
كتب: بهاء تاج الدين أحمد
منذ انطلاق منافسات الدوري العراقي لكرة السلّة هذا الموسم، بدأت الفرق تتسابق في تعاقداتها مع المدربين الأجانب، في محاولة لتعزيز قدراتها والظفر باللقب، إلا أن المدرب المخضرم في الشؤون السلويّة محمد النجار جاء ليقلب الموازين ويؤكّد مرّة أخرى أن الكفاءة المحليّة قد تفوق كُل التوقعات.
في تصريح جريء وواضح، وجّه النجار رسالة لكُل مدرّبي فرق الدوري السلوي الأجانب قائلاً: “لقد خسرتم مبارياتكم أمام المدرب المحلي من الأسبوع الأوّل والثاني، وما زال المزيد في الطريق.” هذه الكلمات القويّة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت بعد سلسلة من النتائج التي وضعت الفرق التي تقودها الخبرات الأجنبيّة في موقف محرج أمام الفرق التي يقودها مدرّبون عراقيون.
الدروس المستفادة
في الأسابيع الأولى من الموسم، شاهدنا كيف استطاعت الفرق بقيادة مدرّبين عراقيين تحقيق انتصارات لافتة على الفرق التي يقودها الأجانب الذين قد يكونون محمّلين بتوقعات وتكتيكات عالميّة، ولكنهم واجهوا تحدّيات كبيرة في فهم طبيعة الدوري العراقي وأسلوب لعب الفرق المحليّة.
في المقابل، أظهر المدرّبون المحليّون مثل محمد النجار قدرة على استغلال نقاط الضعف في الفرق المنافسة، ومعرفة دقيقة بخبايا اللاعبين العراقيين وطبيعة المنافسات.
النجّار قالها بوضوح: “مو كافي ما اقتنعتوا”! هذا التساؤل الموجّه لإدارات الفرق يطرح سؤالاً أكبر حول السبب وراء التمسّك بالمدرب الأجنبي في بعض الحالات. هل هو البحث عن التجربة الدوليّة أم هي مجرّد محاولة لإبهار الجماهير واللاعبين؟ في النهاية، النتائج هي الفيصل وجاءت لصالح المدرّب المحلي.
الأموال المهدرة
ما يدعو إليه النجار، ليس مجرّد مقارنة فنيّة بين المدرب الأجنبي والمحلّي، بل دعوة لإعادة التفكير في كيفيّة إدارة الموارد الماليّة للفرق، فالتعاقد مع مدربين أجانب يتطلّب استثمار مبالغ كبيرة من الدولارات، وهو ما يمكن استثماره بدلاً من ذلك في تطوير الكفاءات المحليّة ودعم المدربين العراقيين. هؤلاء المدربون يمتلكون المعرفة والقدرة على تحقيق النجاح، لكنهم بحاجة إلى الثقة والدعم من قبل إدارات الأندية.
النجّار لم يطلب أكثر من منح المدربين المحلّيين الفرصة التي يستحقونها، مشيراً إلى ضرورة العمل بإخلاص ووضع مصلحة الكرة السلّوية العراقية أوّلاً وقبل كل شيء.
هل آن أوان التغيير؟
تصريحات محمد النجّار تعكس حالة عامّة في العديد من الرياضات، حيث يعتمد البعض على المدرّب الأجنبي معتقدين أن الخبرة الدوليّة هي الحل السحري لتحقيق البطولات، إلا أن التجارب في الدوري السلوي تثبت العكس، المدرب المحلّي، القريب من اللاعبين والمنافسات، هو الأقدر على فهم التفاصيل الدقيقة التي لا يدركها المدرب الأجنبي مهما كانت خبرته.
وفي ظلّ هذه النتائج، يصبح من الواجب على إدارات الأندية إعادة النظر في سياساتها التعاقديّة، فدعم المدرب المحلّي ليس فقط حلاً اقتصاديًّا، بل هو خطوة نحو تحقيق المزيد من الاستقرار والتقدّم للفرق، وإعادة الثقة إلى الكفاءات العراقيّة التي لطالما أثبتت جدارتها في الميدان.
إن المدرب محمد النجّار لم يوجّه كلماته من فراغ، بل من منطلق تجربة حقيقيّة ونتائج ملموسة على أرض الواقع، إن كان هناك درس يجب أن تتعلّمه الأندية من الأسابيع الأولى للدوري، فهو أن المدرب المحلّي قد يكون الحل الأنسب لتحقيق النجاح، وأن استثمار الموارد في أبناء البلد قد يثمر أكثر من اللجوء إلى الحلول المستوردة.
لذا، يجب على الجميع أن يأخذوا بنصيحة النجار: “وفروا دولاراتكم، وادعموا المدرب المحلي العراقي”.