رعد العراقي
لازالت عُقدة المشاركة العراقيّة في دورات الألعاب الأولمبيّة تمثل لُغزًا مُحيّرًا على صعيد النتائج المتحققة لم يجد لها أصحاب الشأن مخرجًا ومبرّرًا منطقيًّا يفسّر غياب الإنجاز والفشل في الحصول على وسام أولمبي يضاف إلى الوسام اليتيم الذي ظفر به الربّاع الخالد “عبدالواحد عزيز” في دورة روما 1960.
بالفعل هي صدمة للجماهير العراقيّة ومؤشر اخفاق لقدرة القيادات الرياضيّة على مدار 64 عامًا على تشخيص العلّة وإيجاد الحلول للخروج من مأزق التراجع والتوهان في الوصول إلى منصّات التتويج، برغم هول الأموال التي دخلت خزائن اللجنة الأولمبيّة الوطنية على مدار عقدين وأنفقت بأبواب صرف متعدّدة من المفترض أنها تذهب نحو تحقيق هدف واحد هو تطوير الألعاب الرياضيّة وصولاً إلى حصد الأوسمة في أكبر محفل عالمي يمثل مقياس حقيقي لجميع دول العالم بالنجاح من عدمهِ!
حين نقول: عُقدةٌ أو لغزٌ عصٌّي فإننا نؤشّر حالة استمرار الفشل، لكن الأسباب قد تبدو واضحة لا تحتاج إلى دراسات وبحوث للوصول إلى حلٍّ لمن يبحث بالفعل عن ذلك الحل، فحين تجرّد الانتخابات للوصول إلى المناصب من غايتها بوصول الأجدر والأكثر كفاءة وتتحوّل إلى صفقات وتفاهمات في صالح الأقوى فهي بداية لإعلان وفاة الديمقراطيّة وتحوّلها إلى غطاء قانوني للتمسّك بالمناصب على حساب مستقبل الرياضة العراقية، وتلك كانت أوّلى سقطات مبادىء العمل التي ذهبت نحو تأجيج الصراعات الدائمة بدلاً من التفرّغ للتخطيط والتطوير.
وحين تعيش المنظومة الرياضيّة تلك الأجواء القلقة فإن ما ينتج عنها لا يتجاوز الفوضى والتخبّط في توجيه الأموال وآلية النهوض بالألعاب واكتشاف المواهب وتطبيق التعليمات التي تلزم الاتحادات بتحقيق الإنجازات.
من يتجرّأ بإعداد حسبة ماليّة دقيقة بكل الأموال التي أهدرت على مدار سنوات طويلة سنقف مجهولين أمام أرقام مُخيفة جميعها ذهبت نحو مقاصد السفر والرواتب وأمور الضيافة والإدارة وتخصيصات للمشاركات الخارجيّة الشكليّة أفرغت الخزينة، ولم تبقَ إلا النذر اليسير لما هو مطلوب لإعداد الأبطال وخطط التطوير، وبرغم ذلك لم نجد من يُحاسب ويشخص الأسباب ويفرض وضعًا قانونيًّا لا يسمح فيه بهدر الأموال.
الآن وبعد الوضع الجديد الذي فرضهُ سحب الثقة من رعد حمودي واشغال د.عقيل مفتن منصب رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية نأمل أن تعيش الرياضة العراقيّة مرحلة جديدة تطوي معها محطّات الفشل والتراجع وتتعامل بواقعيّة وجديّة بكلّ ما يخصّ عمل الاتحادات وتضع نظامًا إداريًّا يتيح التدقيق والمحاسبة تجعل من خلاله لشخصيّة اللجنة الأولمبيّة الوطنية مكانة وتأثيرًا في المساهمة بتطوير الألعاب وتحقيق نتائج حقيقيّة وليس البقاء ضمن نطاق العمل الشكليّ غير المؤثر.
نصيحة أخيرة: العمل بصمتٍ من دون ضجيج وإبهار ووعود ورديّة ستكون أولى خطوات النجاح لتحقيق النتائج على الميدان، وهي خير إشهار واعتراف لكفاءة القيادة الرياضيّة، وبالتالي فإن الإبتعاد عن وسائل الدعاية والترويج وتشذيب بؤر الوصوليين ممّن كانوا بالأمس مدافعين ومصفقين لمن سبق، والآن ناقدين لهم ومادحين بكُلّ هوادة لزمن مفتن الجديد تأكيدًا على أن عصر التغيير قد بدأ بالفعل بعيدًا عن المُطبّلين!