يعقوب ميخائيل
بعد أن جرت قرعة المرحلة الثالثة من التصفيات الآسيوية المؤهّلة إلى مونديال 2026، التي أوقعت “أسود الرافدين” في المجموعة الثانية مع كوريا الجنوبية والأردن وعُمان وفلسطين والكويت، اتفقت معظم الآراء على أن مجموعتنا متوازنة ولنا الفرصة التأريخيّة للتأهّل إلى كأس العالم، ولكن شريطة أن يقترن هذا الطموح بالكثير من الجوانب المهمّة في عمليّة الإعداد كي يتحقق (الحُلم) الذي طال انتظاره وهو الوصول إلى نهائيّات المونديال مرّة أخرى بعد غياب دام 40 عامًا!
من المُهمِّ جدًّا أن نعرفَ قبل كُل شيء أن جميع الفرق التي تتنافس معنا في المجموعة لها نفس الطموح الذي نسعى لبلوغه، أي ليس هناكَ أي منتخب تأهّل إلى المرحلة الحاسمة من التصفيات قد جاء للنُزهة أبدًا، بل يحاول بكُل ما يملك من جهد وامكانيّة من أجل ضمان إحدى بطاقتي التأهّل، ولذلك يتوجّب علينا احترام كُل المنافسين، وفي نفس الوقت (العمل) على توفير مستلزمات المواجهة لكُل منتخب بشكل مختلف عن الآخر بحسب مستوى الفريق المنافس مع إيلاء أهميّة لكُل مباراة دون الرضوخ أو التهاون الذي سيكون مُكلِفاً بلا أدنى شكّ!
ومع اقرارنا بوجود فوارق فنيّة بين المنتخبات التي ستتنافس في مجموعتنا، وهو السبب الذي سيجعل الكادر التدريبي حتمًا (يتعامل) مع كُل مباراة في ضوء مستوى الفريق المنافس إلا أن وجوب رفع شعار الفوز في كُل مباراة يجب أن يكون من الأولويّات، بل الهدف الذي نسعى لتحقيقه، خصوصًا وأن التفريط بأيّة نقطة لرُبّما يصعب تعويضها، ولذلك يجب التركيز في جميع المباريات تفاديًا للأخطاء كي نحاول بشكل أو بآخر الحصول على النقاط التي (تضمن) تأهّلنا حتى قبل انتهاء جميع مبارياتنا، وكما (فعلناها) في المرحلة السابقة (الثانية) من التصفيات عندما أصبحت مباراتي إندونيسيا وفيتنام الأخيرتين مجرّد تحصيل حاصل!
لقد مررنا بتجارب عديدة خلال الفترة السابقة (بحُلوِها ومُرِّها) !! ولا بُدَّ أن تكون تلك التجارب دروس نستخلِص منها العِبر، وبالذات في بطولة آسيا الأخيرة، كي نستفيد منها، ومن ثُم تُسهِم في تحقيق طموحنا المُتمثل بالتأهّل إلى نهائيّات كأس العالم، فالفوز مثلاً على اليابان لا بُدَّ أن يمنحنا ثقة كبيرة بإمكاناتنا وقدراتنا التي لا يمكن أن نرى أنفسنا أقلّ قدرة في تحقيق الفوز على أي منتخب آخر من المنتخبات الآسيويّة! وفي الجانب الآخر فإن الخسارة من المنتخب الأردني في مشهد (دراماتيكي) غير منتظر يجب أن يبقى مُعلّقاً في أذهاننا كي لا نكرّر نفس الأخطاء أو نفقد التركيز الذي يجعلنا نفرِّط بالفوز في آخر دقيقتين من المباراة!
لا نريد أن نجعل من مباراتنا مع الأردن (قصّة عنتر) كما يقولون، ولكن من المهمّ جدًّا العودة لاستذكارها في هذه المرحلة الحسّاسَة والحاسِمة التي لا يمكن القبول بأي خطأ قد يؤدّي إلى إهدار فرصة تأريخيّة قد لا تتكرّر ثانية!
وهنا نرى أن الضرورة تقتضي التذكير أيضًا بأن طموحنا في المنافسة يجب أن يرتقي إلى أهميّة الاستئثار بأحّد مقعدي الصدارة وضمان التأهّل المباشر دون (التفكير) أصلاً بالذهاب إلى المُلحق الآسيوي (المرحلة الرابعة) التي ستضمّ اصحاب المركزين الثالث والرابع في المجاميع لأن المنافسة فيها أي في المرحلة الرابعة ستكون مختلفة، بل وأكثر صعوبة ليس فقط من خلال مواجهة منتخبات أقوى وأرفع مستوى من منتخبات مجموعتنا الحالية، بل لأن نظام البطولة يقضي بتأهّل صاحب المركز الأوّل فقط من المجموعة إلى المونديال وهو بحدِّ ذاته أمر ليس بالسهولة التي قد يتصوّرها البعض!
أخيرًا وليس آخراً، تبقى الإشارة إلى أن القرعة قد خدمتنا أيضًا من ناحية الانتقال من دولة لأخرى وتحّمُل عناء السفر خلال مباريات الذهاب إذ أننا لن نعاني من السفر لمسافات طويلة وبعيدة باستثناء مباراتنا مع كوريا الجنوبيّة كوننا نلاعب (دول المنطقة) وهو من الأسباب التي تُسهّل عمليّة إعداد منتخبنا الذي نأمل أن يحظى بمعسكرات ومباريات تجريبيّة رفيعة المستوى كي يصل إلى أعلى مراحل الجاهزيّة التي يجب أن تقترن بالخيارات الصحيحة من أجل تأمين مراكز اللعب المختلفة بعيدًا عن تكرار التجريب لعناصر لم تعد قادرة على العطاء! فالخيارات الصحيحة هي التي ستكون (مفاتيح) النجاح حتمًاً.. ومن الله التوفيق.