رعد العراقي
شهد الموسم الكروي المنصرم لدوري النخبة انتقادات وسجالات كبيرة أثّرت بشكل كبير على جماليّة الدوري وتسبّبت في خلافات وصراعات وأحداث شغب متكرّرة كانت السِمة الغالبَة لمشهد الملاعب بعد أن كثرت الأخطاء التحكيميّة منها ما كان عفويًّا وأخرى رُميَت في خانة المُجاملة وحتى التلاعب المُتعمّد بالنتائج.
ولعلّ الشيء الوحيد الذي اتفق عليه المختلفون من الأندية هو ذهابهم نحو الدفع باتجاه الاعتماد على تقنيّة الفار كحل مثالي لتطبيق العدالة في إدارة المباريات والقضاء على أي محاولة لخرق القانون أو وضع القرارات التحكيميّة تحت سُلطة حكم الساحة واجتهاده الشخصي.
وبالفعل أثمرت تلك الضغوط على اتحاد الكرة حين (سارع) بشيء من العجالة غير المدروسة إلى توفير منظومة الفار لتكون متاحة في جميع مباريات الموسم الحالي لدوري نجوم العراق مع فتح دورات سريعة للحُكّام للعمل على كيفيّة استخدامها بالشكل الصحيح لتكون بشكل رسمي جزءًا من السُلطة التحكيميّة للمباريات.
حالة الصدمة كانت حاضرة منذ أوّل يوم تطبيق تقنيّة الفار حين شهدت المباريات اعتراضات بالجُملة على القرارات التحكيميّة نتيجة فشل حُكّام الفار في ضبط المخالفات وضعف التشخيص والمشورة المقدّمة إلى حكم الساحة وربّما ظهور خلافات بين الطرفين على بعض الحالات كانت سببًا في استهلاك الكثير من الوقت والجدال وسلب متعة المباريات، وحدوث أخطاء في القرار النهائي فيما بينهم.
أكاد أجزم أن هناك أسباب جوهريّة هي من تسبّبت في فشل تطبيق تقنيّة الفار..أوّلها حالة التسرّع في اعتماد تلك التقنيّة من دون أن تتوفر لها إدارة متمكّنة تمتلك الخبرة والقدرة على العمل عليها وتسخير تلك التقنيّة لصالح الكشف ورصد الحالات بدقّة عالية وهو ما يتطلّب أن يخضع العاملون عليها لدورات كثيرة والدخول في معايشات مع حكام معتمدين لاكتساب الخبرة والمهارة، وهذا الأمر لم يحدث مُطلقًا، بل اعتمدت دورات سريعة غير مدروسة تسبّبت في ضعف إدارة تلك المنظومة، الأمر الآخر المهمّ هو حُكّام الساحة وغياب التركيز في ضبط قراراتهم وكأنهم وضعوا المسؤوليّة على حُكّام الفار للهروب من أي أخطاء قد تسجّل في إدارتهم للمباريات، وهو ما تسبّب في كثرة التوقفات ومعها فقدت الثقة بحكم الساحة وكفاءته فاتت المسؤوليّة متأرجحة بين حكم الساحة وحُكّام الفار وكأنها كرة نار كل طرف يرميها على الآخر.
هذا ما يقودنا إلى حقيقة ربما كانت غائبة عن اتحاد الكرة وهو شكل العلاقة بين حكم الساحة وحُكّام الفار وسلطة القرار النهائي للحُكم على أية حالة ومن هي الجهة التي تتحمّل هذا القرار؟ وهنا فإن الانسجام وتثبيت المهام وتحديد الجهة الأكثر تأثيرًا في فرض القرار هي من تخلق نوعًا من الاتفاق بين الطرفين من دون اجتهادات وبأقل الأخطاء.
إن تجربة تطبيق تقنية الفار وما نتج عنها من سلبيات لا بدَّ أن تخضع لدراسة وبحث في كُلّ نقاط الاخفاق..ونظنّ أن اللجوء للاستعانة بخبرات خارجيّة هو خيار لا بأس به وربّما يُشكّل حلًا مناسبًا سواء لعودة الثقة للحُكّام ولجم حالات الانفلات والخلافات من جهة، وتأمين أجواء معايشة وكسب خبرة لحُكّامنا المحلّيين مع التفكير الجدّي بتكثيف الدورات التطويريّة الخارجيّة والمعايشة لهم حتى نضمن أجواء تحكيميّة مناسبة لدوري المحترفين القادم .