رصيد “ثقة الاتحاد” على وشك النفاد!

 

إياد الصالحي

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي منذ نهاية الشوط الأوّل لمباراة منتخبنا الوطني مع ضيفه الكويتي أمس (الخميس) برسم الجولة السابعة من تصفيات الدور الحاسم المؤهّل لنهائيّات مونديال 2026 بحملات انتقاد ساخطة ضد مدرب المنتخب الإسباني خيسوس كاساس وذلك لارتباكه في فكِّ شيفرة صمود “الأزرق” الذي سدَّ بدفاعه المُنظّم بدءاً من خط وسطه كُلّ ثغرة تهدّد مرماه! فخرج منتصرًا في فترة الاستراحة، وحقق نصف هدفه، وأقلق جمهورنا الذي التزم الصمت حيال أداء خاوٍ من مظاهر القوّة لمالِك الأرض، واستسلم كاساس لانفعاله نتيجة سماحه بضياع الوقت في تبادل الكرات العشوائيّة وسوء التركيز تحت خطّ الفقر التكتيكي الذي يرفض الاعتراف به في جميع مؤتمراته الصحفية التي اعتاد أن يهزأ بإيماءات وردود مقتضبة من أسئلة بعض الصحفيين – دون تنبيه من مدير إعلام الاتحاد الذي يدير المؤتمر- ويُجنّب نفسه أي تقصير يكمن في ضياع الفرص ولا يقرُّ بمسؤوليّته فعليًّا!

في صراع المدرّبين، تفوّق الأرجنتيني خوان بيتزي على الإسباني خيسوس كاساس في تحييد أهم عناصر منتخبنا عندما عزل الأوّل خطّ وسطنا عن القيام بأدوار المساندة الهجوميّة وذلك بعدما أفرغ وجود أيمن حسين وزميله مهند علي من التأثير العملي والمعنوي، وإن كانت نسبة الاستحواذ كبيرة لصالحنا، ومنحَ الحريّة ليوسف ناصر ومحمد دحام لاقتناص الهجوم المباغت مستغلاً هشاشة دفاعنا! وهذا الأمر لم يفطن له كاساس وملاكه المساعد، مع أن مدّة عمل بيتزي مع الكويت لم تتجاوز الثمانية أشهر فقط منذ 16 تموز 2024 مقابل سنتين وأربعة أشهر لكاساس حيث وصل إلى بغداد في 5 تشرين الثاني 2022!

بيتزي استلم منتخبًا متقهقرًا بعُهدة البرتغالي روي بينتو بحصيلة نتائجه في الدور الثاني من تصفيات كأس العالم 2026 ضمن مجموعة قطر والهند وأفغانستان التي حلّ ثانيًا فيها بعد قطر، ليباشر بيتزي مهمّته اعتبارًا من الدور الثالث وقدّم أوراقه بقوّة في خليجي 26 عندما تعادل مع عُمان وقطر (1-1) وفاز على الإمارات1-2 وخسر نصف النهائي من البحرين بهدف واحد، ممّا طمأن الاتحاد الكويتي بصواب الاستقرار معه سيّما أنه درّب السعودية والبحرين عامي 2018 و2024 بالتوالي، في فترة ماضية وحصل لتشيلي على كأس كوبا أمريكا 2016، فماذا عند كاساس من تجارب تعلّمه كيفيّة تفادي هكذا مآزق؟ لا شيء! تلك يتحمّلها من وافق على اعتماده قائدًا للأسود أو الأصح منحه الشهرة مع منتخب بلاد الرافدين في الزمن الخطأ ليكون ضمن صفقة تحديث الدوري العراقي ومواهب كرتنا إسبانيًّا بمشروع “لاليغا” وبعقدٍ تمّت زيادته من دون أن ينجح في إضفاء التغيير الإيجابي على الفريق! 

إن اتحاد كرة القدم بتوليفة لجنته التنفيذيّة – دون استثناء أي عضو فيها – يتحمّل مسؤوليّة منح الثقة لكاساس بعد كُل مباراة ضمن جولات تصفيات الدور الحاسم المؤهّل إلى كأس العالم 2026 كونه لم يُثبت استحقاقه في الاستمرار مع الأسود بدلالة عصبيّته طوال 93 دقيقة متجرّعًا خسارة حتميّة بهدفين مع اصفرار وجهه المُرتعِب من نظرات آلاف المشجّعين العراقيين ترمقهُ عتباً شديدًا على عناده بالتجريب غير الناجع، وفرض أسلوب لا يتناسب مع قدرات بعض اللاعبين، وقلّة مدّة تحضيراته التي تسبق مباريات التصفيات، ورهانه الفاشل على بعض العناصر المحلّية والمحترفة التي لم تعد مؤهّلة لأداء واجباتها وقد خرجت عن خدمة الأسود وفقاً لتقييم علمي وإحصائي لا يخضعان لأيّة حسابات أو ضغوط كالتي يجهّزها البعض للهجوم على المدرب كلّما استدعى أو أقصى لاعبًا لم يضف للمنتخب أيّة قيمة!

إن سكوت أعضاء الاتحاد على أنهيار المنتخب “حامل اللقب” في خليجي 26 ومرافقته منتخب اليمن خارج دور المجموعات بمستوى فني هزيل مع هزيمتين فاضحتين من البحرين بهدفين والسعودية بالثلاثة قبل شهرين ولم تتم مساءلته فنيًّا، ذلك السكوت قوّى موقف كاساس وأوهمه بنجاح قيادته ولا شائبة ضدّه، تاركًا شؤون المنتخب 75 يومًا ليكتفي بعدها بأربعة أيّام فقط ترويحيّة تخلّلتها ثلاث وحدات تدريبيّة بهدف انسجام اللاعبين الجُدد ليس إلا، فحلّت الصدمة في البصرة التي تنذر بتبعات مؤسِفة على صعيد فقدان بطاقة التأهّل المُباشر والتوجّه نحو المُلحق بمنافسات شرسة رُبّما لا نصيب لنا فيها!

لا تؤثروا على الجماهير بمشاهد الدموع عقب تسجيل هدف إبراهيم بايش في الدقيقة 101 وإن كانوا يعيشون اللقطة يوميًّا في حلقات (دراما رمضان ) بل وفروا لهم مشاعركم خجلاً من تصاغر قامة المنتخب حاضرًا بتأريخه العملاق فلم يكن من السهل تأهّله إلى المكسيك عام 1986 حينذاك، ونستشهد هنا بقول الدكتور عبدالقادر زينل مُشرف المنتخب (يوم حسمنا موقعة كلكتا مع قطر بهدف كريم علاوي بحركة خلفيّة غريبة، أنفجر المدرب أنور جسّام رحمه الله باكيًا بعد المباراة انتشاءً بالفوز، فأمسكتُ كتفه وقلت له بانفعال “لم نحقق مُعجزة التأهّل للبطولة بعد يا أنور.. وينتظرنا عملاً شاقاً” هكذا كانت تدار اللعبة بواقعيّة وحرص ومسؤوليّة بعيدة عن التعاطف واستجداء (لايكات.. عفية أبو الغيرة)!

خمسة أيام يُمتحن فيها اتحاد كرة القدم بكامل أعضاء لجنته التنفيذيّة لاتخاذ القرار المصيري بلا تردّد وهو إنهاء مهمّة كاساس بأقرب وقت، والتحرّك السريع للتفاهم مع أحّد المدرّبين الوطنيين سواء في الداخل أم الخارج عبر مبدأ الاستعارة للتحدّيات الحاسمة المُرتقبة وبإشراف رئيس الاتحاد نفسه الذي مرّ بتجربة تصفيات مونديال 1994 في الدوحة وشعرنا بالفارق الفني للمنتخب خلال أربعة أيّام من استبداله يوم الجمعة 15 تشرين الأوّل 1993 بملاك قدير قاده الراحل عمو بابا بدءًا من مواجهة كوريا الجنوبيّة يوم الثلاثاء 19 منه.

الجماهير العراقيّة اليوم لا تقبل نهاية حُلم مونديال 2026 بكابوس سيظلّ يطارد من دفعت كرتنا الثمن بسبب عنجهيّته وتفرّده وتلاعبه بالوعود غير آبهٍ لمليارات الدنانير كانت فئات الشعب ذات المداخيل الشحيحة والمُنهكة صحيًّا أولى بها في ظرف اقتصادي يقتلها جوعًا وقهرًا!

أنشر عبر

شاهد أيضاً

المُنقِذ باسم قاسم

  إياد الصالحيأي احترافيّة جديدة أتى بها اتحاد كرة القدم لكي يتميّز كما يوهِم مؤيّديه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *