التي لا تغني ولا تسمن من جوع فقط الهدف منها هو السفر والإيفاد للخارج لغرض السياحة وصرف المال بعيدًا عن الرقابة والشفافيّة.  

كما إن معظم الاتحادات الرياضيّة تفتقر إلى وضع البرامج التطويريّة المُستدامة لصناعة البطل الأولمبي وتحقيق الوسام الأولمبي من خلال ضعف الاهتمام بالفئات العمريّة الصغيرة والعمل معها بشكل علمي مُستدام.

الحلول لمعالجة المشاكل:

يمكن لنا أن نضع الحلول المقترحة لإصلاح عمل تلك الاتحادات هي:

1- إصلاح المنظومة الإداريّة عن طريق الحوكمة الرقميّة، وفرض رقابة إداريّة وماليّة صارمة لعمل الاتحادات الرياضيّة.

2- إلغاء الهيئات العامّة للاتحادات الحاليّة وتشكيل هيئات عامّة جديدة تضمُّ الكفاءات العلميّة والفنيّة والإداريّة الحقيقيّة وإبعاد الطارئين عنها وذلك من خلال إجراء تعديلات على قانون الانتخابات للحدِّ من هيمنة رؤساء الاتحادات الحاليين الذين حوّلوا الاتحادات إلى اقطاعيّات تابعة لهم.

3- تحسين التمويل الحكومي والتوسّع في شراكات ماليّة مع القطّاع الخاص من خلال رعاية البطولات والمعسكرات والمشاركات الخارجيّة للاتحادات الرياضيّة ووضع سياسة ماليّة ورقابيّة صارمة لتنظيم ذلك.

4- تطوير البنية التحتيّة لتحسين المنشآت الرياضيّة وفق المعايير الدوليّة وتوفير الأجهزة والمعدّات الرياضيّة المتطوّرة والحديثة في مختلف الألعاب الرياضيّة، وذلك من خلال التنسيق بين الاتحاد ووزارة الرياضة والشباب والاتحادات الدوليّة للحصول على أفضل وأقلّ الأسعار ومن مناشئ عالميّة رصينة.

5- وضع استراتيجيّات طويلة الأمد التي تركّز على تطوير الرياضة العراقيّة على المدى الطويل وكيفيّة صناعة البطل الأولمبي، وذلك من خلال الاهتمام بالقاعدة التي تعتمد على الفئات العمريّة الصغيرة واختيار الموهوبين، وذلك من خلال إنشاء مدارس رياضيّة للموهوبين مرتبطة مع وزارة التربية والاتحادات الرياضيّة لصناعة جيل من رياضيين موهوبين في بغداد وجميع المحافظات العراقيّة. وبذلك نعمل على تحقيق التنمية الرياضيّة المُستدامة.

6- زيادة كفاءة المدرّبين المحلّيين واستقدام مدربين أجانب، ضرورة الاهتمام بالمستوى الفني للمدرّب المحلي، وذلك من خلال دعم مشاركاتهم في الدورات التدريبيّة الدوليّة والدراسات التي تقيمها اللجان الفنيّة في الاتحادات الدوليّة والحصول على التصنيف الدولي حسب الفئات والتصنيفات الرسميّة، كما إن بعض الألعاب الرياضيّة تحتاج إلى استقدام مدربين أجانب لتحسّن المستوى الفني للعبة، ويمكن أن ينظّم ذلك من خلال اتفاقيّات التعاون المشترك التي تقيمها وزارة الشباب والرياضة ضمن بروتوكولات التعاون مع تلك الدول.

7- زيادة الدعم الإعلامي وتعزيز التواصل مع الجمهور لزيادة الوعي بالرياضة العراقيّة وبمختلف الألعاب الرياضيّة وليس التركيز على كرة القدم فقط.

إن تطبيق هذه الحلول تحتاج إلى إرادة حقيقيّة ورغبة في التغيير وإصلاح الواقع الحالي لعمل الاتحادات الرياضيّة في العراق لزيادة كفاءتها وقدرتها على تحقيق النجاح والانتصارات على المستويين المحلي والدولي.

—————–

* الأمين المالي الأسبق – اللجنة الأولمبيّة الوطنيّة العراقيّة

أنشر عبر

شاهد أيضاً

العواملة رئيسًا لآسيوي المصارعة وعضو التنفيذي الدولي

  متابعة – بهاء تاج الدين أحمد   في لحظة تأريخيّة مشرّفة، كتب المهندس محمد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *